بدء الهجوم البرّي في غزّة وسط دمار مرعب إجراءات لمنع التفلُّت جنوباً والمقاومة تلتزم بتكتيكها الحربيّ

بالأشهر، تدخل حرب غزة، وارتباطاً بها الاشتباك الخاضع لحسابات دقيقة في لبنان، اليوم شهرها الثاني.
فالمقاومة الشجاعة في غزة على سلاحها في اسقاط اهداف الحرب، وآخرها محاولة تقسيم غزة، على الرغم من اهوال الدمار. وشلالات الدم والقتل والمجازر المرتكبة بحق الاطفال الصغار والنساء الصابرات، وكبار السّن، الذين يعتبرون الموت في أرضهم شهادة على الانتصار والحياة الحرة الكريمة.
وكرَّر وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت اعتبار ضربات غزة بمثابة رسالة واضحة لحزب الله، بينما دعا مسؤولون أمنيون وعسكريون حاليون وسابقون لضم حزب الله الى حماس، لجهة الضربات التدميرية، او استهداف الاماكن الآهلة بالسكان وتدمير المنشآت.
وقال يوآف غالانت: “نحن في حالة دفاع على جبهة لبنان، وقواتنا جاهزة للرّد على أي عدوان من الشمال”.
وسط ذلك، يمضي حزب الله في تكتيكه الحربي في الجنوب، لجهة استهداف المواقع المعادية، وإلحاق الخسائر بصفوفه، والحرص على عدم توسع الاشتباك باتجاه المدنيين، والحد من الخسائر البشرية، والدمار في وضع اقتصادي صعب للغاية.

وفي السياق كشفت مصادر قريبة من اليونيفل والجيش اللبناني، ان اجراءات يقوم بها الجيش اللبناني لمنع التفلت جنوباً.
وقالت المصادر ان الوحدات العسكرية لا تألو جهداً في مسح مواقع اطلاق الصواريخ وتفكيكها، نظراً لمخاطر ذلك على اهالي الجنوب، الذين يصرون على عدم تفويت الزراعات الموسمية، وقطاف الزيتون وتسليم التبغ.
وأكدت أوساط سياسية مطلعة أن المخاوف من استدراج لبنان إلى الحرب لا تزال على حالها، ولذلك اطلقت قيادات سياسية وكتل نيابية نداءات بشأن هذه المخاوف، وأن اتصالات تولاها مقربون من حزب الله لمنع الانزلاق إلى هذه الحرب، مشيرة إلى أن التوجه المرتقب للحزب يتظهّر من كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداً الجمعة، في حين أن أي تأجيل لها سيكون له مدلولاته.
إلى ذلك افادت الأوساط نفسها أن التطورات في غزة والجنوب تحضر في جلسة مجلس الوزراء ويتحدث الرئيس ميقاتي عن اتصالاته ولقاءاته في هذا الشأن في حين أن جلسة مجلس النواب لمناقشة خطة الطوارىء تنتظر تأمين النصاب حولها.
وكان الرئيس ميقاتي قد صرح في مقابلة صحافية الإثنين، مع وكالة الأنباء الفرنسية قائلاً: “أقوم بواجبي في ما يتعلق بتجنيب لبنان دخول الحرب”، معتبرًا أن بلاده اليوم “في عين العاصفة”.
وأضاف: “نعمل للسلم. ونحن كحكومة قيمون على الأوضاع العامة وعلى أي تداعيات يمكن أن ننجرّ إليها عقب أي توتر إضافي”.
ويردّ الجيش الإسرائيلي على استهداف مواقعه بقصف أطراف بلدات حدودية عدة وتحرّكات مقاتلي حزب الله، ما أسفر عن مقتل 62 شخصًا، بينهم 49 مقاتلاً من حزب الله، وفق حصيلة جمعتها وكالة الأنباء الفرنسية. وأعلنت إسرائيل من جهتها، مقتل أربعة أشخاصن بينما تحدث حزب الله عن قتل 120 جندياً إسرائيلياً.
وفي إجابة عن سؤال عما إذا كان لمس خلال اتصالاته مع حزب الله نيّة بعدم التصعيد، رد ميقاتي قائلاً: “حتى اليوم، أرى أن حزب الله يقوم بعقلانية وحكمة بإدارة هذه المواضيع، وشروط اللعبة لا تزال محدودة”. لكنه قال في الوقت ذاته إنه لا يستطيع “طمأنة اللبنانيين” لأنّ “الأمور مرهونة بأوقاتها”، مشددا في نفس الوقت على أن الشعب اللبناني “لا يريد دخول أي حرب ويريد الاستقرار، خصوصًا بعد أن وصل إلى مستويات من الفقر والعوز” على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي تعيشه البلاد منذ أكثر من أربع سنوات.
وأردف قائلاً: “لا يمكن أن ألغي أي تصعيد (في لبنان) يمكن أن يحصل لأن ثمة سباق بين وقف إطلاق النار (في غزة) وبين التصعيد في كل المنطقة”.
كما أبدى خشيته أيضًا من “فوضى أمنية ليس في لبنان فحسب، وإنما في منطقة الشرق الأوسط بأكملها” في حال عدم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
الحرب في غزة
هذا وتستمر الحرب الإسرائيلية على غزة ما أسفر عن مقتل أكثر 8500 شخص في حصيلة مرشحة للارتفاع كل دقيقة، بالإضافة إلى جرح وتشريد مئات الآلاف في القطاع.
وأفادت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة الغارات الإسرائيلية على مخيم جباليا “تجاوزت 400 شهيد وجريح” وأن كثيرين من سكان المربع السكني المستهدف ما زالوا تحت الأنقاض.
وقال شهود عيان إن “مجزرة كبيرة حدثت في مخيم جباليا” الذي يضم اكبر كثافة سكانية في القطاع.
جدير بالذكر أن الجيش الإسرائيلي أعلن مساء الجمعة الماضي توسيع عملياته البرية في داخل الأراضي الفلسطينية بقطاع غزة، مطلقاً هجمات جوية ضخمة وعنيفة استهدفت مناطق شمال وشرق قطاع غزة.
وتقول السلطات الفلسطينية إن مخيم جباليا تعرض للقصف بست قذائف، زنة كل منها طنّ واحد. وفي الوقت نفسه قالت حركة حماس، إن مقاتليها خرجوا من الأنفاق وحاصروا 35 من جنود الاحتلال، وقتلوا 8 منهم، لكن الجيش الاسرائيلي اعترف بسقوط جنديين.
وفي الأثناء، سُجلت رشقات صاروخية على تل أبيب وعسقلان، وسجل سقط ثلاثة جرحى، وأطلق الحوثيون من اليمن طائرة مسيرة، جرى إسقاطها فوق البحر الأحمر.
وبثت قناة العربية صوراً لدبابات وجنود إسرائيليّين في شمال غزة، يبحثون عن مسلحين على أنقاض المنازل المدمرة. وأعلن جيش الإحتلال عن السيطرة على مركز عسكري لحماس في شمال القطاع.
وأعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن قواته تقاتل في عمق قطاع غزة.
ووجه قائد قيادة المنطقة الجنوبية لجيش الاحتلال رسالة إلى الجنود قال فيها: “ننطلق الآن لشن هجوم على حماس والمنظمات الإرهابية في قطاع غزة. هدفنا واحد، الانتصار. مهما طال القتال، وبغض النظر عن مدى صعوبته، لا توجد هناك نتيجة سوى الانتصار”.
أضاف: “سنحارب في الأزقة، وسنحارب في الأنفاق، وسنحارب أينما يلزم”…
وأكد الجيش الاسرائيلي في بيان أنه من قتل القائد في حركة حماس نسيم أبو عجينة، قائد كتيبة بيت لاهيا. وتتهمه إسرائيل بأنه وجه الهجمات في 7 تشرين الأول ضد كيبوتزين هما: أيريز ونتيف هاعسارا. كما أعلن مقتل قائد القوة الجوية في مخيمات الوسط جميل بابا، وقائد المنظومة المضادة للدروع في كتيبة التفاح محمد صفدي، والقائد البارز في منظومة القذائف المضادة للدروع مؤمن حجازي، والمسؤول عن منظومة الإنتاج محمد عوض الله. وبهذا ارتفع عدد القياديين في حركة حماس الذين زعمت قوات الاحتلال تصفيتهم إلى 60 مسؤولاً.
ولم يتم التأكد من صحة هذه الأرقام من جهة محايدة.
من جانب آخر، نقلت قناة “فلسطين اليوم” التابعة لحركة “الجهاد الإسلامي” عن أحد القادة الميدانيين لـ”سرايا القدس” في شمال غزة، قوله “إننا نتحدى قادة العدو أن يفصحوا عن خسائرهم في الاشتباكات التي خاضتها المقاومة اليوم في أكثر من محور بشمال غزة”.
وكشف أنّه “لو أفصح قادة العدو عن خسائرهم البشرية خلال اليوم ستسقط الحكومة فورًا”.
وفي وقت سابق، أوضح الناطق العسكري باسم كتائب “القسام” أبو عبيدة، أنّ “العدو بدأ مناورات برية في عدة محاور في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة بعد أكثر من 20 يوما من التمهيد الناري”، مشيرًا إلى أنّ “العدو توغل بريا بعد اعتماد سياسة الأرض المحروقة وإحداث دمار كبير من خلال قصف بري وجوي وبحري”.
وأعلن أنّه “ما إن بدأ التوغل البرّي حتى قمنا بالتصدي والدفاع المدروس في المحاور كافة، وخضنا ولا نزال مواجهات ضارية ومباشرة”، مؤكدًا أنّ “مجاهدينا تمكنوا من الالتحام مع قوات العدو في كل نقاط التقدم وتدمير 22 آلية عسكرية حتى الآن بقذائف الياسين المضادة للدروع”.
وكشف أبو عبيدة “أننا دخلنا في هذه المعركة للمرة الأولى عبوات تستخدم من المسافة صفر ضد الدبابات”، معلنًا “أننا تمكنا من قتل وإصابة عدد كبير من جنود العدو خلال الاشتباكات، وسلاح المدفعية مستمر بالتصدي إضافة للصواريخ”.
الجنوب
في الأثناء، وعلى الأرض، ساد هدود حذر الثلاثاء على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة والممتدة من الناقورة حتى بوابة راميا، بعد توتر صباحي قصفت خلاله مدفعية الاحتلال منطقة اللبونة التي شهدت تصاعدا للدخان الذي خلفته القذائف في رأس الناقورة.
وعند ساعات الصباح الاولى أيضا تعرض محيط موقع الراهب خراج بلدة عيتا الشعب الى قصف مدفعي مماثل.
ونفذت مسيرة اسرائيلية غارة جوية على احد المنازل في بلدة عيتا الشعب، في وقت عاود الجيش الإسرائيلي استهداف شبعا وبسطرة بالقذائف الفوسفورية ملقيا ايضاً قنابل مضيئة.
وقصفت المدفعية الاسرائيلية اطراف بلدة بليدا قضاء مرجعيون. كما سقط صاروخ في منطقة خالية بين عيناتا وكونين للمرة الاولى منذ اندلاع المعارك جنوبا.
واعلن حزب الله “انه إستهدف التجهيزات الفنية والتجسسية لموقع ‏بياض بليدا بالأسلحة المناسبة وحقق فيها إصابات مباشرة إضافة الى ‏إستهداف دشمه وحاميته”.
وليلاً رمي جيش الاحتلال اربع قنابل مضيئة بين بلدتي حولا وميس الجبل.
مجلس الوزراء
في هذه الأجواء الصعبة، وبعد مضي عام كامل على الفراغ في الرئاسة الأولى، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة عند العاشرة من قبل الظهر في السراي الكبير، لبحث جدول اعمال يضم 19 بنداً، ومن المرجح ان لا يحضر وزراء التيار الوطني الحر الجلسة. ومن ابرز النقاط فتح اعتماد اضافي لتغذية معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة بقيمة 250 مليار ليرة لبنانية.
لجنة المال والوضع النقدي
والوضع النقدي كان حاضراً بقوة في جلسة لجنة المال والموازنة، والتي كانت مخصصة لدرس الفصل الثالث من مشروع موازنة الـ2024 المتعلق بالتعديلات الضريبية.
وقال رئيس اللجنة ابراهيم كنعان ان اللجنة ثمَّنت اداء مصرف لبنان لجهة الحفاظ على سعر الصرف منذ آب الماضي بصفر كلفة.
واشار الى “أن لحرب غزة تأثيرها على الواقع المالي في لبنان ولكن الموازنة أصلا لا تتضمن نفحة اصلاحية وليست على قدر الطموح والصعوبات وهي بلا رؤية اقتصادية وأرقامها غير واقعية، فهل يعقل أن تجبي الدولة الايرادات والضرائب على 85000 وتسدد النفقات والرواتب على 15000؟”
أضاف: “ان استحداث ضرائب ورسوم جديدة في هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي الرديء لا يسمن ولا يغني، وهو مخالف للقواعد المالية والاقتصادية السليمة”.
جنبلاط: الحزب مع باسيل ضد جوزيف عون
وفي اطار، رفع الصوت لعدم الاستدراج الى الحرب، اعلن النائب السابق وليد جنبلاط انه لا يحبّذ الحرب، معرباً عن امله في ألا يستدرج الى الحرب، لأن عندها لن يبقى شيء في لبنان، مؤكداً أن الأداء العسكري حتى الآن لم يخرج عن القواعد، لكن قد يخرج.
وقال جنبلاط: “أتمنى لحسابات محلية، ولحرصي على عدم توريط لبنان أن لا ندخل في الحرب، وقرار تهجير الفلسطينيين يهودي صهيوني قديم قبل ان يكون ثمة رادع من قبل حزب الله”.
وأكد: “ستبقى الاستراتيجية الدفاعية وحصرية السلاح بيد الدولة شعاراتنا، ولم اتخلَ عنها، لكن قد يكون قسم من هذا القرار لبنانياً وقسم آخر ايرانياً”.
ودعا جنبلاط الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لضبط النفس. واكد: “أتمنى ان لا ينزلق لبنان الى الحرب حرصاً على لبنان وأهل الجنوب، وهو مدرك لهذه المعاناة، معرباً عن خشيته من بعض التنظيمات التي قد تكون غير منضبطة”.
وطالب جنبلاط بإنجاز الاستحقاق الرئاسي وتشكيل الحكومة وانهاء حالات الوكالة في المؤسسات، ثم نعمل على اصلاح الاقتصاد، ولاحظ ان حزب الله يتفق مع باسيل على عدم التمديد لقائد الجيش.
واشار الى ان باسيل زاره وعبَّر عن خوفه على لبنان، “فطرحنا جوزيف عون لقيادة الجيش”، لكن الجواب “إجا من غير ميلة”، من وفيق صفا الذي قال: “ما بدنا نخسر باسيل”.
وقال جنبلاط في إشارة إلى دور اللجنة الخماسية: “اللجنة الخماسية نظرياً كانت واعدة، لكن عملياً لم يخرج بنتيجة، فهناك تخلٍ من المملكة وفيتو صريح منها على فرنجية.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com