من المؤكد ان لبنان، سواء في ما خص الحرب التي تشنها عليه اسرائيل، او ما خص إنهاء الوضع غير الصحي على مستوى اعادة بناء المؤسسات، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية (مع التأكيد ان الشق الداخلي شأن لبناني) حظي باهتمام القمة العربية – الاسلامية غير العادية، التي انهت اعمالها في الرياض الثلاثاء، وسجلت خطوة مهمة في إطار دعم مطالب لبنان والوقوف الى جانبه، تمثلت باللقاء بين ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والرئيس نجيب ميقاتي، حيث جرى البحث في الوضع الراهن بكل عناصره، لا سيما لجهة الحرب الاسرائيلية ضده، وما يترتب لوقف النار ومساعدة النازحين واستعادة سلطة الدولة في الجنوب عبر القرار 1701.
وفي بيروت، أوضحت مصادر سياسية مطلعة أن ما من رهان على وقف إطلاق النار أقله في الفترة الراهنة، وهناك اخبار بتم تداولها انما لا تمت إلى الواقعية بصلة. وبالنسبة إلى الموقف الرسمي فقد عبر عنه سابقاً لجهة وقف إطلاق النار.
وقالت المصادر إن بيان القمة الإسلامية العربية كان متوقعاً، واشارت إلى أن آلية التنفيذ مرتبطة بأمكانيات محددة.
إلى ذلك، لم تتضح الصورة بشأن انعقاد جلسة نيابية قريية لأقرار بعض المواضيع، وليس هناك من غشارات على ذلك، بأاتظار مواقف الكتل والأهم موقف الرئيس نبيه بري.
واعلن الرئيس ميقاتي في القمة العربية والاسلامية: التزام الحكومة اللبنانية الثابت والراسخ بالقرار الدولي الرقم 1701 بكل مندرجاته وتعزيز انتشار الجيش في الجنوب، وبالتعاون الوثيق مع القوات الدولية لحفظ السلام والعمل على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الحدود المعترف بها دولياً.
وقال رئيس الحكومة: “أخاطبكم اليوم من هذا المنبر باسم لبنان، للتعبير عن هول الكارثة التي نعيشها هذه الايام.” أضاف: “يمرُّ لبنان بأزمةٍ تاريخيَّةٍ مصيرية غيرِ مسبوقةٍ تُهَدِّدُ حاضره ومستقبلَهُ، فهو يُعاني من اعتداءٍ إسرائيليٍّ صارخٍ ينتهكُ أبسطَ قواعدِ القانونِ الدوليِّ الإنسانيِّ واتفاقياتِ جنيفَ، التي وُضِعَتْ لحمايةِ المدنيِّينَ في النزاعاتِ المسلَّحة. وهذا الاعتداء يأتي ليضاف الى كمّ من التحديات البنيوية والازمات المتراكمة والملفات الشائكة. وبطبيعة الحال، لا يجوز ولا يمكن أن تستمر اسرائيل في عدوانها المتمادي على لبنان وشعبه، وانتهاك سيادته وتهديد علة وجوده من دون حسيب أو رقيب. هذا الوطن- الرسالة الذي يعتبره الاشقاء والاصدقاء بمثابة حاجة للامن والسلم والامان والاستقرار والازدهار في المنطقة”. وتابع: “لقد تسبَّبَ العدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان بخسائر انسانية فادحة، فتجاوز عدد الضحايا حتى الآن أكثر من ثلاثة الآف شهيد، والجرحى أكثر من ثلاثة عشر الف شخص. وقد تسبب هذا التصعيد باجبار حوالى مليون ومئتي الف لبنانيٍّ، على النُّزوحِ في غضونِ ساعاتٍ معدودةٍ ممَّا أضافَ عبئًا جديدا على كاهلنا وعلى وضعنا الداخلي المثقل بالازمات المتتالية. وتأتي الآثارُ الاقتصاديَّةُ لهذا التصعيدِ العسكريِّ لتزيدَ من حجمِ المأساةِ، إذ، وفقًا لتقديراتِ البنكِ الدوليِّ الأخيرةِ، قدِّرَت الأضرارُ والخسائرُ المادية لغاية اليوم بثمانية مليار و500 مليون دولار، منها ثلاثة مليارات واربعمئة مليون دولار تشمل تدميرا كليا او جزئيا لمئة ألف مسكن، فيما الخسائر الاقتصادية بلغت خمسة مليارات ومئة مليون دولار وتشمل التربية والصحة والزراعة والبيئة وقطاعات أخرى. باسم جميع اللبنانيين انتهز هذه المناسبة لاوجه كلمة شكر وامتنان لكل الدول التي دعمت لبنان وتدعمه باستمرار، مثنيا على الروابط التي تشُدُّكم دوما إلى لبنان وتشدنا دوما اليكم. ونحن في صدد إنشاء صندوق تمويلي يتغذى من اسهامات الدول الشقيقة والصديقة باشراف ادارة اممية على أن يكون الانفاق لاعادة الاعمار، خاضعا للتدقيق الدولي الموثوق”.
المفاوضات: غموض
على صعيد المفاوضات، يخيم الغموض على رغم استمرار لضخ الايجابي الاسرائيلي حول “تقدم الاتصالات بين واشنطن وتل ابيب وعواصم اخرى بشأن وقف اطلاق النار”.
ونفى المسؤول الاعلامي في حزب الله محمد عفيف ان يكون هناك شيء محدد في ما خص المفاوضات، ولم يصل للمقاومة اية اقتراحات، معتبراً ان “الحديث الحالي عن حراك سياسي سببه صمود ابطال المقاومة في الميدان”، مؤكداً على العلاقة بين الجيش والمقاومة.
ونقل عن مصدر اسرائيلي قوله: “اذا لم يقبل حزب لله وقف اطلاق النار، فستوسع اسرائيل عملياتها البرية.”
وكرر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اوم الثلاثاء، معارضته لوقف إطلاق نار في لبنان، وكتب في منصة “إكس” أنه “لن يكون هناك أي وقف لإطلاق نار ولن تكون هدنة”، وذلك في الوقت الذي ادعى وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أنه يوجد تقدم نحو تسوية في لبنان.
وكتب كاتس:”التقيت أمس مع هيئة الأركان العامة وشددت على أن سياسة إسرائيل بشأن لبنان هي أن العمليات الشديدة التي نفذها الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن ضد حزب الله، واغتيال تصر الله، تشكل صورة انتصار وينبغي الاستمرار في العمليات الهجومية، من أجل مواصلة تدمير قدرات حزب الله وتحقيق ثمار الانتصار”.
وتابع أن “إسرائيل لن توافق على أي تسوية لا تضمن حق إسرائيل بإنفاذ ومنع الإرهاب بنفسها، وتحقيق غايات الحرب في لبنان، بتفكيك حزب الله من سلاحه وإعادته إلى ما وراء نهر الليطاني وعودة سكان الشمال بأمان إلى بيوتهم”.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية يوم الثلاثاء بأن الجيش الإسرائيلي بدأ المرحلة الثانية من عملياته البرية في لبنان.
وقالت صحيفة معاريف إن هدف المرحلة الثانية من عملية الجيش الإسرائيلي في لبنان هو القضاء على القدرة الصاروخية لحزب الله، وأشارت إلى أن المرحلة الجديدة تهدف أيضا إلى الضغط على حزب الله بشأن مفاوضات التسوية في لبنان.
ونقلت معاريف عن الجيش الإسرائيلي أن كل عمليات إطلاق الصواريخ التي جاءت أخيرا من جنوب لبنان نفذت من مناطق لم ينشط فيها.
بدورها، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الفرقة 36 التابعة للجيش بدأت تعميق العملية البرية باتجاه مناطق جديدة في خط القرى الثاني جنوبي لبنان.
الميدان
ميدانياً، وسع الاحتلال الاسرائيلي غاراته في لبنان، وشنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات استهدفت مناطق متفرقة، أسفرت عن وقوع دمار واسع وإصابات بين المدنيين. ففي منطقة جون، استهدفت غارة مبنى مكوّنًا من ثلاثة طوابق يعود لآل غصن، والذي كان يؤوي عدة عائلات نازحة، مع ورود معلومات عن وقوع مجزرة بالمكان.
كما تعرّضت مدينة صور لاعتداء جوي استهدف مبنى بالقرب من “سنتر بيطار” – شارع قرطاج، حيث أسفرت هذه الضربات عن أضرار جسيمة.
وحسب المعلومات، الغارة استهدفت مبنى قرب مطعم الجواد و لا صحة للمعلومات التي تحدثت عن استهداف مركز الهيئة الصحية.
كذلك طالت الغارات بلدات مركبا وشقرا، إضافة إلى غارات عنيفة على مدينة بنت جبيل وبلدة برعشيت. وافيد عن غارة عنيفة شنها الطيران الحربي المعادي في المنطقة الواقعة بين الصرفند والسكسكية. وافيد بان الحصيلة الاولية للغارة التي استهدفت منزلا في السكسكية، بلغت 11 شهيداً معظمهم من الاطفال والنساء. وشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة وعلى دفعتين مستهدفا وسط بلدة انصار في قضاء النبطية. كما أغار على منزل في بلدة ياطر ودمره بالكامل. والقى الجيش الاسرائيلي قنابل عنقودية عند أطراف بلدة فرون.
وسجلت غارات على صريفا حيث سقط 3 شهداء، وعلى السماعية والخيام وبرج قلالويه وشقرا والمنصوري وعلى محيط باتولية قرب مخيم الرشيدية في صور وعلى بلدة دبين في قضاء مرجعيون، وعلى النبطية حيث دمر مسجد حي البياض الاثري، وعلى حي الراهبات في النبطية، وعلى يحمر الشقيف وارنون وعلى زوطر الغربية، والرمادية وصديقين واطراف شبعا، ووادي الحجير وكفرشوبا.
واعلنت المقاومة أنها قصفت قاعدة شراغا شمالي مدينة عكا، ومنطقة الكريوت شمالي مدينة حيفا، وقاعدة زوفولون للصناعات العسكرية شمال مدينة حيفا، وقاعدة عميعاد (مقر قيادة الفيلق الشمالي) جنوب مدينة صفد، ومستوطنة حتسور هاجليليت، ومستوطنة كتسرين في الجولان، ومستوطنة روش بينا، ومستعمرة ميرون، ومستعمرة يسود هامعلاه.
كما شنّت المُقاومة الإسلاميّة هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة رغفيم (قاعدة التدريب الأساسية للواء غولاني) تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 65 كلم، جنوب مدينة حيفا، وهجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة لوجستية للفرقة 146 (شمال بلدة الشيخ دنون) شرقي مدينة نهاريا.
وكشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية مساء عن إصابة 26 جنديًا إسرائيليًا بين الاحد والاثنين، بينهم 15 جندياً في لبنان و11 جندياً في قطاع غزة.
وقالت وسائل اعلام العدو ان اكثر من 230 صاروخاً اطلقت على مراكز ومؤسسات الجيش الاسرائيلي والصناعات العسكرية والحربية في يافا وصفد ونهاريا وعكار ومستعمرات الجليل.