قيادات الصف الأول في الفصائل إلى بيروت، وتهديد حكومي بسحب العِلم والخبر من جمعيات النزوح وضعت الآمال المعلقة على مهمة الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان “لكسر حلقة الجمود” وإخراج لبنان مما اسمته السفارة الفرنسية “الأفق السياسي المسدو” والذي بدأ مهمة ثالثة، وحاسمة، وربما اخيرة، قبل الانتقال الى وظيفته
الجديدة في الرياض، تستمر لغاية يوم الجمعة، وضعت الآمال على محّك تجاوب الكتل والاطراف اللبنانية مع الدينامية “الخماسية»”الجديدة ضمن ما يسمى “بالمساعي الجديدة” لإنهاء الشغور الرئاسي، والعودة الى سكة عمل المؤسسات لإقرار المشاريع والقوانين اليومية للتعافي الاقتصادي والسياسي. ولئن مضى لودريان في يومه الاول، باعتصام الصمت في غالب اللقاءات، إلا انه وحسبما لمس الذين التقوا لودريان فإن الموفد الشخصي لماكرون كان حاسماً لجهة ان الوقت حان لإنهاء الشغور الرئاسي، عبر حشد الدعم لآلية الانتخاب مع بلورة توجُّه يقضي بأن الحوار يمكن ان يحصل من خلال مبادرة الرئيس بري، على ألاّ يخرج النواب من المجلس قبل انتخاب الرئيس.
واللافت، على صعيد اللقاءات، اللقاء الذي دعا اليه السفير السعودي وليد بخاري في دارته في اليرزة عند الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم الخميس، مع النواب السنَّة، لا سيما نواب تكتل الاعتدال الوطني وكتلة لبنان الجديد، وحركة تجدُّد وكتلة النائب فيصل كرامي وبعض النواب التغييريين والمستقلين.
ووصفت مصادر نيابية واسعة الاطلاع ان هذا التطور ليس عادياً ويشكل خطوة متقدمة ويؤكد جدّية حراك مجموعة الدول الخمس من خلال تفعيل التعاون المشترك بينها، وربما كان هناك اتفاق ضمني بينها على نقاط او خطوات محددة ستظهر لاحقا من خلال ما سيطرحه لودريان والسفير بخاري، بغض النظر الى ماذا سيؤدي من نتائج.
واشارت مصادر سياسية في تقويمها لليوم الأول من زيارة لودريان الى لبنان، بأنه لم يحمل معه اي مبادرة او أفكار جديدة لدفع مسار مهمته قدما الى الامام، بل كان خلال اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين والسياسيين، يستمع إلى تقييمهم لمضمون الرسالة التي وجهها إلى رؤساء الكتل النيابية والعديد من النواب ويناقش اجوبتهم عليها، ويتبادل معهم الآراء حول رؤيتهم لكيفية الخروج من الازمة وتسريع خطى انهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، من دون الخوض باي اسماء مطروحة.
وفي اليوم الاول لوصوله، باشر لودريان لقاءاته ويستكملها خلال اليومين المقبلين، بلقاء الكتل والنواب المعنيين كافة. وزار الموفد الفرنسي الرئيس نجيب ميقاتي في السراي الكبير، وشارك في الاجتماع سفير فرنسا في لبنان هيرفيه ماغرو ومستشارا الرئيس ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس، والسفير بطرس عساكر.
وخلال الاجتماع جدد الرئيس ميقاتي التأكيد “أن بداية الحل للأزمة الراهنة في لبنان تقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان واتمام الاصلاحات الاقتصادية، لا سيما المشاريع الموجودة في مجلس النواب، لوضع البلد على سكة التعافي”.
ثم زار لو دريان والسفير ماغرو رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة. وخلال اللقاء قال لودريان لبرّي: “ندعم مبادرتكم الحوارية ونقول الحوار ثم الحوار ثم الحوار”.
بعد اللقاء أكد الرئيس نبيه بري “أن وجهات النظر متطابقة مع الموفد الفرنسي لودريان بأن لا سبيل الا الحوار ثم الحوار ثم الحوار للخروج من الأزمة الراهنة وإنجاز الإستحقاق الرئاسي. وهذا ما هو متاح حاليا لمن يريد مصلحة لبنان”.
ومن مفارقات الزيارة الحالية اللقاء في مكتب قائد الجيش العماد جوزاف عون في اليرزة، حيث أطلع لودريان على التحديات التي يواجهها الجيش، لا سيما لجهة النزوح السوري والوضع المتأزم في مخيم عين الحلوة.
وحسب مصدر مقرّب فإن العماد عون ارتفعت اسهمه مؤخراً كمرشح تسوية، لا سيما لدى اطراف في المجموعة الخماسية.
وليلاً، التقى لودريان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في اطار جولاته، واستمع الى شرح مطوّل من باسيل حول شروطه للمشاركة في الحوار الذي دعا اليه الرئيس بري، على ان تكون الجلسة مفتوحة لانتخاب الرئيس وليس جلسات متتالية، مع جدول اعمال واضح، يتعلق بالانتخاب.
وسبق زيارة ميرنا شالوحي لقاء بين لودريان والمرشح الرئاسي سليمان فرنجية بحضور نجله طوني، والوزير السابق روني عريجي، وحسب معلومات المردة تركز البحث على “سبل إتمام الانتخابات الرئاسية في ظل جميع الأزمات الضاغطة والملحة. كما تمّ التأكيد على أهمية الحوار كمدخل أساسي وضروري لإنجاز الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت”.
وكان مقرراً أن يلتقي الموفد الفرنسي صباح أمس وفدا من كتلة الوفاء للمقاومة في حارة حريك يضم رئيس الكتلة النائب محمد رعد ومسؤول العلاقات الخارجية النائب السابق عمار الموسوي. كما يزور وليد جنبلاط ورئيس كتلة اللقاء الديموقراطي تيمورجنبلاط في كليمنصو. ويزور لودريان معراب للقاء رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل، ويلتقي نواباً مستقلين في قصر الصنوبر اليوم الخميس كما يتناول الغداء مع عدد آخر من النواب المستقلين. ثم يزور لودريان البطريرك الراعي.
في الأثناء رأت مصادر مطلعة في بيروت ان اللقاءات التي عقدها المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا مع عدد من الشخصيات اللبنانية مؤهخراً هدفت إلى تبادل وجهات النظر دون الخوض في تفاصيل الاستحقاق الرئاسي وفرض توجه معين لاسيما أن هناك قرارا في عدم التدخل بالشؤون الخاصة لكن هناك استعدادا دائما لمساعدة لبنان لتجاوز أزمته كما أن هناك حرصا سعوديا على الاسراع في إنجاز الأستحقاق الرئاسي.
وأعلنت أن موضوع التفاهم المحلي على رئيس للبلاد لا يزال غير قائم.
النزوح
حكومياً، تقرر تشكيل وفد برئاسة وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب لزيارة سوريا، وهو ينتظر من السلطات السورية تعيين موعد له لزيارة دمشق برفقة المدير العام للأمن العام اللواء إلياس البيسري، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد مصطفى لبحث موضوع النزوح الذي يتفاقم. على كل حال فان وزير الخارجية سيغادر هذا الأسبوع إلى نيويورك وسيحصل لقاء بينه وبين معالي وزير الخارجية السوري هناك للاتفاق على الخطوات التالية التي يجب أن تتخذ.
وفي وقت لاحق، عمَّمت وزارة الداخلية والبلديات على المحافظين في المحافظات الثماني على ان تبلغ الى القائمقامين تعممياً، يطلب اليهم الإفادة عن اي تحركات وتجمعات مشبوهة تتعلق بالنازحين السوريين، واجراء مسح فوري، وتكوين قاعدة بيانات والطلب من الجمعيات كافة، لا سيما الاجنبية التنسيق مع البلديات والوزارات والاجهزة الامنية والعسكرية تحت طائلة سحب العلم والخبر منها، وذلك بناءً على تقارير ترفع للاجهزة لا سيما الأمن العام.
تكتل لبنان القوي
في الأثناء، عقد تكتل لبنان القوي إجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل فناقش جدول أعماله وأصدر البيان الآتي:
1- يجدّد التكتل ترحيبه بكل حوار حقيقي مرتبط حصراً بالإستحقاق الرئاسي على أن يتم الإتفاق بوضوح على مدته ومكانه وموضوعه وشكله وبشرط أن ينتهي بإنتخاب رئيس للجمهورية سواء عبر الإتفاق المسبق على الإسم والرؤية أو عبر جلسات مفتوحة بمحضر واحد الى أن يتم الإنتخاب.
2- يؤكّد التكتل على اهمية مشروعي اللامركزية الإدارية والصندوق الإئتماني لأن إنجازهما يشكل قفزة إصلاحية نوعية في النظام اللبناني وفي المعالجات الإقتصادية والمالية ويدعم اي حوار يساهم بانجازهما. فاللامركزية تحقق للمناطق الإنماء وشفافية الإنفاق، والصندوق يحمي ممتلكات الدولة وأصولها من البيع ويفتح باب الإستثمار فيها مما يرفع من قيمتها ويزيد مداخيلها ويساهم في إستنهاض الإقتصاد والتعويض ولو جزئياً على المودعين الذين خسروا ودائعهم في المصارف.
3- يدعو التكتل حكومة تصريف الأعمال الى اعتماد الجديّة والاجراءات العملية في ملف النازحين والذهاب مباشرة الى صلب الموضوع باتخاذ القرار السياسي اللازم لمنع تدفّق النازحين وتأمين عودة النازحين الوهميين وبتنفيذ القوانين المرعية الإجراء بحق الداخلين خلسةً او النازحين الاقتصاديين الذين تعتبر اوضاعهم غير سوية فضلاً عن ضرورة التشدد في إقفال الحدود أمام تهريب نازحين يتاجر بهم سماسرة الحدود، وفي هذا الاطار يدعو التكتل الأجهزة العسكرية والأمنية الى تحمّل مسؤوليّاتها وتفعيل عملها من ضمن الامكانات البشرية الحالية وعدم التذرّع بحجج غير مقنعة، لأن الأمن هيبة قبل كل شيء واجراءات جديّة رادعة على الحدود وليس مجرّد نشرٍ اصطفافي لأربعين الف عسكري على الحدود، بل هو خطّة عسكرية محكمة تعتمد على الأبراج الموجوة والمعلومات وتفكيك شبكات التهريب ومعاقبة المخالفين والقيام بدوريات متنقلة براً وجواً.
عين الحلوة
أمنياً، بقي الوضع المتوتر في عين الحلوة على رأس الاهتمامات، فبعد وصول المسؤول الفلسطيني عزام الاحمد إلى بيروت، وصل نائب رئيس حركة “حماس” في الخارج موسى ابو مرزوق الى لبنان، في زيارة تستغرق عدة ايام للمساهمة في معالجة الوضع المتأزم في عين الحلوة.
وتوقعت مصادر فلسطينية وصول قيادات اخرى للمساهمة في المعالجة.
وفي التطورات الميدانية شنت حركة فتح هجوماً غير مسبوق على محور حطين، في محاولة للسيطرة على مركز تجمع القوى المناوئة لها في المخيم.
واتسعت رقعة الاشتباكات حيث امتدت من حي الطيره، الرأس الاحمر والبستان، الى الطوارئ، مع استعمال قذائف وإلقاء قنابل. كما شهد حي حطين إطلاق نار كثيفاً، واستُخدم سلاح القنص في منطقة البركسات.
وافيد عن سقوط ثلاثة جرحى في تجدد الاشتباكات، في وقت وصل فيه الرصاص الطائش الى قرب المصرف المركزي في مدينة صيدا، حيث اصيبت شقق سكنية وتحطم زجاج احداها. وأصاب الرصاص الطائش بعض الشقق السكنية في شارع دلاعة. وسُجل سقوط قذيفة قرب مطعم ماكدونالدز عند الطرف الجنوبي للمدينة، وسقط رصاص بشكل كثيف على حي الجامعة اللبنانية، وقذيفة صاروخية قرب احدى المطابع، من دون تسجيل أي اصابات، في وقت انعدمت الحركة في شكل شبه تام في صيدا الآن.
وطلبت القوى الأمنية من المواطنين عدم سلوك اوتوستراد صيدا – الجنوب بسبب القذائف والرصاص الطائش جرّاء اشتباكات مخيم عين الحلوة.
من جهة ثانية، أعلن رئيس بلدية صيدا حازم بديع، أنه وبالتعاون والتنسيق مع وكالة الأونروا، تم إجلاء عائلات فلسطينية ولبنانية وسورية ومكتومي القيد، نزحوا إلى بلدية صيدا منذ بدء الإشتباكات في مخيم عين الحلوة الأسبوع الفائت، حيث تم نقلهم بواسطة باصات تابعة للوكالة إلى مدرسة بيت جالا في سبلين.
وبلغ عدد العائلات التي نزحت إلى البلدية نحو 80 عائلة في ذروة الإشتباكات، ثم إنخفض العدد تدريجا إلى 70 عائلة: ( 23 فلسطينية – 19 لبنانية – 8 سورية – 18 مكتومي القيد).
وفي آخر حصيلة للاشتباكات المتجددة في مخيم عين الحلوة، أفيد عن سقوط 10 قتلى، واكثر من 100 جريح. تزامن ذلك مع تشييع حركة فتح أحد عناصرها محمد حسن صالح الذي توفي متأثرا بجراحه التي اصيب بها خلال الاشتباكات منذ أيام.
وافيد عن وفاة أحد جرحى حركة فتح في اشتباكات عين الحلوة ويدعى جمال منصور نصرالله متأثراً بجراحه.
المطار وتهريب أسلحة
بعد الضجة التي أثارتها قناة “الحدث” عن تهريب أسلحة عبر مطار بيروت، نفى “حزب الله” هذا الخبر، واعتبره إساءة إلى الدولة اللبنانية، والهدف منه الضمني تحميل حزب الله مسؤولية ما قد يصيب المطار لاحقاً.
واعتبر “حزب الله” في بيان له أن هذا الخبر يتماهى مع العدو الإسرائيلي وحديثه الدائم عن استخدام المطار لأغراض عسكرية.
يأتي هذا، فيما كشفت “قناة 14” الاسرائيلية، عن أن “الأعمال في المطار الـعسكري – جنوب لبنان قد بدأت في تشرين الثاني 2022. وقد بدا ذلك من صور الأقمار الصناعية وبدأ وضع الأسفلت في تموز”.
وأضافت: “يبدو أنه خلال شهر آب، بحسب صور الأقمار الصناعية، انتهت أعمال رصف المدرج وبناء مهبط للطائرات العمودية”.
وتابعت القناة الاسرائيلية، أنه “منذ أسبوعين فقط تم طلاء المدرج بعلامات الطيران”.