لودريان في بيروت مجدّداً وبرّي يتمسّك بخيار فرنجيه جلسة وزاريّة مهدّدة بفقدان النصاب ولا تعيين حاكم لمصرف لبنان

عودٌ على بدء، جولة ثانية لموفد الرئيس الفرنسي الشخصي جان – إيف لودريان على رؤساء الكتل النيابية، والتي بدأت فور وصوله مع الرئيس نبيه بري، الذي وجد بعد المحادثات ان كوَّة فتحت في الجدار الرئاسي، وشملت عدداً من رؤساء الاحزاب والكتل،واستكملت أمس، قبل المغادرة ليوم، لكنها شملت سائر النواب المعنيين بالاستحقاق الرئاسي، والذي يحتاج الى “توافق داخلي” حسب النائب تيمور جنبلاط، قبل الدعوة لجلسة لاتمام الاستحقاق.
حاكمية المركزي
وعلى وقع هذه الاجتماعات، ينهمك المسؤولون في ايجاد صيغ مغطاة قانونياً حول ملء الشغور الوظيفي والمهني في حاكمية مصرف لبنان، ضمن الصيغ القانونية المتوافرة.
وتوقعت مصادر وزارية أن تنشط الاتصالات قبل جلسة مجلس الوزراء اليوم الخميس من أجل إيضاح المخرج الذي سيصار إلى اعتماده حول حاكمية مصرف لبنان، مع عدم التوجه لإجراء أي تعيين في ظل رفض فريقي التيار الوطني وحزب الله، في حين أنه لم يعرف بعد توجه نواب الحاكم، في اطار تبرئة الذمم من التخلف عن حسم الخيارات الممكنة في هذا الظرف المتأزم.
‎واعتبرت مصادر سياسية ان اندفاعة الرئيسين بري وميقاتي، لعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، قبل أيام معدودة من انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، ليست عادية، وإنما تخفي وراءها قطبة مخفية وهدف ما، لا بد أن يتظهر تباعا في غضون الأيام القليلة المقبلة.
‎وقالت: “من الصعب تمرير قرار تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي، في ظل رفض رؤساء الكتل النيابية المسيحية والبطريرك الماروني هذا التعيين، بغياب رئيس الجمهورية، وبالتلاقي مع رفض حزب الله لمثل هذه الخطوة، كما أعلن الامين العام لحزب الله حسن نصرالله هذا الموقف مؤخرًا، ومن يؤمن نصاب انعقاد الجلسة، اذا استمرت المواقف السابقة بهذا الخصوص على حالها؟”
‎واردفت المصادر بالقول انه بالامكان تمرير قرار التعيين، إذا اجريت جولة اتصالات مسبقة، مع المعنيين، لتوضيح أبعاد هذا التعيين في هذا الظرف الصعب، لمنع الفراغ في هذا الموقع المسيحي المهم في الدولة، والتفاهم على الاسم المطروح لتولي هذا المنصب، الا انه برغم كل ما تردد عن إيفاد اكثر من موفد وشخصية، لجس النبض والاستحصال على الموافقات المطلوبة لتعيين حاكم جديد، فإن تسويق هذا الطرح، ما تزال دونه صعوبات ورفض شبه قاطع حتى اليوم.

‎ومن وجهة نظر المصادر فإن سقوط قرار تعيين حاكم جديد بسبب الرفض المسيحي الحاصل واستمرار تضامن حزب الله مع هذا الرفض، سيعطي حافزا للحكومة، للتأكيد بانها حاولت ما بوسعها لمنع الشغور في حاكمية المصرف المركزي ولم تفلح بذلك، وتلقي بمسؤولية التداعيات السلبية الناجمة عن هذا الفراغ، للاطراف والجهات التي عطلت التعيين، او لتبرير الانطلاق بالخطوة التي حكي عنها، بالتمديد للحاكم الحالي لاشهر معدودة، تحت عنوان تحاشي الفراغ بموقع الحاكم،
وبهدف منع تدهور الاوضاع المالية والنقدية.
وكان الرئيس بري اعلن لاحقاً لقناة “الحرّة”: أنه خلال لقائه الثلاثاء مع الرئيس ميقاتي، اتّفقا على عقد جلسة لمجلس الوزراء نهار الخميس (اليوم) لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، مشيراً الى أن تعيين حاكم جديد هو مطلَبُه من الأساس.
وردّ برّي على من يقول إن تعيين حاكم ليس من صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، فتساءل: “هل نحن في ضرورة أكثر من التي نعيشها؟ إذا لم يكن هذا تصريفَ أعمالٍ فماذا يكون؟ وشدّد برّي على أن “الضرورات تبيح المحظورات”.
ولدى سؤاله عمّن يجرؤ على حمل كرّة نار الحاكميّة في هذا الوضع الدقيق؟ أجاب: “كتار الشخصيّات، أكتر من الهمّ عالقلب، وجميعهم يريدون تسلّم الحاكميّة”.
وأكد بري أن لا أسماء لديه، ولكن الرئيس ميقاتي هو من يملك الأسماء.
وعن صعوبة عقد جلسة لمجلس الوزراء في ظلّ مقاطعة التيار الوطني الحرّ لجلسات حكومة تصريف الأعمال، ردّ برّي: “إنه صعب عقد هكذا جلسة لأنه لا بدّ من مشاركة التيار الوطني الحرّ، ولكن هذا هو الحلّ الوحيد”.
ونفى برّي نفياً قاطعاً أن يكون قد طرح سابقاً التمديد لحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، وشدّد على أن لا مشكلة بينه وبين النائب الأول للحاكم وسيم منصوري، مشيراً الى أنه حاول تأمين قوانين خاصّة لنواب الحاكم الأربعة تجيز لهم متابعة عملهم بعد شغور الحاكميّة.
وأضاف: “كنت مستعداً لعقد جلسة لمجلس النواب بأسرع وقتٍ، ولو حتى غداً، وبرغم وجود تجاوب مع الطروحات، إلاّ أن النواب في لجنة الإدارة والعدل رفضوا شروط نواب الحاكم الأربعة”.
مجلس الوزراء
اعلنت رئاسة مجلس الوزراء ان جلسة لمجلس الوزراء ستعقد في السراي الكبير، لبحث بند وحيد يتعلق بـ”مستجدات الوضعين المالي والنقدي”، لا سيما مع قرب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وقال الرئيس نجيب ميقاتي: “لدي واجب في حماية البلد، وقد وصلنا الى وضع خطة. موضحاً ان تأمين النصاب ليس امراً سهلاً، لكن الامر فرض علي وطنياً، وكل من يتقاعس فلتحمل المسؤولية”.
ويسبق الجلسة اجتماعان لميقاتي، احدهما مع النواب الاربعة، ليناقش معهم ما انتهت اليه استشارة مجلس شورى الدولة، في ما خص قبول الاستقالة، واعتبار الاستدانة قرضاً، ومبدأ تصريف الاعمال، والثاني مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وعلم ان الوزيرين جوني قرم وهكتور حجار يعارضان هذه خطوة تعيين حاكم، ويراهنان على عدم اكتمال النصاب اذا قرر وزيرا حزب الله مغادرة الجلسة.
وفي هذا المجال، قال نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي: “إنّه لا خيار أمام نواب حاكم مصرف لبنان إلا بتولي مهامه، بعد انتهاء ولايته آخر الشهر الحالي، وتعذّر تعيين بديل عنه في بلد تنهشه أزمات متعددة”.
وقال: “في هذه الأثناء، يمكننا أن نواصل البحث في الموضوع وأن يستلم نائب الحاكم الأول وفق قانون النقد والتسليف. وقد تمنى الرئيس ميقاتي على النواب الأربعة خلال اجتماع عُقد الإثنين أن يبقوا في مواقعهم وفق ما ينص عليه القانون أولاً، وثانياً لأنه لا خيار آخر في ظل هذه الظروف إلا أن يستلموا المهمة”.
وأوضح الشامي أن نواب الحاكم “يطلبون الغطاء من الحكومة اللبنانية ومجلس النواب ليستمروا بعملهم لكنهم لم يعلنوا أنهم سيستقيلون”.
لقاءات لودريان
في الأثناء وصل المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان بعد ظهر الثلاثاء الى بيروت، في زيارة تستمر يومين، واستهل لقاءاته في عين التينة، حيث اجتمع الى الرئيس نبيه بري بحضور السفيرة آن غريو، واستمر اللقاء 45 دقيقة، غادر بعدها الزائر الفرنسي دون الادلاء بأي تصريح. لكن الرئيس بري وصف اللقاء بالجيد، وقال: “يمكننا القول ان كوَّة في مدار الملف الرئاسية قد فتحت”.
بعدها انتقل لودريان الى قصر الصنوبر، فالتقى على التوالي: رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، والمرشح الرئاسي السابق النائب ميشال معوض، النائب جبران باسيل، والنائب فيصل كرامي، البطريرك الماروني بشارة الراعي، قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، وممثلين عن حزب الله وقوى سياسية وكتل نيابية اخرى، منها بعض “نواب التغيير”، والنواب احمد الخير، د. عماد الحوت، وعبد العزيز الصمد، وممثلين للقاء النيابي المستقل الذي يضم عشرة نواب. فيما قالت اوساط رئاسة الحكومة: ان لا لقاء بين ميقاتي ولودريان، واجتماعات الموفد الفرنسي تقتصر فقط على المعنيين مباشرة بانتخاب رئيس للجمهورية.
وأعلن النائب المستقل الدكتور غسان سكاف انه لن يلتقي لودريان، وان الأخير لم يحضر بصفته موفداً فرنسيًا هذه المرة، بل كموفد لجنة الدول الخمس لينقل للمسؤولين اللبنانيين تفاصيل دقيقة حول اجتماع الخماسية والبيان الذي صدر عنها والذي وضع حداً للكلام عن تباينات داخل اللجنة، والذي اعلن صراحة نهاية المبادرة الفرنسية ولم يتطرق الى عقد طاولة حوار. وحسب المعلومات فإن الخماسية لم تطرح اي اسم لرئاسة الجمهورية. وأي رئيس للجمهورية يجب ان يحظى بتوافق خارجي اولًا ثم داخلي. لذلك اعتبر سكاف ان زيارة لودريان هي استطلاعية جديدة، ولرفع العتب، وملء الفراغ والوقت، لحين حصول تراجع في مواقف بعض القوى السياسية والتوافق على اسم الرئيس.
التمسك بفرنجية
في السياق جدد الرئيس بري لـ “الحرة” تمسّكه برئيس تيار المردة سليمان فرنجية، مضيفًا: “لن نتنازل عن مرشّحنا”. وقال: “لا حلّ إلاّ بالحوار، أدعو للحوار يوميّاً، المطلوب فقط رئيس جمهوريّة، أدخلنا كل الدول الخارجيّة في أزمتنا، من يريد ومن لا يريد مصلحتنا، وفي النهاية الحلّ الوحيد هو الحوار”
اضاف برّي: “أن الفراغ دخل شهرَهُ التاسع، ولم يولد رئيس الجمهورية بعد، لو أجرينا حواراً لمدة عشرة إلى خمسةَ عشر يوماً لكنّا وفّرنا الوقت.إنّ كل لبنان في خطر في حال لم يتم انتخاب رئيس قبل نهاية السنة”.
ونفى برّيأي ربط بين رئاستي الجمهورية والحكومة، وأضاف: “أنّ القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ساهما بتعطيل عمل المجلس النيابي، الذي يشكل اليوم المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة في ظل الفراغ”.
أما عن علاقته بالوزير السابق وليد جنبلاط، فقال بري: “علاقتي بوليد جنبلاط إلى الأبد”.
من جانبه، أعلن نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم “نحن نعمل لبناء الدولة ولذلك حريصون على أن ينتخب رئيس الجمهورية بأسرع وقت، ولكن هذا الرئيس يجب أن يكون بمواصفات وأهمها أن يكون أمينًا على حماية التحرير، والمساهمة في استمرار العمل لتحرير الأرض. والأمر الثاني أن يكون من الذين يعملون لبناء الدولة برعاية خطة إنقاذ يشترك فيها المعنيون من أجل العمل حتى نتمكن من التقدم إلى الأمام”.
في المقابل، أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “القوات تخوض حالياً، الى جانب حلفائها، معركة استرداد الجمهورية من خاطفيها عبر منع محور الممانعة من السيطرة على موقع رئاسة الجمهورية، الأمر الذي، في حال حصوله، سوف يؤدي إلى استمرار تدهور الأوضاع الإقتصادية والمالية ومضاعفة معاناة اللبنانيين”.
واذ شدّد خلال استقباله وفداً قواتياً من منطقة عاليه على أن “القوات تتبلور يوماً بعد يوم أهمية دورها كصمّام أمان للمجتمع”، أشار جعجع إلى أن “اللبنانيين السياديين والأحرار يعولون عليها لإنقاذ ما تبقى والعودة بلبنان إلى سابق عهده وأمجاده”.
العشائر: امتعاض من لودريان
الى ذلك، أعرب “تجمع العشائر العربية في لبنان”، عن امتعاضه من استثناء وزارة الخارجية الفرنسية مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان من جولة الموفد الرئاسي جان إيف لودريان على المرجعيات السياسية والدينية اللبنانية.وانتقد التجمع، في بيان، “سياسة التغييب الفرنسية غير الحكيمة التي يتعمدها الموفد الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق لودريان، تجاه دار الفتوى ومفتي الجمهورية الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان”.
وقال التجمع: “إن الموفد الفرنسي دأب على استثناء عائشة بكار من دون بعض المرجعيات الدينية اللبنانية، من جولاته المكوكية للبحث عن مخارج لأزمة لبنان المستعصية، في حين أن المفتي دريان هو الرئيس الديني لأكبر طائفة لبنانية. محذراً وزارة الخارجية الفرنسية من الاستغراق في ارتكاب الأخطاء الاستراتيجية التي تتخبط فيها في الملف اللبناني المعقد”.
واتهم التجمع فرنسا بأنها “تتعامل مع المكون السنّي على أنه بلا رأس، ومهمش ومتروك على قارعة الطريق، في الوقت الذي أثبتت فيه كل التجارب ألا قيامة للبنان من دون الطائفة السنية المؤسسة للكيان اللبناني”.
عريضة نيابية: عبور لا لجوء
في جديد موضوع النازحين السوريين، تقدم تكتل “الجمهورية القوية” والنواب ميشال معوض وفؤاد مخزومي وأديب عبد المسيح وغسان سكاف، بعريضة نيابية موجهة الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مطالبين بـ “عدم استمرار الحكومة بالتعاطي مع المنظمات الدولية على اساس ان النازحين السوريين هم لاجئون، خلافا للدستور والقانون اللبناني والاتفاقات الموقعة مع الأمم المتحدة، واتخاذ الاجراءات لإعادتهم الى بلادهم، من ليس لديهم مبرر قانوني لوجودهم على الأراضي اللبنانية”. وقالوا: “هذا القرار هو قرار سيادي بحسب الدستور، يعود للحكومة اللبنانية اتخاذه، بخاصة ان لبنان هو بلد عبور وليس بلد لجوء، بحسب الاتفاقية الموقعة مع الأمم المتحدة.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com