لافت ما أدلى به رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عباس، في اتصال هاتفي أجراه معه رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل. فقد طالب الجميّل بنزع سلاح المخيمات الفلسطينية وبسط سلطة الدولة. وأكد عباس أثناء الاتصال، على “مرجعية الجيش اللبناني والدولة اللبنانية في كل ما يتعلق بالمخيمات الفلسطينية وضرورة التزامها بالقرارات والقوانين اللبنانية”.
إقرأ تفرح، جرّب تحزن… هذا واقع الحال في لبنان، منذ اتفاق القاهرة الذي أبرم في العام 1969، وأجاز للفلسطينيين “التنقل داخل لبنان، والتسلّح ضمن المخيمات، والقيام بالعمل العسكريّ ضد إسرائيل انطلاقاً من لبنان”.
في جميع الدول العربية التي تحتوي على مخيّمات فلسطينية، يطبق قانون تلك البلدان عليها، إلا في لبنان. ولا ينحصر هذا الأمر في اللاجئين الفلسطينيين فقط. ففي لبنان يُسمح بحمل السلاع من كل العيارات الثقيلة والخفيفة، لمجموعات لبنانية، ويُحظر على مجموعات أخرى. ولا يستـطـيـع حـزب في منطقة
حماية مقراته، أو مناسباته بسلاحه الخاص، بينما أحزاب أخرى، يمكنها أن تفعل ذلك غير سؤال أو جواب.
المشكلة ليست محصورة كلّها بالسلاح الفلسطيني، وخروج المخيمات من دائرة السلطات اللبنانية، أو على الأقل رقابة الدولة. لكن السلاح الفلسطيني الذي ينص اتفاق القاهرة على أنه يُستخدم ضد إسرائيل، بات موجهاً إلى القضية الفلسطينية ذاتها، من خلال الصراعات الداخلية بين الأجنحة المتصارعة على النفوذ، كما يُوجَّه إلى المناطق المحيطة بالمخيمات، كما يحصل الآن في صيدا.
وحاول اللبنانيون مراراً وتكراراً وضع حد لهذا السلاح، الذي يحمله لاجئون فلسطينيون، وعناصر لبنانية فرّت من ملاحقة السلطات لها.بينما يكرر المسؤولون الفلسطينيون دائماً أن وجود اللاجئين في لبنان مؤقت، وهم ضيوف. لكن المواقع الفلسطينية في الناعمة، تظهر أنّ هناك مخالفة صارخة لأصول الضيافة. كما بقي السلاح المتفلت يعيث فساداً ودماراً. ولو أنّ مخيم البداوي في شمال لبنان لم يؤوِ عناصر من فتح الإسلام وداعش، لما أقدم الجيش اللبناني على دخوله في العام 2007.
ويخطئ من يظن أن الصراع في مخيم عين الحلوة، هو بين حركة فتح ومنظمات أصولية صغيرة، فالحقيقة أنه صراع بين فتح ومنظمات أكبر، تراهن على التناقضات، وتقيم تحالفات لإزاحة “فتح” والحلول مكانها كسلطة أمر واقع. ولذلك على “فتح” نفسها أن تدعو الجيش اللبناني إلى دخول المخيم، ونزع السلاح، وبسط سلطة الدولة على أرضها. وإذا كان هنك طرف لبناني أو غير لبناني يعترض على هذه الدعوة، فهو أيضاً مستفيد من التفلت، ومن تحالفاته الداخلية والإقليمية. وهذا لا يصب في مصلحة القضية الفلسيطنية في أية حال.
ج.د.