إلى أبناء وبنات أبرشيَّة مار مارون في اوستراليا ونيوزلاندا وأوقيانيا
حول الأوضاع المستجدة والخطيرة في لبنان.
“أنت يا ربُّ تحفظُنا وللأبد من هذا الجيل تحمينا” (مز 12: 8)
أحبائي في المسيح، أمير السلام،
أتوجَّه إليكم اليوم أيًّها الأحبّاء، على ضوء الأوضاع المأساوية والمتسارعة التي يعيشها وطننا الأمّ لبنان، والتي تُهَدِّدُ أمنه وسلامة أبنائه وهويَّته الثقافيَّة ورسالته التاريخيَّة.
يحمل شعب لبنان صليبَ الحروب المتكررة والازمات الوطنيَّة الصعبة منذ سنة 1975. ونحن اليوم في زمن الصليب المقدَّس بحسب طقسنا الليتورجي الماروني الإنطاكي نتأمل بالمعاني الروحيَّة والنهيويَّة وأبعاد أسرار الخلاص والمجيء الثاني، لأنّ الصليب ينير طريق المؤمنين كونه ليس رمزاً للانتصارِ والخلاصِ وحسب بل هو “مشروع حياة”.
و”مشروع الحياة” هذا يُترجَم إرادة اللبنانيين في مواجهة ثقافة الحرب والموت التي تهدِّد وجودهم ومستقبل وطنهم. وكما يقول القديس بولس الرسول: “أن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، أمّا عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله”(1كور 1:18). فالصليب هو قوة وانتصار على الشّر وبنورٍ منه تثبت خطانا في اتِّباعنا يسوع المسيح وإيماننا به حتى نصبح وارثين معه ملكوت الآب السماوي.
يعيش الشعب اللبناني في خِضَمِّ حربٍ غير مسبوقةٍ لم يخترها، ويومياته مثقلة بالهموم المعيشية الإقتصادية والتَحَديات الأمنية والسياسية وليس بإمكاننا إلا أن نشعر معهم. فمِن تردّي الأوضاع المعيشيَّة التي طالتْ معظم اللبنانيين بعد أزمة المصارف والانهيار الكبير لليرة، إلى تعطيل المؤسسّات الدستوريَّة وعدم الدعوة إلى انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، الى أزمة النزوح السوري وتداعياتها وإلى غياب أيِّ مبادراتٍ جدّية للحلِّ في الأفق، وبالتالي، يعاني اللبنانيون الأمرَّيْن. وبالإضافة الى كل هذا، وجد اللبنانيون أنفسهم اليوم أمام صليب جديد مؤلم يُفرَض عليهم وهو هذه الحرب الشرسة التي أدخلتْ الخوفَ والذعرَ والمجهول إلى قلوبهم.
وقد أدّى اشتداد الحرب وكثافة الاعتداءات الإسرائيليّة على جنوب لبنان والبقاع وبعض مناطق بيروت إلى سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى ونزوح مئات الآلاف من السكّان إلى مناطق آمنة في بيروت وجبل لبنان والشمال وحتى إلى خارج لبنان. هذه المأساة الجديدة والمخيفة تضاف الى ما تعيشه المنطقة من حروبٍ مُدَمِرَّة خاصَّةً تجاه الشعب الفلسطني في الاراضي المقدسة.
لذلك، رأيت من الضروري أن أتوجَّه اليكم أيها الأحباء، بالشكر أولاً لأنكم كنتم وما زلتم السبّاقين في العطاء الإنساني والتضامن الأخوي. فجاليَّتنا الأوستراليَّة – اللبنانيَّة تفخر بكرمها ووقوفها الى جانب الإنسان المظلوم والمعذَّب والمحتاج أينما كان. لذلك، وتجاوباً مع نِداء غبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، الذي يدعونا الى تضامن العائلة اللبنانية في مواجهة الكارثة الإنسانيّة الحالية، أدعو أبنائنا وبناتنا في كلِّ الرعايا المارونيَّة إلى الخطوات التاليّة:
أولًا: تخصيص ساعات السُّجود في كل رعايانا المارونيَّة من الآن وحتى البدء بتساعيَّة عيد الميلاد المجيد، للصلاة من أجل وقف الحرب على لبنان والاراضي المقدسة، وحَلِّ النزاعات بتغليب لُغَة المنطق والعقل والحوار على لُغَة العنف حتى يعود السلام والإستقرار ويهنأ إنسانُنا بعيشٍ كريمٍ ومُسْتَقِر.
ثانيًا: تخصيص نوايا القدّاسات في عيد الورديَّة المبارك، أي في الأحد الأوَّل من شهر تشرين الأوَّل للغاية نفسها، أي لوقف جولات العنف والحرب وعودة السلام الى منطقة الشرق الأوسط خاصَّةً في لبنان. كما ندعو إلى تنظيم تطوافات وزياحات على هذه النيَّة. كما نُشَجِّع أبناءنا وبناتنا على صلاة المسبحة الورديَّة كأفرادٍ أو كعائلات خلال هذا الشهر المبارك للنوايا عينها.
ثالثًا: في عيد الورديَّة المُقَدَّسَة، نرجوا أن تُجْمَع الصينيَّة الثانيَّة في كلِّ القداسات وفي كلِّ الرعايا، أي نهاري السبت والأحد 5 و 6 تشرين الأوَّل، لمساعدة النازحين اللبنانيين من المناطق المتَضَرِّرة للمساهمة بتأمين الحاجات الضروريَّة لهم من طعامٍ ودواء ومستلزماتٍ متنوِّعة وما شابه.
أخيراً: حفاظاً على سلامتكم أدعوكم للالتزام بتوجيهات دائرة الهجرة في الحكومة الأوستراليَّة وعدم السفر الى لبنان. وبالتالي على المواطنين الأوستراليين المتواجدين في لبنان المغادرة فوراً، أو الإتصال بالسفارة الأوسترالية في بيروت لهذا الغرض. وللمزيد من المعلومات الرجاء زيارة موقع:
Smarttraveller on www.smarttraveller.gov.au
أُصَلّي معكم جميعًا، طالبًا من الله، أنْ ينتصر الحقُّ وتَتَوَقَّف العمليّات العسكريَّة ويُخَيِّم السلام على الأرض وفي القلوب، بشفاعة العذراء مريم، ملكة السلام وسيِّدة لبنان.
حمى الله لبنان وشعبه.
مع محبَّتي وصلاتي،
+ أنطوان شربل طربيه
راعي أبرشيّة اوستراليا،
نيوزيلاندا وأوقيانيا المارونيَّة