ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي يوم الأحد الرابع والعشرين من أيلول في ملعب “كين روزوال” في سيدني بمناسبة اليوبيل الذهبي لتأسيس الأبرشية المارونية في أستراليا. وألقى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظة في المناسبة قال فيها: “يسعدني واخواني السادة المطارنة الأجلاء الآتين من أبرشيات الانتشار، وقدس الرؤساء العامين والرئيسات العامات الآتين من لبنان، أن نحتفل مع راعي أبرشيتنا المارونية في استراليا الغيور، سيادة المطران انطوان شربل طربيه، والكهنة والرهبان والراهبات وجميع المؤمنين والمؤمنات، باليوبيل الذهبي لمرور خمسين سنة على تأسيس الأبرشية. وقد افتتحتم سنة اليوبيل في عيد مار مارون ٩ شباط ٢٠٢٣ وستختتمونه في ٨ كانون الأول المقبل بمناسبة عيد الحبل بلا دنس. فإنّا إذ نهنئكم بهذا اليوبيل الذهبي نقدّم هذه الذبيحة الإلهية معكم لنشكر الله على ما أغدق عليكم وعلى الأبرشية العزيزة بكل أرجائها من خير ونعم”. وأضاف غبطته: “ويسعدنا أن نختتم بهذه الليتورجيا الإلهية المؤتمر السادس لمطارنة أبرشيات الانتشار والرؤساء العامين والرئيسات العامات باستضافة سيادة المطران انطوان شربل طربيه، وكان بعنوان “مدعوون من المسيح ومرسلون لنكرز بالإنجيل””.
وسلط البطريرك الراعي الضوء في عظته على مكونات حياتنا المسيحية “خدمة الكلمة بالكرازة والتعليم، وخدمة نعمة تقديس النفوس بالليتورجيا، وخدمة المحبة الاجتماعية بالدياكونية”، وأشار إلى أن “هذه الثلاثة مترابطة ومتكاملة: فالكرازة بالإنجيل تولّد الإيمان، الإيمان يُمارس في الليتورجيا ويغتذي من كنز نعمها ويتقدس؛ الإنسان الذي تقدس بالنعمة ينفتح قلبه ويده على الإخوة والأخوات المعوزين بممارسة المحبة الاجتماعية”. وقال البطريرك الماروني: “نحن على علم عن المساعدات التي تقدمونها لأهلكم والمؤسسات في لبنان وتشمل: المال والدواء والاستشفاء والمواد الغذائية والمشاريع الإنمائية والعمرانية، وأقساط مدرسية وجامعية، فأنتم مشكورون عليها من صميم القلب. ونسأل الله أن يبادلكم بأضعافها. لكننا تدارسنا أثناء مؤتمرنا كيفية تنظيم خدمة المحبة الاجتماعية، لكي نواجه، بتوحيد القوى وتنسيقها، الأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية والاستشفائية والتربوية التي تشتد أكثر فأكثر. وقد أنشأنا لجنة لهذه الغاية ترسم خطة العمل”.
وأضاف: “لا يسعنا في المناسبة إلاّ أن نوجّه تحية شكر وتقدير للسلطات المدنية الأسترالية المتعاقبة التي فتحت أبوابها بوجهكم وبوجه جالياتنا، فتمكنتم من تحقيق ذواتكم وعيشكم الكريم. حمى الله استراليا وأفاض عليها وعلى شعبها ومسؤوليها الخير والبركات. وأشعر معكم بألمكم عندما ترون وطنكم لبنان يتراجع على كل المستويات عندما تقارنونه بأستراليا: استراليا تحترم الدستور والقانون وهما فوق الجميع، اما في لبنان، الدستور والقانون مستباحان من النافذين، ومخالفات المحازبين محمية. استراليا تستوفي الضرائب والرسوم من الجميع، وتقدّم بالمقابل الخدمات العامة، وتساعد بهبات مالية للإعمار والإنماء والتربية والاستشفاء والدواء، وتراقب بواسطة المدققين طريقة الصرف. اما لبنان فلا يستوفي الضرائب والرسوم من جميع المواطنين على السواء، بل من منطقة دون اخرى، إما عمدًا وأما خوفًا من فائض القوة او اهمالاً. وبالتالي لا يقدّم إلاّ الضئيل من الخدمات العامة. ويبقى على المواطن ان يؤمنها، فيما الفساد مستشر وسرقة المال العام محمية والبلد يفتقر. أستراليا تعتني بالفقير والعاطل عن العمل وتؤمن له معاشًا شهريًا، ريثما يجد مخرجًا لفقره، وعملاً يعيش منه. اما في لبنان، الفقير مهمل ويزداد فقرًا، وعدد العاطلين عن العمل يتفاقم. استراليا تحترم الإنسان وكرامته، اما في لبنان فانتهاك لقدسية الحياة البشرية وكرامة الإنسان”.
وقال البطريرك الماروني في عظته: “إن الكنيسة لن تتهاون بشأن كل هذه الأمور السلبية في لبنان. لن تسكت عنها ولن تملّ عن الالتزام برسالتها بواسطة مؤسساتها. فالتزامها واجب عليها من المسيح فادي الانسان ومخلّص العالم. ولن تدع لبنان وشعبه فريسة الظلم والاهمال والاستبداد والاستكبار ولن تصمت عن التنديد بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وبتعمّد تغييب رئيس البلاد المسيحي الوحيد في أسرة جامعة الدول العربية، ومعه تغييب الثقافة المسيحية التي كانت في أساس إنشاء الدولة اللبنانية الموصوفة بميزاتها. وأولاها الفصل بين الدين والدولة، والمشاركة المتساوية بين المسيحيين والمسلمين في الحكم والإدارة، التعددية الثقافية والدينية في الوحدة، وحياد لبنان الإيجابي لكي يواصل اداء رسالته الخاصة به في بيئته العربية. كلها أمور أساسية لن نسكت عن المطالبة بها. وإني أجدد لكم، أيها اللبنانيون في استراليا النداء لتوازنوا بين حبكم للبنان وتسجيل قيد نفوسكم لدى سفارتنا في استراليا والقنصليات، بالتعاون مع المؤسسة المارونية للانتشار. فتحتفظوا هكذا بجنسيتكم اللبنانية وسائر حقوقكم الوطنية، وهذا واجب وطني عليكم جميعًا”.
وفي ختام عظته في القداس الإلهي بمناسبة اليوبيل الذهبي للأبرشية المارونية في أستراليا، قال البطريرك الراعي: “نسأل الله ان يبارككم، ويبارك استراليا بمسؤوليها وشعبها، ويبارك أوطاننا المشرقية ولبنان، بإسم الآب والإبن والروح القدس الآن وإلى الأبد، آمين”
استقبالات
واستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عدداً من الشخصيات السياسية والحزبية ورؤساء جمعيات ومؤسسات، في دار المطرانية في ستراثفيلد، في حضور راعي الابرشية المارونية المطران أنطوان شربل طربيه، والمونسينيور مارسيلينو يوسف.
وزاره الوزير الفيدرالي طوني بورك الذي رحّب به ونوّه بدور الجالية المارونية في أستراليا. وأثنى بورك على افتتاح دار رعاية المسنين في سيدة لبنان.
كما زاره ممثل دار الفتوى الشيخ مالك زيدان، على رأس وفد من المشايخ، ووفد من أساقفة الطوائف الشرقية في أستراليا.
وعقد الراعي لقاءً مطولاً مع لجنة الاحتفال بعيد البشارة ضمت الى المطران طربيه كل من د. مصطفى علم الدين، د. ممدوح مطر، د. عماد برو، المحاسب عادل الحسن، رئس تحرير “النهار “الأسترالية أنور حرب، الاعلامية الهام حافظ، في حضور رئيس الرابطة الدرزية زاهي علامة ومستشار المطران روبير رباط مايكل رزق.
وألقى علم الدين كلمة تحدث فيها عن دور اللجنة في تعزيز اللقاء بين مختلف الاديان بأبعاده الوطنية كما كانت لمطر كلمةً أشاد فيها بزيارة البطريرك الأخيرة الى الجبل لتعزيز المصالحة.
واستقبل الراعي وفداً من الرابطة المارونية وسيدات الانجيل ،وتحدثت رئيسة السيدات شيرلي وهبه ورئيس الرابطة المارونية جوزف المكاري بالمناسبة.
كذلك، استقبل وفدا كبيراً من رابطة بشري برئاسة بشارة كيروز الذي ألقى كلمة رحب فيها بالبطريرك الماروني والوفد المرافق، وأثنى على دور الراعي في لبنان في هذه الظروف الصعبة.
واستقبل وفداً من “تيار المستقبل” في سيدني ضمّ مسؤول الشؤون التنظيمية حسن عبد الرحمن، أمينة السّر نضال حمزة، منسق الإعلام طارق طالب ومنسق بيروت والجنوب منير شاهين.
ونقل الوفد للراعي تحيات الرئيس سعد الحريري والامين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري وتحيات المنسق العام لمدينة سيدني خالد الشيخ.
وكان البطريرك الراعي زار والوفد المرافق كنيسة مار شربل في بانشبول سيدني، وكان في استقبالهم رئيس الدير الاب أسعد لحود وجمهور الدير من الرهبان والمطران سيمون فضول والرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدسة ماري انطوانيت سعادة وكهنة الرعايا وراهبات العائلة المقدسة وعدد كبير من أبناء الرعية.
وتحدّث الراعي داخل الكنيسة عبر برنامجه الاسبوعي لمحطة نور سات عن التنشئة المسيحية. وتناول طعام العشاء الى مائدة الرهبان.
وزار البطريرك الراعي والوفد المرافق كنيسة مار يوحنا الحبيب التابعة للمرسلين اللبنانيين الموارنة في مانت درويت غرب سيدني.
وبعد الإستقبال والصلاة في الكنيسة، كانت للبطريرك كلمةً عبر أثير “صوت المحبة” أستراليا التي بارك مبناها بالماء المقدس، وعبّر فيها عن فرحه باللقاء بالقول: “نحن سعداء اليوم أن نأتي لزيارة مار يوحنا الحبيب والآباء المرسلين اللبنانيين الموارنة الكرام الأعزاء مع رئيسهم العام قدس الأب مارون مبارك الموجود معنا لعقد المؤتمر السادس مع الأساقفة الرؤساء والرئيسات العامات في بلاد الإنتشار ولهم رسالات ومدارس ورعايا في بلاد الإغتراب”.
أضاف: “كلمة من القلب من “صوت المحبة” في أستراليا وهي منبر كلمة الله الحي ،نذكّر فيها أن الآباء المرسلين يخدمون في أستراليا من أوائل التسعينات، يحملون كلمة الله بالقول والفعل. شكرًا لله عليكم وأنتم تزرعون كلمة الحياة كي تثمر في قلوب ونفوس المؤمنين. لكم مني بركتي ومحبتي الخاصة كبطريرك وكأخ لكم بالمسيح”.
كما كانت كلمة ترحيب من الأب العام للآباء المرسلين مارون مبارك في صالون الدير، رحب فيها بالبطريرك الراعي وأساقفة الإنتشار والرؤساء العامين والرئيسات العامات والآباء والكهنة والراهبات، وقال: “ما أجمل أقدام المبشرين. ما أجمل قدومكم إلى أستراليا تحملون عطر لبنان الرسالة والقداسة، المثقل بهمومه وأتعابه والمشبع بالإيمان والرجاء والمحبة، وبقوة القيامة المنتصرة على الموت”.