توسع البحث الدائر حول تجنب الشغور في القيادة العسكرية، فبعد ان كان يركز فقط على التمديد التشريعي او التقني لقائد الجيش العماد جوزاف عون، انتقل الى تعيين رئيس جديد للاركان يتولى الحلول مكان قائد الجيش منعاً للشغور او الى تعيين اعضاء المجلس العسكري في مجلس الوزراء، لأنه لا يجوز ان يعمل القائد بمعزل عن المجلس الممثل لكل المكونات، والذي يشكل داعماً قوياً للقرارات الكبرى.
ولم يقتصر الوضع على هذا الحد، بل طالب نواب
بأن تشمل معالجة الشغور، ليس فقط المركز المعجل شغوره للعماد جوزاف عون، بل ايضاً سائر قادة الاجهزة الامنية، بمن فيهم مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان.
ويأتي هذا الحراك السياسي- النيابي – الحكومي، بعدما تبين ان نقاط الخلافات لم تحسم، وبدا ان الدليل على تأثيراتها السلبية تطيير جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء، مع ان التمديد التقني لم يكن على جدول اعمال الجلسة.
وحسب مصدر وزاري، فإن المخرج من مجلس الوزراء ليس بالسهولة، التي يظنها البعض، موضحاً ان هذا الامر يهدّد انعقاد مجلس الوزراء، لاسباب لا تتعلق بالتمديد فقط
ومع تأجيل الجلسة، تزايدت التسريبات عن مآل الاقتراحات المتصادمة، في حال أقدم مجلس الوزراء على مقاربة مسألة حسم بقاء العماد عون في منصبه.
فمصادر السراي الكبير تحدثت عن ان الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية أعد دراسة قانونية ازاء ما يمكن اعتماده من مخارج، تحاشياً للشغور في قيادة الجيش اللبناني، في مقدمها ان الحل الانجح هو التمديد التقني للعماد عون. الا ان المصادر، وفي ضوء اعتراض وزير الدفاع موريس سليم، واعتبار ان تأجيل التسريح اجراء يصدر عنه بوصفه وزيراً للدفاع، كشفت ان الرئيس نجيب ميقاتي يتحرك بين حدّين، تجنب التسرع، والحرص على تنجيب الجيش الشغور القيادي.
بالمقابل، تداولت الدوائر العونية، ان خيار التمديد لعون بات من الماضي، والخيارات المتبقية: استلام الضابط الاعلى رتبة (اشارة الى العميد بيار صعب) او تعيين رئيس للاركان يتولى زمام القيادة لحين ملء الشغور الرئاسي، او اجراء تعيينات شاملة (قائد جيش ورئيس اركان واعضاء مجلس عسكري).
تجدر الاشارة الى ان وزير حزب الله في الحكومة مصطفى بيرم اوضح ان موضوع التمديد لقائد الجيش لم يطرح على وزراء حزب الله، مضيفاً: “كل شيء بوقتو”ن فيما بدا أن النائب جبران باسيل سجّل هدفاً مهماً في مرمى الحكومة، وتمكن من منع التمديد للعماد جوزيف عون.
الوضع الميداني وزمام المبادرة
في هذا الوقت، تراجعت المواجهات بالقصف المدفعي والصاروخي، وعبر طيران المسيرات الانقضاضية، العائدة لحزب الله، او تلك المعادية، مع تسجيل حضور طيران الاستطلاع، واصرار جيش الاحتلال باستهداف الاعلاميين والمدنيين، لجر الحزب الى مواجهة واسعة. وبات من الأخبار الروتينية أن يجري قصف من هنا ورد من هناك. فيما قال وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت “اننا غير معنيين بالحرب على الجبهة الشمالية، ونحذر حزب الله من ارتكاب اي خطأ”.
وتميز الثلاثاء بتراجع نسبي للعنف، وسجل ما يشبه الهدوء التام في القطاع الغربي، واستهدفت المقاومة مواقع للاحتلال في مزارع شبعا في القطاع الشرقي.
وقبل الظهر تحدثت وسائل إعلام عن إطلاق صاروخين مضادين للدبابات من لبنان على مواقع عسكرية في الجليل الأعلى. وقد سجل قصف مدفعي اسرائيلي طال اطراف بلدات طيرحرفا وحولا وهونين ورب ثلاثين. ايضا استهدفت منطقة رأس الناقورة واللبونة بقصف مدفعي عنيف. واستهدفت غارات وقصف مدفعي منطقة “الغابة” بين عيترون ومارون الراس وأطراف ميس الجبل لجهة وادي السلوقي، وخلة وردة عند اطراف عيتا الشعب. وتعرضت المحافر – خراج العديسة لقصف مدفعي. واستهدف قصف مدفعي اطراف الجبين والاطراف بين شيحين وأم التوت.
وحول استهداف الاعلاميين في يارون قال الناطق الرسمي بإسم اليونيفيل أندريا تيننتي: ان “الصحفيين لديهم عمل مهم يقومون به، ولا سيما في أوقات النزاع، ويجب احترامهم وحمايتهم في جميع الأوقات”، موضحاً:”نحن ندرك أن الصحفيين نجوا بأعجوبة من إصابة خطيرة أثناء قيامهم بالتغطية بالقرب من الخط الأزرق، وقام حفظة السلام بالمساعدة في عملية استعادة مركباتهم ومعداتهم وتنسيق هذه العملية”.
ولفت تيننتي الى ان “اليونيفيل لم تكن على علم بوجود الصحفيين في المنطقة في ذلك الوقت، ولم تشارك في تنظيم أو تنسيق زيارتهم”.
لاثارو يزور بري وميقاتي
في بيروت، صرح رئيس بعثة “اليونيفيل” وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو، بالاتي: “التقيت في بيروت برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وذلك قبيل مشاورات مجلس الأمن الدولي حول القرار 1701 (2006). وأعربت عن قلقي العميق إزاء الوضع في الجنوب واحتمال وقوع أعمال عدائية أوسع نطاقا وأكثر حدة. كما شكرتهما على جهودهما من أجل استعادة الاستقرار خلال هذه الأيام الحرجة، بما في ذلك من خلال القنوات الديبلوماسية، وكذلك على الثقة التي وضعوها في آليات الارتباط التي تضطلع بها “اليونيفيل” لتجنب المزيد من التصعيد”.
إن أولويات القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان اليونيفيل الآن هي منع التصعيد، وحماية أرواح المدنيين، وضمان سلامة وأمن حفظة السلام الذين يحاولون تحقيق ذلك.
إن القرار رقم 1701 المتعلق بجنوب لبنان يواجه تحديا في الوقت الراهن، إلا أن مبادئه المتعلقة بالأمن والاستقرار والتوصل إلى حل طويل الأمد تظل صالحة. ويظل دورنا المحايد شديد الأهمية لناحية إيصال الرسائل الحاسمة للحد من التوترات ومنع سوء الفهم الخطير، بهدف تجنب أي تصعيد غير مبرر.
لقد كان على حفظة السلام مواءمة عملهم مع الوضع، ولكن عملنا لدعم القرار مستمر”.
الأوضاع في غزة
شدد جيش الاحتلال الإسرائيلي حصاره على جميع المستشفيات في شمال غزة، فيما تستمر المعارك الضارية مع مقاتلي المقاومة الذين يكبدون الاحتلال خسائر كبيرة مع تقدمهم في عمق مدينة غزة. وبعد يوم على طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من إسرائيل حماية مستشفى الشفاء المحاصر خرج البيت الأبيض بتصريحات معاكسة تماما كرر فيها مزاعم الاحتلال بأن حركتي حماس والجهاد تديران المعركة من هناك، معطيا بذلك الضوء الأخضر لتدمير المجمع الطبي الأكبر في القطاع. وقد بدأ الاحتلال مساء الثلاثاء بقصف المجمع بنيران كثيفة بعد أن قطع المياه عن السكان تماما.
وكان مدير مستشفى الشفاء في غزة محمد أبو سلمية قال لوكالة “فرانس برس”، إن 179 جثة على الأقل دفنت الثلاثاء، في قبر جماعي، في موقع المؤسسة الاستشفائية، موضحاً أن بينهم سبعة أطفال خدج توفوا جراء انقطاع الكهرباء.
وأضاف: “اضطررنا إلى دفنهم في قبر جماعي”، مشيراً إلى أن “جثثاً تنتشر في ممرات المستشفى والكهرباء مقطوعة عن برادات المشارح”.
من جهته أعلن مدير الهلال الأحمر الفلسطيني مروان جيلاني، أن “مستشفى القدس” في القطاع محاصر بالدبابات من جميع الجهات، مما يحول دون إجلاء الموجودين في المستشفى.
من جهته قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن جميع المستشفيات في مدينة غزة خرجت عن الخدمة باستثناء مستشفى واحد. وأضاف أن أي عملية عسكرية حول المستشفيات أو داخلها يجب أن تتخذ خطوات لحماية المرضى والطواقم الطبية.
في الأثناء قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، إن الولايات المتحدة تريد إجلاء مرضى مستشفيات غزة بأمان، وستدعم طرفاً ثالثاً مستقلاً لإجراء عمليات الإخلاء.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي أن الولايات المتحدة تجري حالياً محادثات مع منظمات إغاثة وأطراف ثالثة بشأن الإخلاء المحتمل.
لكن واشنطن رددت مزاعم إسرائيل بشأن مجمع الشفاء، حيث قال البيت الأبيض إن المعلومات المتوفرة لدى واشنطن تفيد بأن حركتي حماس والجهاد الإسلامي تستخدمان المستشفيات في قطاع غزة، بما فيها مجمع الشفاء لدعم عملياتهما العسكرية.
وأضاف البيت الأبيض أن استخدام حماس مجمع الشفاء مركزا للقيادة والسيطرة -حسب زعمه- يعد جريمة حرب، كما جدد القول إن واشنطن لا تؤيد التوصل لوقف إطلاق النار في غزة لأنه سيفيد حماس، ولكنها تؤيد هدنات إنسانية.
في الوقت نفسه، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أجهزة الاستخبارات خلصت إلى أن حماس والجهاد تديران مركز قيادة وسيطرة من مجمع الشفاء، وإنهما تستخدمان المستشفيات في غزة -بما فيها الشفاء- لاحتجاز “الرهائن”.
وفي اليوم التاسع والثلاثين من الحرب الهمجية على غزة، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن القوات الإسرائيلية تمكنت من الوصول إلى مركز مدينة غزة.
وزعم خلال مؤتمر صحافي أن حركة حماس فقدت السيطرة على مناطق شمال غزة، مضيفا أن “عملياتنا العسكرية في غزة لن تتوقف، وستشمل كل القطاع ولن يكون هناك مكان آمن”.
وخلال لقائه رؤساء المجالس المحلية لمستوطنات غلاف غزة -التي أخليت من المستوطنين عقب عملية طوفان الأقصى- قال غالانت إن عليهم الاستعداد لفترة عام من الحرب.
وأضاف أنه لا يمكن لسكان سديروت أو إريز أن يعودوا إلى منازلهم وبيت حانون (البلدة الفلسطينية بشمال شرق قطاع غزة) لا تزال قائمة.
وفي السياق قال عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس إنهم يواصلون الحرب وتوسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة حتى “نحقق الهدف ونعيد المخطوفين”.
من جهته قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الهدف الأول للعمليات العسكرية في غزة هو “تحقيق انتصار كامل على حماس واسترجاع مخطوفينا”.
وأضاف أن “الهدف الثاني هو العمل على ضمان عدم عودة حماس أو ما يشابهها في اليوم التالي”.
وأشار إلى أن “الهدف الثالث هو التعامل مع الجبهة الشمالية”، لافتاً إلى أن هناك “تبادل ضربات” على الحدود مع لبنان.
وقال: “نضرب حزب الله، وأوعزت للجيش الإسرائيلي الاستعداد لجميع السيناريوهات. لا أقترح على حزب الله أن يجرب إسرائيل، فهذه ستكون أكبر خطيئة يرتكبها”.
في المقابل أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن مقاتليها تمكنوا منذ صباح الثلاثاء من قتل 9 جنود إسرائيليين وتدمير 22 من الدبابات والآليات كليا أو جزئيا في كافة محاور التوغل بقطاع غزة.
من جهتها قالت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- إن مقاتليها يخوضون اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال المتوغلة غرب بيت لاهيا شمال القطاع.
وفي تل أبيب أصيب 3 أشخاص الثلاثاء إثر هجوم بصواريخ المقاومة الفلسطينية أحدهم إصابته خطرة.
وفي وقت لاحق قال الجيش الإسرائيلي إن صفارات الإنذار دوت في مدينة إيلات بجنوب إسرائيل.
من جانبه، نشر الجيش الإسرائيلي لجنود الاحتلال داخل المجلس التشريعي لحركة حماس في غزة، ونشر أيضاً شريط فيديو لمجموعة من الجنود يتلقون أوامر من قائدهم، ثم يرقصون دائرياً.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه عثر على نفق في أحد المساجد، ونفق آخر من منزل أحد مقاتلي حماس إلى تحت مستشفى الرنتيسي، وقدرت مصادر إسرائيلية أن المختطَفين على أيدي حماس قد أمضوا وقتاً تحت مستشفى الرنتيسي قبل أن يتم نقلهم لاحقاً إلى مكان مجهول. كما أكد الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء أن مجندة كانت محتجزة في غزة لقيت حتفها بعد نشر حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) مقطعا مصورا لها وهي حية أعقبتها صور لما قالت حماس إنها جثة المجندة بعد مقتلها في غارة جوية إسرائيلية.
وفي التسجيل المصور الذي بثته حماس على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الاثنين، عرفت نوا مارسيانو عن نفسها أمام الكاميرا وقالت إنها محتجزة في غزة منذ أربعة أيام، في إشارة إلى أنه تم تسجيله في 11 تشرين الأول.
وعلم أن مارسيانو (19 عاماً) قتلت في غارة جوية الخميس الماضي.
في غضون ذلك أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفاع عدد شهداء الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 11 ألفاً و255 حتى الثلاثاء.
وأضافت الوزارة أن من بين هؤلاء الشهداء 4630 طفلاً و3130 امرأة و682 مسناً، بينما بلغ عدد الإصابات نحو 29 ألفاً.
وفي الضفة الغربية بما فيها القدس، بلغ عدد الشهداء منذ السابع من تشرين الأول 196، عقب استشهاد 7 مواطنين في طولكرم صباح الثلاثاء بعدما اقتحمت القوات الإسرائيلية المدينة، فيما أصيب نحو 2700 فلسطيني خلال الفترة نفسها.