القلق يتزايد من الجنوح إلى الحرب وشهداء جدُد في المواجهات المباشرة ميقاتي يزور الجنوب في خطوة مفاجئة وباسيل في بنشعي للقاء فرنجيه

في ذروة الحرب على قطاع غزة، وعموم مناطق السلطة الفلسطينية، امتداداً إلى الحدود مع لبنان. دخلت الإجراءات السياسية والاحترازية والوقائية في سباق مع مخاوف جديّة من انضمام حزب الله على نطاق واسع لجهة الحرب. أو فتح ما يسمى بالجبهة الثانية أو الجهة الشمالية (بتعبير اسرائيلي – أميركي – غربي).
ولم يغفل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الإشارة، من تل ابيب، حيث انضم إلى جوقة الغرب الدولية المعادية لحماس والداعمة للآلة التدميرية الإسرائيلية، التي تقصف غزّة بشكل جنوني. فبعد لقاء بنيامين نتانياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية، إلى أن بلاده بعثت “برسائل تحذير إلى حزب الله من مغبة التدخل في الحرب”.
ماكرون التقى الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، وقال بعد اللقاء: “سنبذل كل ما في وسعنا لإعادة الأمن والاستقرار لإسرائيل والمنطقة”. وشدد ماكرون على ان “الهدف الأول اليوم هو إطلاق جميع الرهائن دون تمييز”، معتبرا ان “الاعتداء على إسرائيل في7 تشرين الاول شكل صدمة لفرنسا وللعالم”.
اكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في كلمة له بعد لقائه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أنه ” جئت كي أذكر الجميع بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في وجه الدمار”.
وتابع :”نقترح بناء تحالف إقليمي ودولي لمواجهة المجموعات التي تهددنا جميعاً”، معتبرا ان “أولويتنا وأولوية كل الديمقراطيات وفرنسا هي الانتصار على المجموعات الإرهابية”.
ورأى ماكرون أن “حزب الله والنظام الإيراني ومن يهدد إسرائيل عليهم عدم تشكيل خطر يخرج الجميع منه خاسرين في أي صراع”.
وفي مؤتمر صحفي، بعد الاجتماع إلى الرئيس الفرنسي في تل أبيب، أنّ “همجية حركة “حماس” تُهدّد الشرق الأوسط وأوروبا والعالم”، مشيرًا إلى أنّه “إذا ارتكب حزب الله خطأ المشاركة في هذه الحرب فإنه سيندم”.
ولفت إلى “أننا نبذل كل ما في وسعنا من أجل القضاء على “حماس” والإفراج عن جميع الرهائن وعدم إيذاء المدنيين”، مضيفاً: “نسعى لإنهاء الحرب في أقرب وقت ولكنها قد تطول”.
وفي وقت سابق من الثلاثاء، وصل ماكرون إلى تل أبيب في زيارة يُظهر فيها الدعم لإسرائيل من أجل القضاء على حركة “حماس”، وذكرت مصادر الإليزيه أن ماكرون سيزور الأردن، وربّما يلتقي قادة آخرين في المنطقة، بينما يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه العنيف على قطاع غزّة، حيث وصل عدد القتلى فيه إلى 5300، وناهز عدد الجرحى 16000، في آخر حصيلة من وزارة الصحة في القطاع.
وفيما تكرر إسرائيل كل يوم عزمها على البدء بالهجوم البرّي، تؤجله ضغوط دولية وخلافات بين المسؤولين السياسيين والجنرالات غير المتحمسين لهذه المغامرة غير المحسوبة، إضافة إلى ملف الرهائن الحساس.
وفي اليوم الـ18 من الحرب على غزة، كثف الطيران الإسرائيلي قصف المدنيين بلا هوادة، ووثقت وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع يوم الثلاثاء 47 مجزرة خلفت 704 شهداء.
ومع تواتر المجازر بحق المدنيين والتدمير الشامل للأحياء السكنية في غزة، يزداد الوضع الإنساني تدهورا، حيث أعلنت وزارة الصحة بغزة الانهيار التام للمنظومة الصحية في المستشفيات، في حين ارتفع عدد النازحين في القطاع إلى نحو مليون و400 ألف.
وقالت إسرائيل من جانبها إنها قتلت عشرات من مقاتلي حماس في الغارات الليلية على الجيب المحاصر لكنها قالت إن حربها لتدمير الجماعة الإسلامية ستستغرق وقتاً.
في الاثناء، احتشدت دبابات وقوات إسرائيلية على الحدود بين إسرائيل وغزة انتظارا لأوامر بدء اجتياح بري مرتقب. وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه قصف أكثر من 400 هدف في غزة وقتل العشرات من مقاتلي حماس بينهم ثلاثة من نواب القادة.
وألقى الجيش الإسرائيلي مناشير باللغة العربية في سماء غزة طلب فيها من السكان تقديم معلومات عن المخطوفين الذين تحتجزهم حركة حماس .
من جهة أخرى أفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي بإصابة 5 أشخاص بجروح طفيفة جراء القصف الصاروخي على وسط إسرائيل.
جاء ذلك بعدما أعلنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- أنها وجهت ضربة صاروخية جديدة لتل أبيب “ردا على المجازر الصهيونية بحق المدنيين”.
وانطلقت صفارات الإنذار في تل أبيب وعديد من المدن والبلدات المحيطة بها شمالا وجنوبا، بما في ذلك هرتسليا وكفار شمرياهو.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن اعتراضات متعددة جرت وسط إسرائيل لوابل مستمر من صواريخ غزة.
وقالت كتائب القسام إن قوة من الضفادع البشرية التابعة لها تمكنت من التسلل بحرًا والإبرار على شواطئ “زيكيم” جنوب عسقلان المحتلة، حيث دارت اشتباكات مسلحة مع جيش الاحتلال في تلك المنطقة.
وأفادت الجبهة الداخلية الإسرائيلية بسقوط صواريخ على ناحل عوز في غلاف غزة. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّه تمكن من قتل 10 مسلحين من حماس تسللوا إلى “زكيم”.
مجلس الأمن
والثلاثاء بحث مجلس الأمن الدولي الوضع الخطير في غزة من أجل محاولة وقف إطلاق النار أو إقرار “هدنة إنسانية” بضغوط تمارسها المجموعة العربية بينما شهدت الجلسة سجالات حادة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أمام المجلس إنه “يشعر بقلق شديد إزاء الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني الدولي التي نشهدها في غزة”، داعيا إلى “وقف إطلاق نار إنساني فورا” في القطاع.
وأضاف: “من المهم أن ندرك أيضا أن هجمات حماس لم تحدث من فراغ. لقد عانى الشعب الفلسطيني من احتلال خانق على مدى 56 عاما”.
لكنه تابع: “مظالم الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تكون مبررا للهجمات المروعة التي شنتها حماس. وهذه الهجمات المروعة لا يمكن أن تكون مبررا للعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”.
ووصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان خطاب غوتيريش بأنه “صادم”. وكتب على موقع التواصل الاجتماعي إكس: “تصريحه بأن هجمات حماس لم تحدث من فراغ يعبر عن تفاهم مع الإرهاب والقتل… إنه لأمر محزن حقا أن يكون لدى رئيس المنظمة التي نشأت بعد المحرقة مثل هذه الآراء الفظيعة”. وطالب إردان باستقالة غوتيريش.
من جهته ندّد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بالانتقادات قائلا: “سيدي الأمين العام، في أي عالم تعيش؟”
في المقابل رأى وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن عدم تحرك مجلس الامن الدولي لوقف الحرب “لا يغتفر” منددا بـ”المجازر (…) التي ترتكبها اسرائيل”.
بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: “أنا هنا اليوم لأن الولايات المتحدة تؤمن أن الأمم المتحدة تلعب دورا أساسيا لحل أزمة غزة”.
وقال بلينكن: “علينا العمل على استدامة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة من دون أن تستفيد حماس منها”. ودعا لإطلاق سراح “الرهائن” في غزة فورا ودون أي شروط. وقال: “واشنطن لا تريد مواجهة مع إيران، لكن لو استهدفت إيران ووكلاؤها الولايات المتحدة فسندافع عن مصالحنا”.
إلى ذلك طالب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيريه المصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي بوقف فوري لإطلاق النار وإنهاء حصار قطاع غزة.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك على هامش اجتماع مجلس الأمن في نيويورك دعا الأمير فيصل أيضا إلى العودة إلى عملية سلام “حقيقية”
وقال وزير الخارجية المصري إنه “يجب وقف إطلاق النار بشكل فوري ومستدام في غزة حتى تتجنب المنطقة اتساع رقعة النزاع”.
من جانبه قال وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي إن الأيام القادمة ستشهد المزيد من التحركات العربية المشتركة في مواجهة الحرب على قطاع غزة والتهديد لأمن المنطقة.
وحذر الصفدي من أن “الدعم لحرب إسرائيل يولد انطباعا خطيرا في منطقتنا وبين شعوبنا بأن هذه الحرب هي بين الغرب (من جهة) والعرب والإسلام” من جهة أخرى. واعتبر هذا الانطباع “خطرا وكارثة للجميع”.
قلق في لبنان
في بيروت، افادت أوساط سياسية بأن المعارضة انطلقت في تحرك لا يختلف عما طرحته في مجلس النواب، من خلال رفض جر لبنان إلى الحرب. وتوقعت أن تتصاعد وتيرة هذه المطالبة في الأيام المقبلة كما أن ينضم إلى افرقاء المعارضة أفرقاء آخرون يخشون من سيناريو أسوأ من حرب تموز العام ٢٠٠٦.
إلى ذلك أشارت المصادر إلى أن الحركة الداخلية لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل متواصلة. وقالت مصادر قريبة من التيار الوطني الحر، إن لقاء باسيل مع الرئيس بري في عين التينة، كسر المقاطعة، وفتح الباب أمام رئيس المجلس للتحضير إلى جلسات حوار إذا ما ارتأى من مصلحة وضرورة لذلك، للتفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية يعزز الوحدة الوطنية بمواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه البلد. وعلم أن باسيل قرر زيارة بنشعي للقاء الوزير السابق سليمان فرنجيه، للتشاور في سلسلة من الافكار يجري التكتم حولها، لكن الرئاسة الأولى في صلب المشاورات.
كما يزور باسيل كتلة الاعتدال الوطني وكتلة الوفاق والنائب فيصل كرامي.
وكان باسيل، في اليوم الثاني لجولته، زار رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث تم عرض للاوضاع العامة والمستجدات السياسية والامنية في ضوء تصاعد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ولبنان فضلا عن الاستحقاق الرئاسي. بعد اللقاء قال باسيل: “العنوان الأساس اليوم هو الوحدة الوطنية وحماية لبنان وواجباتنا أن نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي يتعرّض لمجزرة إنسانيّة”.
وأضاف: “لا أحد يُمكن أن يجرّنا إلى حرب، إلا إذا اعتدى علينا العدو الإسرائيلي عندها نكون مُجبرين على أن ندافع عن أنفسنا”. واعتبر باسيل أن “اللبنانيين جميعاً متّفقون على أنّهم لا يريدون الحرب، ولكن هذا لا يعني أن نسمح بالهجوم علينا من دون ردّ.” وأشار إلى أن “الحرب ستطول وواجبنا أن نعمل لتأمين انتخاب رئيس للجمهوريّة وهذا يكون بالتفاهم لأنّ الوقت ليس للتحدّي”.
وسط ذلك، بدا الموقف اللبناني ثابتاً لجهة الإلتزام بالقرارات الدولية، وبدور قوات الامم المتحدة العاملة في الجنوب (اليونيفيل) شدد عليه الرئيس نجيب ميقاتي، الذي كانت له محطة في الجنوب من صور إلى مقر قيادة اليونيفيل في الناقورة، وتفقد ميقاتي في مشاركة قائد الجيش العماد جوزاف عون منطقة القطاع الغربي، للاطلاع على الاوضاع أو مهام الجيش بالتنسيق مع اليونيفيل.
واستهل ميقاتي في جولته بزيارة مقر قيادة قطاع جنوب الليطاني في الجيش في ثكنة بنوا بركات. ثم انتقل برفقة العماد عون إلى مقر قيادة اليونيفيل المؤقتة في الناقورة، واجتمع مع القائد العام للطوارئ الجنرال أرلدو لازاروساينز بحضور مقر قيادة لواء المشاة الخامس في البياضة. وفي كلمته بعد انتهاء الجولة، خاطب ميقاتي العسكريين بالقول: “أتينا إلى هنا كرسالة بأنكم الأجدر بحماية الوطن، ولكم الفضل في الإبقاء على الدولة وشرعيتها ومؤسساتها وإليكم تشخص العيون في الداخل والخارج”.
وأكد قائد الجيش أن المؤسسة العسكرية تحافظ على الجهوزية عند الحدود الجنوبية.
من جانبه، تخوف النائب السابق وليد جنبلاط من أن نُستدرج إلى حرب ، قد تكون أقسى من العام 2006، وكشف أنه لا بد من ترميم الحكومة، وإجراء تعيينات في المؤسسات الأمنية، لا سيما قيادة الجيش ورئاسة الأركان والتمديد لقائد الجيش الحالي العماد جوزاف عون.
وأشار إلى أن لديه “قلقاً كبيراً على لبنان” معتبراً أن “الحزب ما يزال يمسك بزمام الامور في الجنوب”.
وقال جنبلاط بعد اجتماع الهيئة العامة للمجلس المذهبي الدرزي: “ان العالم الغربي ضدّنا وبعض المعلّقين في لبنان يقولون إنّ ما يحصل في غزّة مؤامرة إيرانية وطهران استفادت ولكن هل قام أحد من العرب بمساعدة “حماس” من مال عربي؟” وشدد على “اننا مع مقولة الأرض مقابل السلام بتسوية ولكن هل بقي شيء من تلك الأرض كي نطرح السلام؟”
وأضاف حنبلاط ان “الهجوم البرّي على غزّة قد يرتدّ على الداخل اللبناني، ولذلك كان التواصل مع “حزب الله” بألا نُستدرج إلى الحرب فهي في الجنوب “ماشية” ولكن ندعو إلى عدم توسيع رقعتها.
دبلوماسياً، زارت السفيرة الاميركية دورثي شيا رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وعرضت وجهة نظر بلادها مما يجري في غزة وضرورة عدم فتح جبهة جديدة في لبنان.
وفي سياق دبلوماسي آخر، أجْلت السفارة السعودية في بيروت عوائل الموظفين الدبلوماسيين عبر مطار رفيق الحريري الدولي على طيران السلاح الجوي السعودي.
الغذاء إذا فرص الحصار
غذائياً، أعلن وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام، أن القطاعات على اختلافها على أهبة الاستعداد لمواكبة أي ظرف طارئ، وكشف أن وزارته أجمعت مع منظمات دولية للمساعدة في حال ضرب حصار بحري على لبنان.
وتناول مخزون الطحين والقمح، وقال إن اجراءات ستتخذ في الايام القليلة المقبلة، تسهل الاستيراد بشكل أسرع.
الوضع الميداني في الجنوب
يبقى الترقب في الجنوب سيد الموقف، في ضوء المواجهات المباشرة الجارية على طرفي الحدود بين الجيش الاسرائيلي والمقاومة، التي زفت مجموعة جديدة من الشهداء في المواجهات الجارية في القطاعات الثلاثة من الغربي والاوسط، والشرقي.
واستهدفت مدفعية جيش الاحتلال المناطق المحيطة بمدرسة عيتا الشعب ومنطقة الشيخ زين في مروحين، إضافة إلى قصف طاول بعض المنازل في قضاء مرجعيون. كما استهدفت طائرات مسيرة معادية محيط بلدة كفر شوبا، واستهدفت مدفعية العدو السيارات المدنية في عدد من القرى.
وتحدثت المقاومة الاسلامية عن أن مجاهديها هاجموا ثكنة برانيت بالأسلحة الصاروخية الموجهة والقذائف المدفعية، وحققوا فيها إصابات مباشرة، كما أعلنت عن مهاجمة موقع خربة المنارة بالاسلحة الصاروخية الموجهة والقذائف المدفعية وحققوا فيها إصابات مباشرة.
وشيع حزب الله على امتداد قرى في الجنوب والبقاع مجموعة من شهدائه الذين سقطوا بالمواجهات الميدانية على طول المواقع في الجنوب. وبلغ عدد القتلى اللبنانيين جراء مناوشات الجنوب 50 قتيلاً، بين مدنيين ومقاتلين تابعين للمقاومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com