بالأسماء… ضحايا الغارة الإسرائيليّة الأخيرة على الضاحية الجنوبيّة مساعي التهدئة تسابق العودة إلى حرب الاغتيالات بين إسرائيل وحزب الله

عاد الهاجس الأمني وبقوة إلى مقدِّم الاهتمامات الداخلية مع تطور خطير تكرر ثانيةً في أقل من أسبوع وهو استهداف إسرائيل الضاحية الجنوبية وهذه المرة من دون سابق إنذار.
فمَن هو حسن علي بدير الذي استهدفته إسرائيل فجر الثلثاء؟ الجواب على هذا السؤال يكشف خلفية الغارة التي استهدفته وأدّت إلى مقتله ونجله، واثنين آخرين، بينهما امرأة، وجرح عدة آخرين.
بدير هو معاون مسؤول الملف الفلسطيني في “حزب الله” وشقيق مسؤول الإعلام الحربي في الحزب واستهدفته الغارة أثناء وجوده في منزله.
الجيش الإسرائيلي اعتبر في بيان مشترك مع جهاز “الشاباك” أن “الغارة استهدفت مسؤولاً في “حزب الله”، أرشد مؤخراً عناصر من “حماس” وساعدهم في التخطيط لهجوم كبير ووشيك ضد مدنيين إسرائيليين”.
وأضاف البيان أنه “نظراً للتهديد المباشر الذي شكّله هذا الشخص فقد تحرّك الجيش والشاباك لتصفيته وإزالة التهديد”.
وبحسب القناة 14 الإسرائيلية فإن أجهزة الأمن الإسرائيلية تلقت معلومات بأن بدير كان يخطط لعملية ضد طائرة إسرائيلية في قبرص.
وإثر الاغتيال ولإعطاء صدقية عن أهمية الشخص ومسؤوليته، نُشِرَت صورة لبدير إلى جانب قائد “فيلق القدس” السابق قاسم سليماني، ومسؤول “الحشد الشعبي العراقي” أبو مهدي المهندس، على متن طائرة خاصة.
ووفق معلومات موثوقة، فبدير كان يلقب بـ “الحاج ربيع” وكان يشغل منصب “معاون مسؤول الملف الفلسطيني” في “لحزب”، ونادراً ما كان يزور بلدته النميرية في محافظة النبطية.
الاتصالات الرئاسية
بالعودة الى الغارة الثانية على الضاحية منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الفائت فقد اعتبرها رئيس الجمهورية جوزاف عون إنذاراً خطيراً حول النيات المبيَّتة ضد لبنان، وقال إن التمادي في العدوانية يقتضي منا المزيد من الجهد لمخاطبة أصدقاء لبنان في العالم وحشدهم دعماً لحقّنا في سيادة كاملة على أرضنا.
ورأى رئيس مجلس النواب نبيه بري في الهجوم محاولة إسرائيلية بالنار والدماء والدمار لاغتيال القرار الأممي ونسف آليته التنفيذية التي يتضمنها اتفاق وقف إطلاق النار، في حين اعتبر رئيس الحكومة نواف سلام أن العدوان يشكل انتهاكاً صارخاً للقرار 1701 وخرقاً واضحاً لترتيبات وقف الأعمال العدائية.
وعلم أن اتصالات رئيس الجمهورية بالأميركيين على مدى اليومين الماضيين لم توصل إلى قرار حاسم من واشنطن بالمون على إسرائيل لوقف القصف، في حين وعد الأميركيون فقط لبنان بفعل كل ما بوسعهم لتخفيف حدة التوتر، بينما يمنح الأميركي الحق لإسرائيل بضرب أهداف داخل لبنان.
مصادر متابعة، وضعت التصعيد الإسرائيلي في خانة الضغط على لبنان قبيل زيارة نائبة الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، من أجل تحقيق أهداف معيّنة، وهي الزيارة التي لم يحدد موعدها بعد بدقة.
وأفادت هذه المصادر بأنّ التواصل مستمرّ بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس ورئيس الحكومة، لتنسيق الموقف قبل الزيارة، وبعدما زار سلام قصر بعبدا الاثنين والتقى رئيس الجمهورية، قبل التوجّه إلى عين التينة للقاء الرئيس بري.
وتشير معلومات إلى أن اجتماع عون وسلام بحث في سبل مواجهة تحديات المرحلة المقبلة وتم الاتفاق على تعزيز الحضور في منطقة جنوب الليطاني وضبط الأمن والاستمرار بالتواصل مع الأميركيين رعاة اتفاق الهدنة.
من جهتها، أكدت مصادر السراي استمرار اتصالات رئيس الحكومة مع الخارج للضغط على إسرائيل ومنعها من جعل لبنان مجدداً ساحة مستباحة، مشدّدة على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية كي تتمكّن الدولة اللبنانية من تعزيز قدراتها وتثبيت الأمن والاستقرار.
“حزب الله” … ردود بالجملة
وبُعيد الغارة على الضاحية، تولّى نواب من “كتلة الوفاء للمقاومة” الظهور للتذكير بمواقف “الحزب”، ولم تخلُ هذه المواقف من التهديد والتهويل، والموقف الأبرز جاء على لسان النائب ابراهيم الموسوي الذي قدَّم “اجتهاداً” اعتبر فيه أن ما يُروّج له العدو، حول وجود مقاوم في الشقق المدنية ليس مبرراً قانونياً، حيث يمنع القانون الإنساني ومعاهدة جنيف استهداف الأفراد حتى لو كانوا مقاتلين، عندما لا يكونون في الجبهة أو في حالة انسحاب.
النائب علي عمار اعتبر أن “حزب الله” يمارس أقصى درجات الصبر في التعامل مع العدو، إلا أن لهذا الصبر حدوداً مؤكداً جاهزية المقاومة لمواجهة أي عدوان جديد.
محاولات التنصل من المسؤولية
مصادر دبلوماسية وضعت المواقف المنتقدة لرئيسي الجمهورية والحكومة في خانة إبعاد المسؤولية عن “حزب الله” وإلقائها على رئاستي الجمهورية والحكومة. وسألت هذه المصادر: ماذ يمكن أن يفعل لبنان الرسمي أكثر مما فعله؟ وتابعت: حتى وزير الخارجية ماذا يمكن أن يفعل غير إصدار بيان استنكار وإجراء اتصالات؟ حتى لو أجرى اتصالات وأصدر بيانات، فماذا يمكن أن تقدّم؟
وختمت هذه المصادر: “بدل سياسة النكد، لتفتِّش قوى الممانعة عما يمكن أن تقوم به للتخفيف من حدة الخسائر على لبنان والتي يبدو أنها ستستمر في ظل السياسة الانفعالية التي ينتهجها الحزب”
بالأسماء ضحايا الغارة
وكانت الغارة العنيفة على حيّ ماضي في الضاحية الجنوبية فجر الثلاثاء قد اوقعت عددا من الضحايا، بينهم القائد الرفيع في حزب الله حسن بدير.
وهذا هو الهجوم الثاني على الضاحية في أقل من أسبوع، في حين تحججت إسرائيل هذه المرة بإحباطها هجوما “على المدى الزمني الوشيك” كان يخطط له حزب الله ضد مدنيين إسرائيليين، من دون أن توضح تفاصيل هذا الهجوم المزعوم ولا مكانه.
والشهداء هم: حسن بدير، قائد عسكري في حزب الله، من بلدة النميرية جنوب لبنان،
علي حسن بدير، نجل حسن بدير، من بلدة النميرية جنوب لبنان،
هيام محمود، من بلدة الدوير جنوب لبنان،
أحمد محمود، من بلدة الدوير جنوب لبنان.
أسماء الجرحى: سامية ابراهيم، حسن ابراهيم، علي عبد الخليل، إيمان حلال، منى امين يونس، لينا حلباوي ، وياسر حسين المقهور.
وأدى الصاروخ الإسرائيلي إلى دمار كامل في شقتين كاملتين من المبنى.
وفد قواتي في طرابلس
في طرابلس، استقبل النائب اللواء أشرف ريفي، في مكتبه، وفدًا من “القوات اللبنانية”، ضمّ النائبين إيلي الخوري وفادي كرم، النائب السابق جوزاف إسحاق، ومنسق منطقة طرابلس في “القوات” فادي محفوض، إلى جانب عدد من المحازبين.
وحضر اللقاء أيضًا العميدان جمال ناجي ومروان الأيوبي، وتناول الطرفان المستجدات الوطنية والملفات المرتبطة بمدينة طرابلس والشمال، حيث جرى بحث معمّق في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية التي تهمّ المنطقة، إضافة إلى التحديات التي تواجهها طرابلس، لا سيما على صعيد الإنماء والخدمات.
وأكد المجتمعون “أهمية التعاون بين مختلف القوى السيادية من أجل تعزيز الاستقرار وترسيخ الشراكة الوطنية”، مشددين على “ضرورة العمل المشترك لحماية لبنان من المخاطر المحدقة به، سواء على الصعيد السياسي أو الأمني أو الاقتصادي”.
وشدد الحاضرون على “استمرار التنسيق والتعاون بين مختلف القوى الوطنية من أجل مواجهة التحديات الراهنة، والسعي إلى تحقيق الإصلاحات الضرورية التي تضمن مستقبلًا أفضل للبنانيين عمومًا ولأبناء طرابلس والشمال خصوصًا” .
كما تم التطرق إلى “الواقع المعيشي الصعب الذي يعيشه أبناء طرابلس والشمال، وضرورة تكثيف الجهود لتخفيف الأعباء عن المواطنين، عبر تفعيل دور الدولة ومؤسساتها، والعمل على تأمين الخدمات الأساسية، خصوصًا في ظل الأزمات المتفاقمة التي يعاني منها لبنان” .
وقال النائب الخوري بعد اللقاء: “نجدد تعاوننا مع اللواء ريفي ونؤكد التزامنا بالمسيرة النضالية، وزيارتنا لمعالي الوزير الصديق أشرف ريفي تأتي في سياقها الطبيعي”، مشددًا على متانة العلاقة بين الجانبي.
اضاف: “الوزير ريفي حليف وصديق عزيز، واليوم جئنا لتهنئته بمناسبة عيد الفطر السعيد، بحضور زملائنا النواب ورفاقنا في الحزب، فادي كرم وجوزاف إسحاق، إضافة إلى المنسق فادي محفوض وعدد من الرفاق والرفيقات”.
وأشار الى أن “المرحلة الحالية تتطلب تكاتف الجهود، ونحن اليوم في هذه الدار الوطنية العريقة، نجدد تعاوننا ونؤكد استمرار مسيرتنا النضالية المشتركة. ورشتنا الحقيقية بدأت الآن، بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، وهو ما نعتبره استعادة جزئية للوطن، لكن أمامنا الكثير من العمل لإنجاز الاستحقاقات الوطنية الكبرى” .
وفي معرض رده على التصعيد الإسرائيلي المتواصل، قال الخوري: “العدو الإسرائيلي دائمًا ما يختلق الذرائع لتبرير اعتداءاته، وآخرها القصف الذي طال بيروت والجنوب. لكن جوهر المشكلة يكمن في الداخل اللبناني، وهو ما عبّرنا عنه بوضوح داخل الحكومة من خلال وزرائنا الذين قدّموا خطة متكاملة وحددوا سقفًا زمنيًا لا يتجاوز تسعة أشهر لمعالجة ملف السلاح، مطالبين حزب الله بمساعدة الجيش اللبناني والحكومة على تنفيذ القرار 1701” .
وأضاف: “الإسراع بتنفيذ هذا القرار وسحب الذرائع من إسرائيل يشكلان المدخل الأساسي لحماية لبنان. كما ندعو حزب الله، بجناحيه السياسي والعسكري، إلى الالتحاق بالدولة اللبنانية، وتسهيل مهمة الجيش والقوى الأمنية في بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها” .
بدوره قال ريفي: “نرحب بالزملاء والاخوة في مكتبهم، شراكتنا مع القوات الاستراتيجية مستمرة، ونسعى لتعزيز المشاركة الوطنية في طرابلس، والمسيرة الوطنية الاستراتيجية التي انطلقت مستمرة بثبات، والتحالف بيننا وبين القوات اللبنانية هو امتداد لمسيرة نضالية طويلة. ونحن معا ومع الاحرار في البلد واجهنا النظام السوري، وعندما تعرض ابناء المدينة للاضطهاد من النظام السوري لجأوا إلى المنطقة الشرقية التي كانت تحت سيطرة القوات اللبنانية، واليوم نحن امتداد لذلك الخط النضالي الذي نؤمن به” .
وأضاف: “الشراكة بيننا وبين القوات اللبنانية أثمرت إنجازات مهمة، لعل أبرزها منع “حزب الله” من إيصال رئيس جمهورية تابع له، الأمر الذي كان سيؤدي إلى تمديد الأزمة وأخذ البلاد إلى الهاوية. واليوم، نجحنا في المحطة الأولى بانتخاب رئيس نراهن عليه كثيرًا، وشُكِّلت حكومة بعيدة عن الإطار التقليدي، ضمت أربعة وزراء من “القوات اللبنانية”، المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة” .
أضاف: “لا بد ان اؤكد انه في السابق، خلال شهر رمضان، كانت الكهرباء تنقطع عن طرابلس أثناء الإفطار والسحور، أما اليوم، فقد حرص وزير الطاقة على تأمين التيار الكهربائي لمدينة طرابلس وجوارها بشكل مستمر خلال هذا الشهر، وهذا إنجاز يُحسب للوزير وللقوات اللبنانية، كما ارتفعت ساعات التغذية اليومية في المدينة من ساعة أو ساعتين في السنة الماضية إلى ما بين 9 و12 ساعة على عهد وزير الطاقة الحالي، وهذا يؤكد أننا نسير في الاتجاه الصحيح” .
وأشار إلى أن “تأمين الخدمات الأساسية هو حق للمواطن وليس منّة من أحد”، قائلًا: “الكهرباء والمياه ليستا هبة، بل حق لكل مواطن، وهذا هو النموذج الذي نعمل على ترسيخه، حيث تكون الدولة مسؤولة عن تأمين حياة كريمة لشعبها” .
وفي ملف السلاح غير الشرعي، شدد ريفي على أهمية تطبيق القرار 1701، مؤكدًا “ضرورة وضع جدول زمني واضح لتنفيذه”، وقال: “القوات اللبنانية طرحت ملف تسليم السلاح، وهو مطلب وطني بامتياز. يجب أن يكون هناك قرار واضح ونهائي بأن السلاح يجب أن يكون حصريًا بيد الدولة اللبنانية، لأنه لا يمكن لأي دولة في العالم أن تمتلك جيشين وسلاحين” .
وردا على سؤال حول الانتخابات البلدية والمشاركة الوطنية قال: “اؤكد دعمي الكامل والمطلق لمبدأ الشراكة الوطنية في إدارة المدن”، مشيرًا إلى التجربة السابقة في طرابلس “التي لم تشهد مشاركة واسعة للمسيحيين والعلويين في المجلس البلدي، وهذا امر مرفوض منا ومن العديد من ابناء المدينة، لذا اطلب من جميع قيادات المدينة وابنائها ضرورة المشاركة المسيحية والعلوية في المجلس البلدي، ومن مسؤوليتي وواجبي الوطني اقدم اقتراحًا عمليًا لكل المعنيين في المدينة لكي يتم الاتفاق على أسماء محددة من المسيحيين والعلويين بين اللوائح الاساسية لضمان وصولهم إلى المجلس البلدي، على ان يتم اختيار الاسماء من المرجعيات الروحية” .
الإفراج عن لبناني في السعودية
تم الإفراج عن المواطن اللبناني حيدر سليم الذي كان موقوفًا في السعودية، بعد جهود دبلوماسية حثيثة.
وجاء هذا الإفراج نتيجة للمتابعة المستمرة التي بذلتها الجهات الرسمية اللبنانية، وعلى رأسها رئيس الجمهورية ومدير عام الأمن العام اللواء حسن شقير، اللذان عملا بجهد لضمان عودة سليم إلى وطنه بعد فترة من التوقيف.
وكان سليم قد أُوقف أثناء تأديته مناسك الحج قبل ثلاث سنوات بسبب ترديده شعارات مذهبية، ما أثار تحركات من قبل عائلته التي طالبت مرارًا بالإفراج عنه، وهو ما تحقق اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com