بين حدّي موقف متضامن وداعم لحركة المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، وموقف يأخذ خصوصية الوضع في لبنان، والرغبة الرسمية والسياسية والشعبية بعدم التفريط بانجازات الصمود والهدوء من الجنوب الى الضاحية وبيروت، وسائر المدن والمناطق اللبنانية، يمشي “حزب الله” من دون استعجال، مقيماً الحساب لكل كلمة وخطوة وضربة عسكرية، مع الاخذ بعين الاعتبار عدم الانجرار الى استعادة ما جرى في حرب تموز من استهداف للمدنيين والقرى والجسور ومحطات الكهرباء والمياه والمستشفيات من الجنوب الى الضاحية والبقاع، فضلاً عن عمليات التهجير الجماعي وما ترتب عليها.
وبصرف النظر عن الاتصالات الدبلوماسية الدولية، والمشاورات الداخلية، فإن العمليات الحربية بين اسرائيل وحماس وفصائل المقاومة في غزة وغلافها وسائر مناطق الوجود الفلسطيني، شهدت وتيرة اعلى من المناوشات بالقذائف والمدفعية والصواريخ، من دون التوصل الى اعلان رسمي بالدخول في الحرب مباشرة، في الجنوب تحديداً.
واستبعد خبراء تطور المناوشات الى حرب، ما لم يحدث تطور كبير في الميدان، كمحاولة ازالة غزة او غزوها من البر او توسع المواجهات في الاقليم، على مستوى دولي – اقليمي، في حرب محاور شبيهة بالحرب الروسية – الاوكرانية.دبلوماسياً، تحركت سفيرة الولايات المتحدة الاميركية في بيروت دورثي شيا بين عين التينة حيث التقت الرئيس نبيه بري ودارة الرئيس نجيب ميقاتي، لنقل الموقف الاميركي مما يجري، والتحذير من مغبة انجرار لبنان او توريط حزب الله للبلد بفتح جبهة جديدة من الجنوب.
وكشفت مصادر سياسية ان سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا نقلت بالى رئيس مجلس النواب بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله أبوحبيب موقف حكومة بلادها من التطورات المتسارعة في غزة، وتحذيرها من مغبة مشاركة حزب الله في هذه الاشتباكات الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، ما يعرض لبنان واللبنانيين لمخاطر غير محسوبة، واكدت في الوقت نفسه حرص الولايات المتحدة الأمريكية على امن واستقرار وسلامة لبنان.
واشارت المصادر إلى ان حركة عدد من السفراء الأجانب،مع المسؤولين والسياسيين اللبنانيين، تحذيرهم من مشاركة الحزب بالعمليات العسكرية انطلاقا من جنوب لبنان في هذا الظرف بالذات، الذي يشهد تطورات متسارعة لا يمكن التكهن بنتائجها وتداعياتها،والخشية من الزج بلبنان فيها.
اما حكومياً، فإن مجلس الوزراء، يعقد بهيئة تصريف الأعمال، جلسة في الرابعة من بعد ظهر الخميس اليوم في السراي الكبير، لعرض المستجدات الراهنة في ظلّ تطوّر الأوضاع على الصُعد كافةً، إضافةً إلى عرض التقرير الدوري حول تنفيذ مندرجات قرار مجلس الوزراء رقم 1 تاريخ 11/09/2023 المتعلّق بموضوع النزوح السوري، بحسب بيان صادر عن الامين العام لمجلس الوزراء.
وتوقعت مصادر سياسية مطلعة أن تخرج جلسة مجلس الوزراء إما ببيان يتلوه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تعليقا على التطورات الأخيرة أو بكلمة له تنطلق من موقف لبنان لإبقائه بمنأى عن تداعيات الأحداث في غزة، وأكدت أن هناك حرصا على إبقاء الحكومة متضامنة، ولذلك كانت الدعوة لحضور جميع الوزراء بمن في ذلك المقاطعين من الوزراء المحسوبين على التيار الوطني الحر.
ورأت هذه المصادر أن الجلسة أيضا تغوص في مناقشة المقررات السابقة بشأن النزوح وما تم إنجازه ويعرض الوزراء المعنيون تقاريرهم.
إلى ذلك ابلغت مصادر في التيار الوطني الحر اللواء ان مقاطعة مجلس الوزراء تندرج من مبدأ وبالتالي لم يتبدل هذا المبدأ على ان الوزراء لهم الحرية في حضور الجلسة ام لا. وهنا تردد أن قسما منهم قد يحضر لاسيما لمتابعة ملف النزوح.
ومع أن تكتل لبنان القوي، دعا بعد اجتماعه الثلاثاء الى التفكير في ما يجب عمله لضمان امن لبنان، وتفادي انعكاسات الحرب عليه، فإن لغة النكد السياسي بقيت سمة خطابه الداخلي، لجهة وصف دعوة مجلس الوزراء لجلسة اليوم بأنه “شكلي”، مسجلاً عيباً على الدعوة بأنها جاءت من رئيس الحكومة بعد اجتماع مع رئيس المجلس.
من جانبه، كتب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، في منشور على حسابه عبر منصة “إكس”: “بقدر ما ندعم حق المقاومة الفلسطينية في قتال إسرائيل على ارض فلسطين، نرفض كل استخدام لأرض لبنان من جانب اي طرف غير لبناني، كمنطلق لأعمال حربية”.
جاء ذلك بعد تشييع حزب الله شهدائه الثلاثة، ثمّ تبني حزب الله استهداف ملالة اسرائيلية من نوع “زيلدا” عند موقع الصدح غرب بلدة صلحا (المستعمرة المسماة أفيفيم) بصاروخين موجهين، وتم اصابتها وتدميرها بالكامل.
وردت اسرائيل، حسب ناطق اسرائيلي، باستهداف موقع استطلاع آخر لحزب الله بعد اطلاق القذيفة.
وطلبت قوات الاحتلال من سكان بلدة المطلة القريبة من الحدود مع لبنان بمغادرتها على الفور.
وفي اول تطور من نوعه، اعلنت كتائب القسام، أنها اطلقت من جنوب لبنان صواريخ باتجاه الجليل.
وأفاد مراسلون في الجنوب بان “الجيش الاسرائيلي قصف محيط بلدات زبقين والقليلة والحنية شرقي مدينة صور.
غزة
توازياً، حشدت إسرائيل 400 ألف من جنودها بعد استقدام قوات الاحتياط من الداخل والخارج من أجل تنفيذ أكبر عملية اجتياح لقطاع غزة بعدما حصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على دعم غير مسبوق من الرئيس الأميركي جو بايدن الذي قال في تصريح له أنه طلب من نتنياهو القيام برد حاسم على هجوم حماس السبت واصفا إياها بـ”الارهاب المطلق”.
في الأثناء، ظهر تضارب في المواقف الأميركية بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية. ففي حين رفع بايدن من لهجة الدعم والتهديد، حاول مستشاره في وقت لاحق أن يخفف من حدة اللهجة بالقول إن حاملة الطائرات لا تستهدف مواجهة حماس بل عدم التصعيد في المنطقة.من جهتها قالت وزارة الخارجية أن انتوني بلينكن سيتوجه إلى إسرائيل لبحث الوضع وعدم توسع الحرب إلى أطراف أخرى.
وكانت روسيا حذرت الثلاثاء من أن ارسال الولايات المتحدة حاملة طائرات يهدد بدخول طرف ثالث في المواجهة، فيما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن التصعيد الخطير بين الفلسطينيين والإسرائيليين يؤكد فشل سياسة واشنطن، مشددا على أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة هو الحل الوحيد للسلام.
وشهد الميدان الحربي تطورات كبيرة تخلله قصف إسرائيلي مكثف على قطاع غزة أوقع دمارا كبيرا ومزيدا من القتلى، فيما تجري الاستعدادات الإسرائيلية لتنفيذ عملية اجتياح بري للقطاع. في المقابل كثفت المقاومة الفلسطينية من ضرباتها الصاروخية في مناطق مختلفة من إسرائيل، وخاصة في مدينة عسقلان بعد إمهال سكانها بالمغادرة.
وذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن اشتباكا بين قوات إسرائيلية ومسلح فلسطيني، اندلع في مدينة عسقلان القريبة من قطاع غزة.
وفي حين يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للخروج من المأزق والنفق الذي وجد نفسه فيه، لتشكيل حكومة طوارئ مع المعارضة لإدارة الحرب، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن دعمه العسكري لإسرائيل أمام ما وصفه بـ “الشر المطلق” لحماس، مشيرا إلى إنه أولويته عدم بقاء أي أميركي رهينة قيد الاحتجاز في أي مكان في العالم.
وقال بايدن في خطاب: “ثمة لحظات في هذه الحياة، وأعني ذلك حرفيا، عندما يطلق العنان لشرّ مطلق على هذا العالم… هذا العمل هو شر مطلق”.وأشار الرئيس الأميركي إلى أن بلاده تقف مع إسرائيل وتحرص على أن تحصل على كل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها.
وأشار بايدن إلى أنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو، وأكد له تضامن واشنطن مع إسرائيل. كما قال بايدن إن واشنطن وفرت الأسلحة الاعتراضية والذخائر اللازمة للقبة الحديدية في إسرائيل.
وأضاف الرئيس الأميركي: “عززنا الإجراءات الأمنية حول التجمعات اليهودية في الولايات المتحدة”.
وفي وقت لاحق قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان: “لم نحرك حاملة طائراتنا لمواجهة حماس؛ بل لمنع التصعيد”. وأضاف الا خطط لدينا لنشر قوات على الأرض.
وأدى القصف الإسرائيلي وغارات جوية على غزة إلى سقوط أكثر من 830 قتيلا، وتسبب في دمار واسع.
وقال متحدث إسرائيلي إن إسرائيل ستواصل “الهجوم ونهاجم حركة حماس الإرهابية وأي جماعة أخرى في غزة. سيتعين علينا تغيير الواقع من داخل غزة لمنع حدوث ذلك مجدداً”.
وفي وقت سابق، أعلن الجيش الإسرائيلي سيطرته على تخوم غزة مع مواصلة قصف القطاع الخاضع بينما استمرت المواجهات بين مقاتلي حماس وقوات الاحتلال في بعض المستوطنات.
وقال المتحدث العسكري ريتشارد هيخت للصحافيين: “عثر على قرابة 1500 جثة لمقاتلي حماس في إسرائيل وحول قطاع غزة”، مضيفاً أن قوات الأمن “استعادت السيطرة نوعاً ما على الحدود” مع غزة.
وأضاف: “نعلم أنه منذ الليلة الماضية لم يدخل أحد، لكن مع ذلك يمكن أن تحصل عمليات تسلل”.
وأكد أن الجيش “استكمل تقريباً إجلاء جميع التجمعات السكانية الحدودية، ونشر 35 كتيبة في المنطقة”. وتابع: “نقوم ببناء بنى تحتية لعمليات لاحقة”.
وفي التطورات أيضاً، انطلقت رشقات صاروخية جديدة من غزة باتجاه عسقلان، مع انتهاء مهلة حماس لسكانها.
وأفاد مراسلون بسقوط عدد من الصواريخ داخل عسقلان، وأن هناك أضرارا كبيرة بأحد المباني في عسقلان جراء الصواريخ. وأفادت “القناة 12” الإسرائيلية بسقوط قتيلين وإصابات خطيرة في عسقلان.
وحذرت حركة حماس من أنها ستواصل قصف عسقلان إذا لم توقف إسرائيل تهجير المدنيين في غزة.
وأضافت حماس في بيانها بالقول: “سنواصل قصف عسقلان حتى تهجير سكانها ثم سننتقل لاستهداف مدينة أخرى”.
وكانت كتائب “عز الدين القسام” الجناح العسكري لحركة حماس، أعلنت في وقت سابق، استهداف تل أبيب وهرتسليا وبئر السبع بقصف صاروخي. وبحسب بيان الجناح العسكري لحماس عبر قناته على تيلغرام، “جاء قصف هذه المدن رداً على هجمات الجانب الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين”.
وقبلها، حذر المتحدث باسم “عز الدين القسام”، عبر تليغرام، سكان عسقلان جنوب إسرائيل، لمغادرة المدينة.
وذكر الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة في بيان، أن ذلك يأتي “ردا على جريمة تهجير العدو لأهلنا وإجبارهم على النزوح من منازلهم في عدة مناطق من قطاع غزة”، بحسب تعبيره.
يأتي ذلك فيما أعلنت حماس أن كتائب القسام قصفت تل أبيب ومطار بن غوريون الإسرائيلي بالصواريخ ردا على استهداف المدنيين، إلا أن المتحدث باسم مطار بن غوريون نفى استهداف المطار بأي صواريخ.
وتعرض معبر رفح بين قطاع غزة ومصر لقصف إسرائيلي للمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة، في حين أوردت القناة الـ12 الإسرائيلية أن الجانب المصري تلقى تحذيرا إسرائيليا من مغبة السماح بدخول إمدادات إغاثية إلى القطاع.
واستهدف القصف المنطقة العازلة بين البوابتين المصرية والفلسطينية لمعبر رفح، مما أدى إلى وقوع أضرار بالقاعة الداخلية بالجانب الفلسطيني للمعبر، وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلنت حركة حماس، النفير العام يوم الجمعة القادم “جمعة طوفان الأقصى”، نصرة القدس والأقصى وغزة المجاهدة. وقالت حماس في بيان لها: “نشد على أيادي شبابنا الثائرين في عموم الضفة الغربية والقدس المحتلة للانتفاض والخروج في حشود هادرة، والاشتباك مع جنود الاحتلال في كل مكان”.
وأضافت: “إلى أهلنا في الداخل المحتل عام 48، هذا اليوم يومكم لتنفروا وتحتشدوا وترابطوا في المسجد الأقصى المبارك، ولتتوحدوا مع أبناء شعبكم في غزة والضفة”.
في الأثناء، أعلن الجيش الإسرائيلي، مقتل القياديين في حركة حماس زكريا أبو معمر و جواد أبو شمالة في غارة جوية على غزة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “اغتالت طائرة تابعة للجيش الإسرائيلي جواد أبو شمالة، وزير الاقتصاد في حركة حماس، حيث كان يتولى، ضمن مهامه، إدارة الشؤون المالية للمنظمة وتخصيص الأموال لتمويل وتوجيه العمليات داخل قطاع غزة وخارجه”.
في الشمال، أعلن الجيش الإسرائيلي، أنه رصد عمليات إطلاق قذائف من الأراضي السوريةـ بعضها وصل إلى إسرائيل وسقط في منطقة مفتوحة. ولم يقدم الجيش تفاصيل. ولم ترد أنباء عن وقوع أضرار أو إصابات.
وقال الجيش الإسرائيلي أيضا إنه قصف مواقع للجيش السوري ردا على تلك القذائف، واستخدم في الرد المدفعية وقذائف المورتر.
في غضون ذلك دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو زعيم حزب الوحدة الوطنية الإسرائيلي المعارض بيني غانتس للاجتماع، للدفع باتجاه تشكيل حكومة طوارئ.
وافاد بيان لحزب ليكود بزعامة نتنياهو بأن جميع الشركاء في الائتلاف الحاكم وافقوا على توسيع الحكومة لتشمل سياسيين هم حاليًا في صفوف المعارضة.
ودعا عضو من اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو الائتلافية إلى ضم سياسيين معارضين للحكومة في إطار جهود إحلال الاستقرار بإسرائيل التي تشن حربا على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة.
في طهران نفى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الثلاثاء، ضلوع طهران في العملية التي شنّتها “حركة حماس” ضدّ إسرائيل، السبت، مذكّراً بالدعم الإيراني للفلسطينيين. واعتبر خامنئي، في كلمة ألقاها أمام كلية عسكرية، أن إسرائيل عرفت “فشلاً لا يُمكن إصلاحه في المجالَين العسكري والاستخباراتي» بعد الهجوم الذي بدأته حماس”.