مرت ذكرى 4 آب- تفجير مرفأ بيروت المشؤوم، بالنسبة لكثير من المسؤولين اللبنانيين، مثل عيد الشجرة. وأغلب الظن أنه بالنسبة إليهم يوم عادي، يتمنون لو أنهم ينامون فيه طوال النهار، لكي لا يروا أهالي الضحايا، أو يسمعوا أصواتهم المنادية بالحقّ والعدل.
ولا يجرؤ هؤلاء المسؤولون أن يقولوا إن العدل في لبنان، هو أيضاً خاضع لفيدرالية، لكنها غير معلنة، فأين التحقيقات في جرائم كبرى، قرائنها واضحة؟ ولماذا الإفلات من العقاب جائز في كل جريمة لها شبهة على فريق معيّن؟
ولماذا نسمع في لبنان مثلاً عن محاكمة رياض سلامة، وتضج وسائل الإعلام، وتنبري الأقـلام،
والإذاعات وشبكات التلفزة والمحللون لإبداء رأيهم في الموضوع؟ حتّى يبدو أن القضاء يقوم بعمل بطولي، لا يستطيع أرسين لوبين أن يقوم به، فيما قضية مقتل جندي أيرلندي من قوات اليونيفيل في الجنوب غامضة غموض الكهف.
يطبقون القانون استنساباً، وبحسب المناطق، ثم يعترضون على الفيدرالية. ويُشبِهون مَن يفصل نفسه عن المجتمع، ثم يطالب بمحاكمة المجتمع بتهمة الانفصال عنه.
هناك غضب لدى الشعب اللبناني في مناطق معينة، من هذا الاستهتار بهم، والتمادي في أكل حقوقهم، ومعاملتهم كأنهم “بدون” لا يحملون هويات، أو كأن المطلوب أن ينضم الشعب كله إلى محور مرضيّ عليه ليحق له أن يعيش، علماً أن في كل الدول موالاة ومعارضة، والقانون يطبق على الجميع، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بانفجار رهيب، قضى على العشرات من السكان، وأحرق الأخضر واليابس، وهدم نصف بيروت؟ وكيف يصدّق عقل أن هناك سلطة صادقة، ولم يظهر “نصف إنسان” متهم بأي شيء، لا بالإهمال، ولا بالتواطؤ، ولا باستيراد المواد المتفجرة…؟ علماً أن القاضي طارق البيطار هو المتّهم وحده الآن “بتسييس” التحقيق. وهذه العبارة “التسييس” خادعة يراد منها الابتزاز، والتهديد بأن التحقيق قد انتقل إلى المستوى السياسي، والرد عليه سيكون سياسياً، يعني: لا تحقيق… ومن الغريب فعلاً أن يقال لكل مواطن دفن ضحاياه، وألقى خطبة تأبينية لهم: أنت تسيّس القضيّة، وتخرجها عن مسارها العدليّ.
شكراً للوزير عبدالله بو حبيب الذي بشرنا بأن الحكومة تتابع التحقيق “حتى النهاية”، وهو ما سمعناه منذ اللحظات الأولى للانفجار من كبار المسؤولين. وكم يكون صادقاً الوزير بو حبيب لو قال: لقد دفنّا التحقيق “حتى النهاية” بأمر سياسيّ فوق طاقتنا، ليتواصل مسلسل الإفلات من العقاب إلى دهر الداهرين، بينما لا يفلت من العقاب حامل سكّين لتقشير البطاطا، من جماعة “البدون”.
ج. د,