– كتب جوزيف خوري:
توفي نهاية الإسبوع الماضي مفتي أستراليا السابق ، وإمام مسجد علي ابن أبي طالب -كرم الله وجهه – في لاكمبا الشيخ تاج الدين الهلالي عن عمر يناهز ٨٢ عاما ، والمرحوم الهلالي عُيّن إمام مسجد لاكمبا في أوائل ١٩٨٢ مكان المرحوم الشيخ خالد زيدان الذي تنحى بناء على طلب من الجمعية الإسلامية التي كان يرأسها محمد توفيق زريقة.
الشيخ الهلالي اشتهر بخطبه الجريئة التي كانت تصيب أحياناً بعض الشخصيات، وبعض زعماء المنطقة العربية، فبعد عام من وصوله إلى أستراليا، ألقى خطبة هاجم فيها عدداً من الزعماء العرب من المحيط إلى الخليج. وعلى الرغم من انقسام وجهات النظر حيال تلك المواقف، فإنّه حظي بتأييد عارم من الجمعيّة الإسلاميّة التي كان له فيها دور المرشد والموجّه، وصاحب كلمة محترمة.
الشيخ تاج قدم طلبًا للاقامة الدائمة في أستراليا، لكن طلباته كانت ترفض، حتى عهد رئيس الوزراء الفيدرالي الأسبق بول كيتينغ، الذي زار جامع لاكمبا، ووعد الشيخ الهلالي بمنحه الإقامة الدائمة، وهكذا حصل، وكان ذلك الإجراء دعمًا قوًيا للشيخ الهلالي لكي يثبت قدميه أكثر فأكثر في أستراليا.
وبعد سنوات من الخدمة والدعوة، وفي خضمّ ظروف صعبة، غادر الشيخ تاج أستراليا في العام 1998، واتهم بتهريب الآثار في بلده الأم مصر، وحُكم عليه بالسجن. وينفي الشيخ تاج تلك التهمة جملة وتفصيلاً. ففي مقابلة مع صحيفة “البيان” الإماراتية في شباط 2002، قال: “إن هناك تنظيمات سرية ساهمت ووقفت وراء هذه المؤامرة التي أثبت بفضل الله القضاء براءتي التامة منها”.
وأضاف: “هذه القضية ملفقة ولا اساس لها من الصحة، وقد حكم القضاء المصري العادل ببراءتي منها في شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وترجع القضية الى عام 1998 عندما قررت بناء مشروع علميّ في مصر أسميته (المدينة الاسترالية) لجذب المواهب والنوابغ من أبناء مصر لإعدادهم ليكونوا كوادر فنية وعلمية قادرة على البناء، وقمت بجلب مبلغ كبير من المال معي من استراليا وسلمته لأحد الأشخاص هنا في مصر لتنفيذ المشروع. ولكن المفاجأة عندما جئت الى مصر فوجئت باتهامي بتهريب الآثار، وتمّت سرقة الأموال المخصصة للمشروع بعد قتل الشاب الذي أعطيتُ الأموال له وأوكلتُ اليه أمر تنفيذ المشروع ومتابعته أولاً بأول نظرا لسفري المتواصل خارج مصر”.
بعد تلك الفترة، عاد الشيخ تاج إلى أستراليا بدون وظيفة رسميّة. وتباينت الآراء العامّة حول عودته، وعلى الرغم من كل التباينات، ظل شخصيّة روحيّة متميّزة، وحافظة لأسرار كثيرة، سواء بالنسبة لحياته أم لعلاقته مع المجتمع، وخصوصاً مع الجمعية الإسلامية. وكان يتمتع بذكاء ومعرفة وثقة بالنفس، ما جعله يتخطى الصعوبات بصبر، ويحافظ على موقعه كشخصية مهمة على الصعيدين الديني والاجتماعي.
توفّى الشيخ تاج الدين الهلالي، ونعاه في سدني مسجد الرحمن الذي أقام مجلس عزاء وفاتحة وتأبين عن روحه، كما نعاه أيضا وأقام مجلس عزاء وفاتحة عن روحه مسجد الزهراء في أرنكليف. ونعته الجمعية الإسلامية، حيث أقامت مجلس عزاء في جامع لاكمبا الجمعة الماضية. الشيخ الهلالي توفي في بلده الأم مصر، آخذاً معه أسراراً كثيرة عن الجالية، ومؤسساتها، وجمعياتها، والتناقضات المحيطة بها. فيا هل ترى من هو كاتم أسرار الشيخ الهلالي؟!