العودة إلى الطائف

اخبار جريدة المستقبل

بُحّ صوتنا، في هذه الزاوية بالذات، ونحن نطالب بتطبيق الدستور بحذافيره، في ما يتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية، وننشر موادّ من هذا الدستور، واضحة ولا لبس فيها. ولم نكن ننسّق مع الأحزاب، ولا مع البطريركية المارونية، لنكرّر ما يقولونه، بل كنا ننطلق من حياديّة تامة، والتزام بالنصّ، فقط لكي لا يضيع لبنان، ويصبح الدستور وجهة نظر، كلّ فريق يفهمها على طريقته. والأصل في الدساتير أن “توضِح” الأمور ولا تجعلها “ملتبسة”. وكل القانونيين والدستوريين يعرفون ذلك، فلماذا غفلت هذه الحقيقة عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، بينما كان يدعو إلى الحوار، من أجل انتخاب رئيس؟ وهو يعرف أن الحوار شيء والانتخاب شيء آخر، فإمّا أن ينص الدستور على الانتخاب، أو ينص على الحوار من أجل الانتخاب. والخيار الثاني لا وجود له قطعاً. وعلى الرغم من أنّ الرئيس بري يقر بالجلسات المفتوحة حتى انتخاب رئيس، فهو يقول: “اللي عنده بديل عن الحوار يتفضّل… حدا يقلّي أيّ رئيس جمهورية وصل بلا حوار”.
إنها العودة على بدء، وكأنّ شيئاً لم يكن، فلا خماسيّة، ولا سداسيّة، ولا تراجع في الموقف

الموقف الفرنسي. وجميع المسؤولين اللبنانيين الآن يعرفون أنّ بيان الخماسية في ختام اجتماعها في الدوحة، في تموز الماضي، كان القطرة التي أفاضت الإناء، وأحدثت صدمة لدى القيادات السياسية اللبنانية، وعلى رأسها الثنائي الشيعي وحلفاؤه في محور الممانعة. فقد أغفل ذلك البيان الدعوة للحوار كشرط لانتخاب رئيس للجمهورية، وركّز على الالتزام بالدستور كممرّ إلزامي لانتخابه.
وهل في كلام الخماسية أي شيء يدل على الحوار شرطاً للانتخاب؟ بالعكس، هو يعتبر أن الالتزام بالدستور ممرّ إلزامي. والشاطر يفهم!
وعلى الرغم من تأكيد برّي على أن “مرشّحنا هو سليمان فرنجية وحتى الآن ليس من خيار ثان”، فإنه أعطى الحوار مدة اقصاها سبعة ايام، و”إذا لقينا بعد يومين ما في توافق منروح مباشرة على دورات مفتوحة”.
من المستبعد أن يكون الرئيس بري قد سلّم بمطالب المعارضة لإجراء دورات مفتوحة، وهو ما يشدّد عليه بالأخصّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وحزبا القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية. والرئيس برّي عاد إلى هذا الخيار ولو متأخراً، بعد مطالعة بيان اللجنة الخماسية، والرسائل القطرية والفرنسية بهذا الخصوص، وتراخي إيران التي لا تريد إغضاب المملكة العربية السعودية، كما تبدي استعدادها للحوار مع الغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة، ما يمكن أن يفتح عهداً جديداً من العلاقات والتنمية، ليس في حساب أطراف الممانعة الذين يتصرفون بملكية أكثر من الملك نفسه. وأغلب الظن أن هؤلاء سيكونون في الساحة بمفردهم، لو عادت الأمور إلى مجاريها بين طهران وواشنطن.
ويبقى السؤال: هل ستسفر الجلسات المفتوحة عن انتخاب رئيس؟
من يدري؟ فقد تستغرق الجلسات أطول من عمر الإنسان. لكنّ الأساس هو المبدأ والحق والقانون. وهذا المبدأ انتصر في النهاية، على الرغم من المماطلة والتأجيل وتضييع البوصلة، لغايات ليست بتاتاً في مصلحة البلاد.
ج.د

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com