الوضع المتأزّم في الجنوب تتحكّم به التطوّرات في رفح الثنائيّ سلّم الردّ على الورقة الفرنسيـّة وتصعيد مسيحيّ في ملفّ النازحين

انتهت فرصة العطل، وعادت الحركة السياسية الى مجراها، في خضمّ خلط اوراق معقد في عموم البلد والاقليم، في ضوء إقدام بنيامين نتنياهو رئيس مجلس الحرب في اسرائيل على احتلال معبر رفح، على مقربة من الحدود المصرية، في خطوة ضغط مستعصية على الفهم، خارج ان المسؤول الاول في اسرائيل يدفع الامور نحو حرب لا تتوقف، بمعزل عن النتائج الميدانية (سوى إلحاق الدمار والابادة بالفلسطينيين)، بالتزامن مع موافقة حركة “حماس” على مندرجات الاقتراح المصري – القطري لتوقيع اتفاقية هدنة، وتبادل للأسرى والمحتجزين، وإنهاء الحرب ولو على فترة تمتد بين اربعة وخمسة اشهر.
وعليه، وبعد الضربات الموجهة التي وجهتها المقاومة للاحتلال جنوباً، تزايدت المخاطر من ضربات اسرائيلية انتقامية، تزيد على ما هو حاصل الآن، في وقت يتحرك فيه مسار الجبهة الجنوبية على وقع ما يجري على جبهة رفح المستجدة.
الرد على الورقة الفرنسية
وسلَّم “الثنائي الشيعي” السفارة الفرنسية الرد على الورقة الفرنسية، ولم يكن الرد بحسب مصادر مطلعة، مشجعاً، وذُكر أن معظم ما ورد في الاقتراح، جرى التعليق عليه، تمهيداً لنسفه مع التأكيد على تطبيق القرار 1701.
ومع متابعة جريمة اغتصاب “الاطفال القصَّار” واستدراجهم عبر التيك – توك، وتوقيف عناصر الرئيسيين الواحد تلو الآخر، وكذلك متابعة الجرائم المتعلقة بالقتل والاغتصاب (تفاصيل ص 5- 8 و18) عادت الى الواجهة حركة الاضرابات، فبدءاً من أمس الأربعاء بدأ عمال ومستخدمو مؤسسة كهرباء لبنان اضراباً تحذيرياً حتى يوم الجمعة، متهمين الادارة بعدم تطبيق اي استحقاق مالي او وظيفي يتعلق بالعمال والمستخدمين.
وسط هذه المعمعة من الجنوب الى الداخل فالشرق والشمال، سارع الرئيس نبيه بري الى تلبية طلب الرئيس نجيب ميقاتي لمناقشة موضوع النازحين، “وذلك من اجل وقف الاستغلال السياسي الرخيص الحاصل في البلد في هذا الملف على حساب المصلحة العامة”، حسبما ابلغ ميقاتي بري خلال المكالمة الهاتفية.
الجلسة النيابية
ولهذا الغرض، دعا الرئيس بري الى عقد جلسة مناقشة نيابية حول الموقف من الهبة الاوروبية، الاربعاء المقبل في 15 ايار 2024، عند الساعة الحادية عشرة.
ولفتت مصادر سياسية مطلعة إلى أن مناقشة موضوع الهبة الاوروبية المقدمة إلى لبنان، في مجلس النواب قبل سلوكه أي اتجاه آخر، هدفها منع تفجير الحكومة، لكنها رأت أن هذه الجلسة تشهد مواقف مرتفعة السقف ولن تخلو من تبادل الاتهامات الا اذا عمل رئيس مجلس النواب على ضبط إيقاعها. وتردد أن عددا من الوزراء كان قد طلب بعض الايضاحات ومن بينهم وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين الذي أرسل ملاحظات خطية، وقال:
“إذا كانت الهبة الأوروبية مشروطة واعتقد بأنها مشروطة باقفال المنافذ البحرية في وجه النازحين السوريين المهاجرين بقوارب مطاطية تشكل خطرا على حياتهم فأنا ارفضها وأطالب بالمقابل تسريع تسيير قوافل شرعية بحرية للنازحين بواسطة سفن كبيرة لديها مواصفات السلامة البحرية وتكون وجهتها كندا وامريكا الشمالية والجنوبية واستراليا وباقي الدول الأعضاء في منظمة حقوق الإنسان الـ١٩٤، إن هذه القوافل محمية بالقوانين والأعراف الدولية التي تسمح باللجوء إلى أي دولة من دول منظمة حقوق الإنسان.
اذا الهبة هدفها إبقاء النازحين السوريين في لبنان، فأنا ارفضها وأطالب بالضغط في بروكسيل وكافة المحافل الدولية والعربية:
1- عدم تدخل الاتحاد الأوروبي لمنع تنفيذ خطة وزارة المهجرين بالعودة الطوعية التدريجية المبرمجة ١٥ الف كل شهر وبالتنسيق الرسمي مع الجانب السوري سيما أنهم اي الجانب السوري وافق على ورقة التفاهم المشتركة بيننا وبينهم.
٢- موافقة الاتحاد الأوروبي ودعمنا في طلب تسديد المساعدات المادية والعينية والطبية وسواها إلى النازحين السوريين العائدين في سوريا داخل سوريا.
3- طلب رفع الحصار الجائر عن سوريا لانه العائق الأساسي في وجه العودة إلى ديارهم”.
تصعيد مسيحي
ولاحظت مصادر معنية ان تصعيداً مسيحياً انطلق للمطالبة بترحيل السوريين، وبدأ التيار الوطني الحر تحركاً لمواجهة النزوح السوري، فزار موفد نيابي من كتلة التيار وزير الخارجية عبد الله بو حبيب وسفيرة الاتحاد الاوروبي في لبنان، على ان يزور الوفد اليوم الرئيسين بري وميقاتي للغاية نفسها.
قواتياً، اعتبر رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان (عضو كتلة الجمهورية القوية)، في مؤتمر صحافي، “ان ملف الوجود السوري من أكبر القضايا التي نواجهها لأنه يطال الهوية والكيان وله انعكاسات على الاقتصاد وعلى معيشة اللبنانيين”. وأعلن ان لجنة الإدارة والعدل عقدت 21 اجتماعًا عدا عن اجتماعات اللجان الفرعية في حضور عدد من الوزارات والأمن العام
وتابع: “كلّ سوري لا يملك إقامة يجب إعادته إلى سوريا، ولجنة الإدارة والعدل رفعت توصية إلى الحكومة اللبنانية بتاريخ 5/12/2023 لتعمل على تنفيذها”. ورأى ان “الوجود السوري في لبنان غير شرعي، ولا يحاولنّ أحد بما فيها المفوضية العليا لشؤون النازحين تصنيف الأمر بطريقة أخرى، ومن لديه أي اقتراح فليتفضّل باستقبال النازحين في بلده وليطبّق عليهم التوصيفات التي يريدها”.
وعلم ان وفدا من كتلة القوات يزور مفوضية اللاجئين اليوم، في اطار سلسلة تحركات ضاغطة بدأتها القوات للمطالبة باعادة السوريين الى بلادهم لان لبنان ليس بلد لجوء، وهي ستشمل ايضا الوزارات المعنية وصولا الى تحركات شعبية.
الورقة الفرنسية
على صعيد الورقة الفرنسية، لحل الأزمة في الجنوب، كشفت مصادر مقربة من محور الممانعة عن “أن الثنائي الشيعي أنهى الرد عليها بعد دراسة بنودها، من قبل معاونَي رئيس مجلس النواب نبيه بري، علي حسن خليل، والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، حسين خليل، وتدوين الملاحظات وأخذ موافقة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لتعود الورقة من جديد إلى بري الذي سيسلمها ديبلوماسيا خلال ال ٤٨ ساعة المقبلة، إلى السفارة الفرنسية في بيروت، التي بدورها سترسلها إلى قصر الإليزيه، لقراءة التعديلات اللبنانية والتحضير لجولة ثانية من المباحثات غير المباشرة بين بيروت وتل أبيب”.
وبحسب المصادر عينها، فإن “الثنائي الشيعي رغم تعاطيه الإيجابي مع المبادرة الفرنسية، إلا أنه وضع ملاحظاته على بعض بنودها، مجددا القول إن “حزب الله” لن يوقف حرب الإسناد قبل وقف اسرائيل حربها على غزة، وبالتالي الورقة غير قابلة للتنفيذ في الوضع الراهن وهي قابلة للنقاش بعد وقف اسرائيل حربها على غزة”.
وكشفت أن “الخليلين اشارا في الملاحظات على ضرورة تطبيق القرار ١٧٠١ بكل مندرجاته وإلزام اسرائيل به، وأن البند المتعلق بتراجع قوة الرضوان إلى جنوب الليطاني غير قابل للتنفيذ، باعتبار المقاومة هي جزء لا يتجزأ من أبناء القرى والبلدات الحدودية”.
وأكدت المصادر نفسها أن “الثنائي الشيعي لن “يبيع” لفرنسا حلا في ظل وجود حراك أميركي جدي، لحل مسببات الصراع اللبناني الاسرائيلي، وان جهود المبعوث الاميركي آموس هوكشتين لن تتوقف منذ أكثر من سنة، لبلورة تفاهم طويل الأمد”.
وفي المقابل رأت مصادر معارضة، أن “الثنائي الشيعي يدرك أن الحراك الفرنسي لن يؤدي إلى نتيجة، باعتبار فرنسا دولة فاقدة التأثير في ما يجري في الشرق الأوسط، وهي لا تتحرك دون إشارة أميركية”.
مجموعة التيكتوكرز
تتهاوى ساعة بعد ساعة مجموعة التيكتوكرز التي استدرجت أطفالاً، واعتدى أفراد منها عليهم. وآخر تطورات هذه القضية اتهام محام من طرابلس يدعى ط. مرعب بأنه متورط مع المجموعة. وصدر بيان من نقابة محامي الشمال بهذا الخصوص، جاء فيه:
“ان نقابة المحامين في طرابلس ،وإثر الكشف عن الشبكة الإجرامية الشاذة لإغتصاب القاصرين في لبنان وتهديد امنهم ومستقبلهم توضح الآتي: تتوجه النقابة بالشكر للقضاء والأجهزة الامنية الذين يعملون على كشف ملابسات القضية”.
واضاف: “تؤكد النقابة بأنها لن تتوانى عن إتخاذ ايّ قرار او إجراء من شأنه ان يُسهم في كشف هذه العصابة ومحاسبتها وفق الاصول القانونية والنقابيّة”.
وتابع البيان: “تؤكد النقابة بأن ما يتم تداوله عن تورّط احد المحامين لم يُثبت حتى الآن ولم يتم توقيفه، علماً ان النقابة لن ترضى بتعرّض ايّ من المحامين للإتهام إلا وفقاً للأصول، وفي حال ثبت تورّط ايّ محامٍ ستعمل على إتخاذ الاجراءات اللازمة لإحقاق الحق وفق الوسائل القانونية المتاحة”.
وختم: “كما يطالب مجلس النقابة بتعزيز القوانين التي ترعى حقوق الطفل والقاصرين وتنفيذها بشكلٍ فعال لحمايتهم وتوفير بيئة آمنة وصحية لهم، كما يدعو جميع الأطراف المعنية الى إحترام هذه الحقوق والدفاع عنها”.
الوضع الميداني في الجنوب
ميدانياً، تدهور الوضع على الجبهة الجنوبية على نطاق واسع، وأدت عملية حزب الله ضد موقع للجيش الاسرائيلي في المطلة قبل أيام الى مقتل ضابطين، وجرح عدد من الجنود باعتراف الجيش الاسرائيلي، ثم استهدف الحزب ثكنة يفتاح وضربت مسيرات منصات القبة الحديدة، كما استهدفت راموت نافتالي بمسيرات اصابت تجمعات العدو، والقت الطائرات الحربية بالونات حرارية في اجواء موقع السماقة في تلال كفرشوبا، الذي استهدفته الثلاثاء مدفعية المقاومة الاسلامية.
وشنت الطائرات المعادية غارات على بلدة عيتا الشعب، وكذلك بلدتي بليدا ومارون الراس. كما استهدف الطيران الحربي الاسرائيلي المعادي عدواناً جوياً عنيفاً، بسلسلة غارات (8 غارات) واستهدفت مرتفعات واودية منطقتي اقليم التفاح وجبل الريحان، وتركزت بمحيط نبع الطاسة، ومزرعة عقماتا وبلدتي اللويزة ومليخ.
يأتي هذا التصعيد تزامناً مع جملة تطورات ميدانية شهدها قطاع غزة، وكان أهمها سيطرة قوات الاحتلال على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، بعد توجيه إنذار إلى السكان في شرق قطاع غزة، بوجوب مغادرة المنطقة إلى أمكن اعتبرت “آمنة” بالمفهوم الإسرائيلي.
وأكد مصدر رفيع المستوى، أن الوفد الأمني المصري حذر نظراءه في إسرائيل من عواقب اقتحام معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني، وطلب وقف هذا التحرك فورا، مشيرا إلى أن الجهود التي تقودها مصر لا زالت تتواصل لوقف التصعيد بين الطرفين.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، يوم الثلاثاء، أنه تم إجلاء الغالبية العظمى من السكان بمنطقة العمليات العسكرية في رفح الفلسطينية، مشيرا إلى أنه سيطر من الناحية التشغيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في جنوب قطاع غزة، مُضيفًا أن القوات الخاصة تمشط المنطقة.
وأضاف جيش الاحتلال أن قواته كانت تعمل منذ ليل الإثنين، في منطقة محددة في شرق رفح، حيث جرى إجلاء معظم السكان وبعض المنظمات الدولية.
يأتي ذلك فيما دخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ214 على التوالي، وسط قصف عنيف على مدينة رفح الفلسطينية وغارات طالت مدينة غزة وشمالها في محيط منطقة اليرموك وشرقي جباليا وبيت لاهيا، وبيت حانون، ما أسفر عن استشهاد واصابة عدد من المواطنين الفلسطينيين.
وذكرت مصادر فلسطينية أن القوات الإسرائيلية التي تقدمت إلى معبر رفح قتلت 50 فلسطينياً على الأقل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com