تزايدت “حقنة” الانقسامات الداخلية في البلد، على خلفية رفض المعارضة الحوار مع حزب الله، وبالتالي الدعوة الى جلسات انتخاب للرئيس، لا يراها رئيس المجلس ممكنة خارج الاتفاق على رئيس، تنتخبه جلسة يدعو اليها، واستمرار التطاحن الكلامي بين حركة امل والتيار الوطني الحر، وما يجري على ساحة الكهرباء سوى مثال على ذلك، فضلاً عن الملفات المالية، مع ان حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وفى بوعده، وحوّل رواتب موظفي القطاع العام ومعاشات المتقاعدين الى المصارف، وبدأ هؤلاء بقبضها، حتى قبل حلول شهر ايلول، يوم غد الجمعة.
مع هذا التعسير والتيسير الداخلي، اتجهت الانظار بقوة الى حركة الموفدين الدوليين والاقليميين باتجاه لبنان، من محطة وزير الخارجية الايراني أمير حسين عبد اللهيان، الى الوسيط في مفاوضات الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل آموس هوكشتاين، وصولاً الى الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، مع رسالة شديدة اللهجة، تجاه غير الراغبين في التعامل مع مبادرته لحوار بين الاطراف اللبنانية، إضافة إلى اشارة بالغة الاهمية لجهة الخلاف الفرنسي مع ايران، واعتبارها من القوى الاقليمية المعرقلة للمسعى الفرنسي، وملاقاة “المجموعة الخماسية” الى منتصف الطريق للإتفاق على رئيس تسوية بالمواصفات المحددة في تفاهمات دول المجموعة الخماسية وبياناتها.
كل ذلك، مع ترقب مريب لمسار جلسة مجلس الامن للتجديد لقوات الامم المتحدة (اليونيفل) لولاية جديدة، مع مغادرة وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب نيويورك مرتاحاً.
ووفقاً للمعلومات المتوافرة، في ضوء تسريب وثيقة التمديد، فإن هذا القطوع سيمر، بعد ان يكون لبنان حقق مكسبين كبيرين، الاول يتعلق بالتزام اليونيفل بـ”متابعة التنسيق مع حكومة لبنان وفقاً لاتفاقية وضع القوات، مع الاشارة الى قرار التفويض حسب 1701، يعطيها حق اجراء عملياتها على نحو مستقل، مع الاستمرار بالتنسيق مع حكومة لبنان. والمكسب الدبلوماسي الثاني، يتصل بمطالبة اسرائيل على نحو واضح وصريح، بتسريع انسحاب جيشها من الشطر الشمالي من قرية الغجر، والمنطقة المجاورة شمال الخط الازرق، ولا سيما اطراف بلدة الماري، على ان يتم بالتعاون مع اليونيفيل، عبر اللجنة الثلاثية التي تجتمع دورياً في الناقورة، وتضم لبنان واسرائيل والامم المتحدة.
وقالت مصادر سياسية إن موضوع مسودة البيان الذي يتناول طلب لبنان للتجديد لقوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان لعام كامل، فاشارت إلى ان التعديلات التي حصلت على المسودة بناء على طلب لبنان وبفضل الاتصالات والمساعي التي بذلها وزير الخارجية عبدالله ابو حبيب والوفد المرافق، مع مندوبي الدول المعتمدين في الامم المتحدة، لا تعدو كونها تعديلات شكلية، لا تتناول جوهر القرار الذي صدر العام الماضي او اسقاط اي بند من بنوده لاسيما ما يتعلق بحرية حركة قوات اليونيفيل بمفردها، باستثناء اضافة عبارة بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية، وذكر منطقة الماري بدلا من الغجر، والتحديد بوجوب انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض الاراضي اللبنانية. اما ما تردد عن سحب فقرة تتعلق بتضمين قرار التمديد اللجوء إلى
الفصل السابع لتنفيذه في حال تم التلكؤ، اكدت المصادر انه لا صحة اطلاقا لما تردد حول هذا الموضوع من قبل بعض الجهات الحزبية المعروفة، لان طلب التمديد لليونيفل، ورد من قبل الحكومة اللبنانية وليس من اي جهة اخرى.
رئاسياً، في انتظار ما ستسفر عنه زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في الايام العشرة الأول من ايلول المقبل الى لبنان لاستئناف لقاءاته حول الاستحقاق الرئاسي، وما سيحمله اليوم الى بيروت الموفد الاميركي اموس هوكشتاين حول الوضع الجنوبي براً وبحراً، وما يحمله الوزير عبداللهيان ايضا الى بيروت، استمرت مواقف المعارضة السلبية من رسالة لودريان، حيث اعلن عضو”كتلة تجدد” النائب أديب عبد المسيح ان “الكتلة لن تشارك في الحوار في الوقت الحالي، لأنها تريد التأكد من أنه سيوصل إلى نتائج ولا تريد إضاعة الوقت بحوارات عقيمة”. وقال: “نريد التحاور مع لودريان بشكل ثنائي، ولكن لا نريد التحاور مع الأطراف الأخرى التي لن تتنازل عن مرشحيها وتتمسك بتعنّتها. وننصح لودريان من خلال وساطته بأن يجري حوارات ثنائية معنا ومع الأطراف الأخرى لإيجاد حلّ”.
وقالت مصادر سياسية مطلعة إنه بعدما جهزت أجوبة غالبية الكتل النيابية على طرح الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان والمواصفات والبرنامج، فإنه يفترض أن يتم الإنتقال إلى الخطوة التالية المرتبطة بشكل مباشر بالموفد الفرنسي الذي لم تصدر عنه إشارات محددة بشأن دعوته إلى الحوار.
ولفتت المصادر نفسها إلى أنه في كل الأحوال فإن عودة الحديث عن الملف الرئاسي كأولوية قد تدفع إلى إعادة تحريك الملف في الشهر المقبل دون أن يعني أن هناك معطيات معينة أو أن الحسم قد اقترب، معربة عن اعتقادها أن المواقف من الاستحقاق الرئاسي تصدر تباعا لاسيما لجهة المبادرات الجديدة أو التوجهات التي تعتمد.
بالمقابل، قال عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل ابو فاعور من السرايا الحكومية: “إن كل الاجراءات التي تجري هي اجراءات ترقيعية مؤقتة. الحل كما نعلم جميعا هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بنية حكم جديدة قادرة على تنفيذ واقرار مشروع اقتصادي – اجتماعي. ومن الواضح ان ارادة التسوية لم تنتصر وبالتالي ننتظر شهر ايلول الذي اعتقد انه سيكون حافلا بالموفدين الاجانب الذين سيأتون الى لبنان”.
عبد اللهيان: زيارة بأجندات متعددة
وعلى صعيد زيارة عبد اللهيان، فقد علم انها ستكون حافلة، بعضها يتعلق بابلاغ من يلتقيه من المسؤولين بنتائج محادثاته مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، والتي يعتبرها الوزير الايراني بناءة. وحسب السفير الايراني مجتبي اماني فإن الزيارة واللقاءات المتعددة حول موضوعات ذات اهتمام مشترك تعكس السياسة الايرانية بدعم استقرار لبنان.
وتوقعت مصادر سياسية مطلعة عنها الزيارة المفاجئة لعبد اللهيان، وما اذا كانت تهدف إلى المساعدة بحلحلة ملف الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، ام انها تهدف إلى الالتفاف على المسعى الفرنسي واستباق زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان إلى لبنان الشهر المقبل، لإظهار مدى التاثير الإيراني على الساحة اللبنانية، بعدما تم تغييب الجانب الايراني عن اجتماعات اللجنة الخماسية التي تمثل دول الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر.
واستدركت المصادر بالقول ان جملة تحركات حصلت في اعقاب اجتماع اللجنة الخماسية الاخير في قطر ومن بينها، زيارة لموفد قطري إلى طهران، تناول بجانب من زيارته ما توصلت اليه اللجنة الخماسية بخصوص حل الأزمة المتفاقمة في لبنان، الا انه لم يرشح أي معلومات ما تم التوصل اليه.
عقوبات على مستضيفي النازحين
حكومياً، عقد الرئيس نجيب ميقاتي إجتماعاً في السرايا، ضم وزير المهجرين عصام شرف الدين، المدير العام للأمن العام بالانابة اللواء الياس البيسري والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد مصطفى، وخصص للبحث في موضوع النزوح السوري الجديد الى لبنان.
وصرح الوزير شرف الدين بعد الاجتماع: “تمحور الاجتماع حول موضوع النزوح السوري الجديد الحاصل منذ ثلاثة أسابيع والذي يشكل ظاهرة خطيرة جدا، لأن النازحين يدخلون من معابر غير شرعية”.
اضاف: “وفي هذه الاثناء، نحن نتحدث عن فرض عقوبات على من يستضيفهم، وهذا الموضوع قيد الدرس. وتم الاتفاق على الاتصال بسوريا أيضا على أعلى مستوى، وبما أن الموضوع أمني فأن اللواء البيسري يتولى إجراء هذه الاتصالات”.
كما التقى وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال الوطني موريس سليم في مكتبه في اليرزة، الوزير شرف الدين، وجرى تداول الاوضاع العامة في البلاد لا سيما موضوع النزوح السوري الجديد الى لبنان الحاصل منذ ثلاثة أسابيع عبر معابر غير شرعية، “وأهمية التنبه لهذا الأمر وردعه عبر مراقبة الحدود و التنسيق بين المؤسسات المعنية من أمنية وإدارية لضبط هذا الموضوع، لأن لبنان لم يعد قادراً على تحمل المزيد من النزوح السوري”.
وأكد الوزير سليم أن “وحدات الجيش تقوم بجهد كبير لمواجهة هذه الظاهرة، وقد تمكنت في الأسابيع الأخيرة من منع دخول المئات من السوريين الى الاراضي من المعابر غير الشرعية”.
تكتل لبنان القوي
عقد تكتل لبنان القوي إجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل فناقش جدول أعماله وأصدر البيان الآتي:
1- يحذّر التكتل من المحاولة القائمة لاستخدام القضاء لتمييع ملف التحقيق بالجرائم المالية ويعتبر أن النيابة العامة التمييزية هي المرجع المسؤول عن القيام بهذا التحقيق على غرار ما حصل في ملف التحقيق مع رياض سلامة، وكل تهرّب من هذه الإجراءات يحمّل صاحبه مسؤولية التقاعس والمشاركة بالجرم.
كما يدعو التكتل حاكمية مصرف لبنان الى أن تقدم طوعاً كامل البيانات التي طالب بها التقرير الأولي الصادر عن شركة ألفاريز ومرسال بشأن التدقيق الجنائي والتي كان الحاكم المتهم قد إمتنع عن تزويد الشركة بها، وأن يصار الى استكمال التدقيق الجنائي بهدف صدور التقرير النهائي عنه لكي يبنى على أساسه كيفية إستكمال التحقيقات وإجراء التدقيق الجنائي في المؤسسات والإدارات المعنيّة.
2 – يعتبر التكتل أن انتخاب رئاسة الجمهورية هو استحقاق سيادي من مسؤولية مجلس النواب والتكتل ينطلق من هذا المبدأ في حواره المتعدد الجوانب مع الكتل النيابية كافة. وفي ما يخصّ المسعى الفرنسي فإن التكتل ابلغ الموفد الرئاسي لودريان موقفه الذي يتلخص بأن يكون أي حوار حول الرئاسة بين اللبنانيين محصوراً بأجندة محددة بالبرنامج الرئاسي (الأولويات الرئاسية) وبمواصفات الرئيس واسمه وبمدة زمنية محدودة جدّاً تنتهي اما بانتخاب المرشح المتفق عليه والاّ الاستمرار بعقد جلسات متتالية يدعو إليها رئيس المجلس الى ان يتم إنتخاب رئيس للجمهورية.
الكتائب
من جانبه، أشار المكتب السياسي لحزب الكتائب اللبنانية الى أن “مجلس الأمن الدولي أنشأ قوة حفظ السلام الخاصة بلبنان لاستعادة الأمن والاستقرار وتمكين الدولة والقوى المسلحة الشرعية من بسط سيطرتها على ارض الجنوب التي استباحتها بالتعاقب ميليشيات مسلحة وحولتها الى ساحة حروب خدمة لمخططاتها”.
ورفض في بيان اثر اجتماعه الاسبوعي برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميل، “أي محاولة لتكبيل عمل القوات الدولية او المس بالصلاحيات الممنوحة لها بقرارات دولية سابقة وعلى رأسها القرار 1701 الذي حمل حزب الله مسؤولية اندلاع الحرب، ونص على أن تبسط الحكومة سلطتها على كل الأراضي اللبنانية طبقا لبنود القرارين 1559 و1680”.
وطالب “المجتمع الدولي بتحصين عمل القوات الدولية واتخاذ القرارات المناسبة لتمكينها من الاضطلاع بدورها كاملا وتنفيذ القرارات الدولية بشكل كامل بما يسمح بحصر السلاح بالقوى الشرعية اللبنانية”. ودعا “الحكومة الى الامتثال فورا للقرارت الدولية والتعاون التام مع المجتمع الدولي لتنفيذها بعيدا من أي ذرائع”.
وأشار المكتب السياسي الى أن “كلام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أكد التدخل الايراني في الشأن الرئاسي اللبناني وان التعطيل الذي يمارسه حزب الله يندرج في هذا الإطار”. واعتبر ان “البلد مخطوف من قبل حزب الله الذي أطاح بكل الآليات والمهل الدستورية وأصول اللعبة الديمقراطية، وذهب مجددا الى لعبة هدر الوقت بانتظار فرض إرادته على كل اللبنانيين”، رافضا “الانجرار معه في هذه اللعبة إن كان في إطار الجلسات التشريعية أو الانتخابات الرئاسية التي أصبحت بمثابة تعيين رئيس للجمهورية”.
ودعا “كل الحريصين على لبنان الى التكاتف وتشكيل جبهة وطنية شاملة تعمل على استعادة لبنان ومؤسساته بكل الوسائل السلمية المتاحة”، داعيا “المجتمع الدولي الى مؤازرته في مهمته”.