المجلس المذهبيّ الدرزيّ يدعم حراك السويداء زوبعة في فنجان نيابيّة احتجاجاً على مفوّضية اللاجئين

اخبار جريدة المستقبل

يمكن وصف الوضع السياسي في البلد بأنه وضع قوامه التشتيت، وتسجيل المواقف، في ظل غياب مرجعية جامعة، ومضي كتل معروفة “باطلاق النار” المفرق، والمضي بالتعنيف الكلامي، بدل ان تذهب الى ما هو يجمع، ولا يفرّق، في مرحلة مصيرية، وقد تكون بالغة القسوة مالياً وحياتياً، اذا ما استمر الشغور في الرئاسة الاولى، عنوان المرحلة المقبلة.
واذا كان موعد عودة الوسيط الفرنسي جان إيف لودريان في عالم الغيب، فإن الموفد القطري جاسم آل ثاني (أبو فهد) يواصل لقاءاته مع رؤساء الكتل والاحزاب، وممثلي القوى ذات التأثير، بعيداً عن الاضواء، وفقاً لخطة مرسومة لديه ومنسق مع امير بلاده تميم بن حمد آل ثاني، ومع دول ضمن “المجموعة الخماسية”.
وقالت اوساط مطلعة إن سلسلة أسئلة بدأت ترتسم بشأن موعد التفاعل مع المساعي في الملف الرئاسي ولاسيما مسعى دولة قطر في ظل الاتهامات المتبادلة بين الأفرقاء بشأن نسف الاستحقاق الرئاسي.
وأشارت المصادر إلى أن ما من نية لسحب المبادرة من التداول حتى وإن صدر كلام حول الإستراحة في هذا الكلام.
ورأت هذه الأوساط أن عدم الإفصاح عن التوجه المؤكد بشأن خيارات جديدة يعني أن لا نية بالاستمرار بحرق الأسماء أو حتى اقتراحها لمجرد الاقتراح، مشيرة إلى أنه من المبكر جداً وصول الاسم الأكثر حظاً للرئاسة إلى الحسم منذ الآن في ظل مناخ محلي لا يوحي بقرب الحل.

وقالت ان لا تاريخ محددا أو دقيقا للتسوية التي يعمل عليها إلا أنها ستحصل عاجلا أم آجلا.
ولاحظت مصادر سياسية ان هناك حالة من الاسترخاء لدى الوسط السياسي، بمن فيهم كبار المسؤولين، وانعدام الحركة لديهم، لاخراج ملف الاستحقاق الرئاسي من دوامة الجمود والتعطيل المتعمد، ودفعه قدما الى الامام لانتخاب رئيس للجمهورية باقرب وقت ممكن، وبدا الامر وكأن هؤلاء قد استسلموا للامر الواقع، وان ليس لديهم القدرة على المبادرة، لتحريك هذا الملف قدما الى الامام، وها ههم في انتظار اي موفد او تحرك خارجي لتولي هذه المهمة كما في حالات سابقة.
ونفت المصادر تبلغ المسؤولين عن اي موعد ثابت ورسمي لزيارة الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان، كما كان مرتقبا من قبل، بسبب استمرار الانقسام السياسي الداخلي، وتعذر تحقيق حد ادنى من تفاهم الاطراف السياسيين والتعاون معه لانجاح مهمته، ما تتطلب منه اجراء مشاورات مع اعضاء لجنة الدول الخماسية، لادخال تعديلات على مهمته قبل العودة المرتقبة الى لبنان، لتفادي اي تعثر يمكن ان يواجهه، في حين ترددت معلومات مفادها ان التعديلات تشمل قيام بعض اعضاء اللجنة وتحديدا قطر، بتوسيع مروحة اتصالاتهم لتشمل ايران، باعتبارها ذات تاثير في الاستحقاق الانتخابي من خلال حليفها حزب الله. وكذلك الامر بالنسبة لزيارة الموفد الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين الى لبنان لم تحدد بعد، وكل ما يتم تداوله من اخبار بهذا الخصوص، ليس من جهات رسمية مسؤولة، وانما معلومات صحفية، باعتبار الموقف الاميركي، يمثل عاملا مهما، وعلى امل ان يحمل معه موقفا اميركيا، يساعد في اعادة تحريك ملف الانتخابات الرئاسية من دوامة الجمود وصولا لانتخاب رئيس للجمهورية في النهاية، بالرغم من طابع زيارته يتناول المساعدة في تسوية بعض المشاكل والتعقيدات التي تحيط بموضوع ترسيم الحدود البرية بين لبنان واسرائيل.
وعلمت “المركزية” ان الموفد القطري الى لبنان محمد عبدالعزيز الخليفي أرجأ زيارته التي كانت مقررة في 5 الجاري الى بيروت الى وقت لاحق.
والجديد، اقتناع احدى الكتلتين النيابيتين المسيحيتين بـ”جدوى الخيار الثالث” وفقاً لما اعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من “اننا منفتحون على مناقشة طرح المبعوث الفرنسي الخيار الثالث”.
(تصريحات جعجع ص4).
في الأثناء، أعلن وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال محمد وسام المرتضى في تصريح لوكالة “سبوتنيك” الروسية ان رئيس المجلس لم ينهِ الحوار، ويؤكد عليه في كل مناسبة، مشيراً الى ان الرئيس نبيه بري يقدّر كثيراً المبادرة القطرية التي تقيم حواراً بين المكونات النيابية، وهو يأمل ان تُفضي الى نتيجة ايجابية على مستوى ازمة الشغور الرئاسي.
وفي الوقت التي تنشط فيه كل من قطر و فرنسا على الساحة اللبنانية، تظهر الولايات المتحدة عبر دبلوماسييها، ان كان في اللجنة الخماسية او عبر سفيرتها في لبنان، ان التحرك الأميركي الجدي لم يحن وقته بعد. ووفق مراقبين، فان الولايات المتحدة لديها اولويات، فهي تصب كل جهودها على الحرب الروسية الاوكرانية، كما انها تدعم حالياً التقارب السعودي الاسرائيلي والتطبيع بين الدولتين وما سيشكله هذا الأمر من تعديل كبير في مستقبل المنطقة والتغييرات الكبيرة التي ستحصل فيها، دون ان ننسى ان واشنطن وعبر اقمارها الصناعية والعسكرية رصدت كميات تجارية كبيرة من الغاز والنفط في بحر لبنان ومنطقته الاقتصادية. كل هذه العوامل تدفع واشنطن الى التريث في الملف اللبناني، اذ انها لا تريد ان يصل الى القصر الجمهوري رئيس قريب أو “يمون” عليه حزب الله في الوقت الذي يتوقع ان يكتشف ثروات في البحر اللبناني تعود على البلاد بالمليارات من الدولارات. لذا من الطبيعي الا يكون هنالك تحرك اميركي جدي حالياً لحل الازمة الرئاسية، ولكن دون ان تمانع واشنطن المبادرة القطرية والفرنسية الداعمة باتجاه الخيار الثالث.
في السياق، كشف مصدر مطلع أن من المستبعد حالياً أنّ الثنائي الشيعي سيغيّر رأيه، ويتخلى عن دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى الرئاسة.
وتشير مصادر الثنائي الى انّ موقفهما هذا سبق ان اعلنوه وأكدا عليه، خلال لقاءاتهما مع الموفدين العرب والغربيين الذين زاروا لبنان، لذا لا داعي للشك في هذا الامر، “وهذا يعني انه لا يوجد لدينا ما يسمّى الخطة ب، وخلافاً لكل ما يردّده البعض ولأسباب معروفة بأنّ فرنجية سينسحب من المعركة، لان كل هذا بعيد عن الواقع، والفكرة غير واردة لديه على الإطلاق، لذا نطمئن هؤلاء بانه مصمّم على خوض الانتخابات الرئاسية.
وعلى خط “التيار الوطني الحر”، تلفت مصادره لصحيفة “الديار” الى انّ النائب جبران باسيل سبق ان اعلن مراراً انه مع خيار رئاسي جديد، وهو كان حاسماً في هذا الامر، وقالها صراحة انه ضد وصول سليمان فرنجية الى الرئاسة، كما ضد وصول قائد الجيش، وسبق ان سار في الخط المعارض وصوّت للوزير السابق جهاد أزعور، لكن حين تأكد له صعوبة وصول الاخير الى بعبدا، اتجه نحو خيار جديد عنوانه التوافق، لذا فالانظار تتجه اليوم نحو مرشح يحظى بهذه الصفة.
النزوح السوري
ومع مضي الاطراف اللبنانية في اصدار النصائح، وتقديم التحليلات، ذات المضمون والفارغة ايضاً، بدا ان اطرافاً دولية تسعى الى اغراق لبنان بفوضى التشتت على المستويات كافة، في غياب اية مرجعية للمعالجة، تحظى بقبول المكونات الوطنية، فبعد الفراغ الرئاسي، المستعصي على المعالجة في ظل الشروط والشروط المضادة، قفز الى الواجهة ملف النزوح السوري على نحو بالغ الخطورة، ليس ديمغرافياً وحسب، بل اقتصادياً وامنياً ايضاً.
وتحتل المفوضية العليا للاجئين اعلى السلّم بين الجهات الدولية العاملة على تكريس وتثبيت النزوح السوري في لبنان.
وكان البارز على هذا الصعيد ما اعلنه الناطق الرسمي للاتحاد الاوروبي في الشرق الاوسط وشمال افريقيا لويس ميغيل بونيو ان “لا عودة للنازحين السوريين في الوقت الحالي”، داعياً الى مساعدتهم ولبنان.
في هذا الوقت، دخل المجلس النيابي على خط الاجراءات الدستورية والقانونية لمعالجة الوجود السوري. فخصصت لجنة الادارة والعدل جلستها الثلاثاء لهذا الموضوع، وناقشت الخيارات في ما يشبه الرفض الكامل للمنطق الاوروبي، داعية على لسان رئيسها جورج عدوان المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين الى احترام السيادة اللبنانية، والتذكير بمذكرة التفاهم الموقعة عام 2003 والتي “تعتبر لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء”.
وأيدت اللجنة بإجماع اعضائها من مختلف الكتل وضع خطة حكومية، تتضمن اقفال الحدود، وتنظيم الوجود، على ان تعمل الحكومة على اعادتهم الى بلدهم.
أمنياً افيد عن توترات تحصل تباعاً، بين بعض اللبنانيين والنازحين السوريين كل ليلة تقريباً، آخرها ما جرى قبل ايام في مناطق النبعة وسن الفيل والدكوانة والشويفات وبرجا وعرمون، حيث سقط عدد من الجرحى بسبب خلافات تطورت الى ضرب بالسكاكين والعصي، الامر الذي يطلق المخاوف من انفجار أمني قابل للتمدّد الى مناطق اخرى، ما استدعى بعض البلديات والمخاتير الى إصدار بيانات تدعو الى ضبط الوضع، وتنظيم الوجود السوري وفق الاوراق الثبوتية، وترحيل المخالفين وكل من يقوم بالتعدّيات على المنطقة واهلها.
في غضون ذلك ، بدأت الدعوات في عدد من المناطق الكسروانية التي تحصل فيها تعدّيات وسرقات، ومن ضمنها منطقة أدما وبطلب من البلدية والاهالي، الى إعلان مشروع الحماية الذي يتضمّن إقفال بعض الطرقات الفرعية بعد التاسعة ليلاً، وفق ما افاد بعض الاهالي، واشاروا الى دفع مبلغ من المال لتأمين المصاريف لمشروع الحماية والحراسة الليلية، وضبط الامن والنظام والحفاظ على السلامة، إضافة الى وضع كاميرات للمراقبة في الشوارع، وعلم بأنّ بلدة غادير التي تعاني من سرقة السيارات ستتجه الى هذا الخيار لانّ الوضع لم يعد يُحتمل.
محلياً، ومع تأكيد زوار دار الفتوى، نقلاً عن المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان ان الجهد يجب ان يتركز على الاسراع بانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، حضر الملف نفسه في الاجتماع الموسع الذي عقده المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في دار الطائفة، وحضره الى جانب شيخ العقل الشيخ سامي ابي المنى والنائب السابق وليد جنبلاط رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط ووزراء ونواب وفاعليات درزية.
وتطرق البحث الى الموقف مما يجري في السويداء، لجهة الحراك المطلبي.
وأكد ابو المنى على احقية المطالب الشعبية، داعياً لاحترام كرامة جبل العرب، مؤكداً على وحدة الشعب والبلد في سوريا.
وكشف جنبلاط: “تطرقنا الى الاوضاع في جبل العرب، واكدنا تأييدنا الحراك السلمي، وتفادي الدخول في اي صراعات داخلية او غير داخلية”.
وكان شيخ العقل د. سامي أبي المنى قد افتتح الاجتماع بكلمة مطولة تناولت مختلف الجوانب الحياتية التي تهم طائفة الموحدين الدروز، وقال بالنسبة للحراك في السويداء: “لعلَّ الموضوعَ الأهمَّ اليومَ، أيُّها الأخوة، هو موضوعُ الحَراكِ المطلبي في السويداء، إذ هو موضوعٌ أساسيٌّ نقاربُه باعتبار أنَّ الموحِّدين الدُّروز عائلةٌ توحيدية معروفية عربية واحدة، وأنّ هناك قرابةً روحية ودموية وثقافية وتاريخية فيما بينهم، غير أنَّهم يعيشُون في أوطانٍ لها سيادتُها واستقلالُها وحدودُها. وإذا كنَّا لسنا في وارد التخلّي عن أهلِنا هنا وهناك وهنالك، فهذا لا يعني أننا في واردِ التدخُّلِ المباشَرِ في شؤون أوطانِهم التي يعيشون فيها، فهم أدرى بحالِهم، ونحن قلنا منذ اليومَ الأوَّل للتحرُّك: إنه لا بُدَّ من التعاطي مع الأمور والقضايا بوعيٍ وحكمة، وأكَّدنا معَ أصحاب السماحة في الجبلِ الأشمّ على أحقيَّة المطالب الشعبية وضرورة احترام كرامة الجبل، إذ هو جبلُ العروبة والثورة ضدَّ الاستعمار، وعنوانُ وحدةِ سوريا. وبالمقابل، فقد نبَّهنا إلى أهميَّة عدم خروجِ التحرُّكُ عن طابعه الوطني السلمي، وألَّا يكونَ فيه أيُّ مجالٍ للكلام المسيء والتهجُّم المقيت على أيٍّ من المرجعيات الروحية أو السياسية في الطائفة، فهذا أمرٌ مُستنكَرٌ إن حصل، فالحريَّةُ المضبوطةُ بالوعي تُتيحُ التعبيرَ عن المطالب الواقعية والمشروعة التي أهملتها الدولةُ طويلاً وعجزت عن تحقيقِها أو توانت، ولكنَّها لا تُبيحُ الاعتداءَ أو التطاولَ عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرِها، وهو ما لا نعهدُه في مجتمعِنا المعروفيِّ المحافظ، والذي أكَّد، بما لا يَقبلُ الشكَّ، أنّ التحرُّكَ الشعبيَّ المطلبيَّ الراقي كان عنوانُه منذ البداية وحدةَ الشعب ووحدةَ البلاد، وهو ما لمسناه وما أكَّدناه معَ قيادةِ الجبل الروحية، من ضرورة التشديد على وحدةِ أبناء السويداء لتكونَ سبيلاً للوحدة الوطنية، بعيداً عن أي شعاراتٍ انفصالية دخيلة لم تكن يوماً مطلبَ طائفتِنا في أيِّ مكانٍ وزمان، فالمسلمونَ الموحِّدون الدروزُ ليسوا خونةً ولا متآمرين، ولن يكونوا على الإطلاق، وإن طالتهمُ بعضُ الاتّهاماتِ من بعض الأقلام المأجورة، فهذه لا قيمة لها ولا صحة ولا اعتبار أمام وقائع التاريخ”.
وقال أبي المنى: “لْيعلَم القاصي والداني أنَّ الموحِّدين الدروز “لا يُذَلُّونَ لكَسبِ المغانم ولا يَرضخون لجائرٍ ظالم”. بالقيادة الحكيمة، وبالمواقف الوطنية الصافية، وبالوحدة الداخلية المُصانة والتماسُك الاجتماعي والتمسُّك بالإيمان والقيم، وبدعاء مشايخِنا الأطهار وأخواتِنا الطاهرات، سنكونُ، بعونِ الله، قلباً واحداً في مواجهة التحدّيات، والله يُوفِّقُ مَن دعا ومَن سعى ومَن رعى، هُوَ مَولانَا وعَلى اللهِ فَلْيتوكَّلِ المُؤمِنُون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com