في الوقت الذي كان فيه وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن يذرف دموع التماسيح على الضحايا المدنيين في قطاع غزة من جراء القصف الجنوني والهستيري التدميري على المنازل والمدارس والمستشفيات، مما ادى الى اكثر من ثلاثة وعشرين الف شهيد، جلُّهم من الاطفال والنساء، بعد محادثات مع اعضاء مجلس الحرب في إسرائيل (الكابينت)، كانت المواجهات تحتدم في محاور غزة، فضلاً عن جبهة الجنوب (أو جبهة الشمال بالتعبير الاسرائيلي)، حيث استمرت عمليات استهداف مواقع الاحتلال ومراكز قيادته في الشمال، ودك مواقعه بالمسيَّرات الانقضاضية وصواريخ بركان، على وقع التشييع الحاشد للقائد الميداني وسام طويل في مسقط رأسه خربة سلم.
ولم توفر طائرات العدوان المشيعين قبل انطلاق المسيرة، اذ استهدفت سيارة كانت متوقفة على جانب الطريق بمسافة قصيرة من موكب التشييع، وأعلنت وسائل اعلام معادية ان الضربة استهدفت مسؤول العمليات الجوية في الحزب جنوب لبنان.
لكن حزب الله سارع الى نفي الخبر “الكاذب”، وقال إن مسؤول وحدة المسيرات في الحزب لم يتعرض بتاتاً لأية محاولة اغتيال.
وحسب معلومات، فإن وزير الخارجية الاميركي كشف عن ان الجانـب الاسرائيلـي طلب منه قبل وصوله الى تل ابيب ان يساعد في التوصل الى تسوية دبلوماسية مع حزب الله، لان توسيع الحرب ليس لمصلحة اسرائيل ولبنان وحزب الله.
ونقل عن وزير الدفاع الاسرائيلي يوهان غالانت ان “اولويتنا على الجبهة الشمالية هي اعادة السكان الى بيوتهم بعد تغيير الوضع الامني في الشمال ووقف هجمات حزب الله”.
وقبل وصوله الى بيروت، المتوقع اليوم التقى المستشار الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين في روما النائب الياس بو صعب، في اطار التداول في ما يمكن فعله في ما خص استعادة الهدوء في الجنوب، والحؤول دون اتساع دائرة النيران.
وحسب المعلومات التي رشحت فإن هوكشتاين سيبدأ محادثاته من زاوية التوجيهات التي تلقاها قبل وصوله، في ضوء ما تجمع لدى وزير الخارجية بلينكن، سواء في تل ابيب او قبل وصوله اليها، عبر المحادثات التي اجراها في العواصم الفاعلة في المنطقة.
وذكرت المعلومات انه لم يتطرق في محادثاته سواء في بيروت او تل ابيب الى مزارع شبعا، التي هي مسألة سورية – لبنانية ولا تدخل ضمن مهمة استعاد الهدوء في الجنوب، من زاوية تطبيق القرار 1701، او مناقشة الطلب الاسرائيلي بإبعاد حزب الله عن منطقة جنوبي الليطاني.
وكشفت مصادر ديبلوماسية ان عاملا مهما طرأ على مهمة المستشار الرئاسي الاميركي في لبنان هذه المرة إلى جانب مشروع ترسيم الحدود الجنوبية اللبنانية، وهو كيفية إنهاء وضعية الاشتباكات الدائرة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، كي يتمكن من مقاربة موضوع الترسيم الذي حمل في المرة الماضية خلال زيارته لبنان افكارا طرحها، تتضمن حل مشكلة النقاط الثلاث عشرة على طول الحدود، بينما بقيت النقطة “بي 2” المطلة على رأس الناقورة، موضع خلاف ومعلقة بسبب رفض الجانب الاسرائيلي مناقشتها وضمها إلى باقي نقاط الخلاف.
واستبعدت المصادر ان يتمكن هوكشتاين وبالرغم من مرونته وديبلوماسيته، ونجاحه في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل سابقا، من فصل الوضع المتفجر على الحدود اللبنانية بمعزل عن التوصل لوقف اطلاق النار في قطاع غزّة، وهو غير متاح حتى الساعة بالرغم من الديبلوماسية الاميركية النشطة للبحث عن حلول لنقاط الخلاف بينهما.
ورجحت المصادر ان تبقى مهمة هوكشتاين لترسيم الحدود اللبنانية الجنوبية، تدور حول نفسها، في انتظار التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة وإنهاء حال الحرب القائمة، الا اذا تم التفاهم بين كل الاطراف الموجودة هناك على الالتزام بتطبيق القرار ١٧٠١ وتسليم الجيش اللبناني مهام الحفاظ على الامن، مقابل انسحاب عناصر حزب الله وحلفائه من المناطق المتواجدين فيها حاليا، باتجاه المناطق التي كانوا متواجدين فيها قبل عملية طوفان الأقصى.
الا ان وزير الخارجية والمغتربين ابلغ وكيل الامين العام للامم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا بأن مزارع شبعا ركن اساس في الحل الشامل، ووقف التوتر ولا يمكن القفز فوقها، معتبرا ان استهداف اسرائيل الجيش اللبناني بـ34 اعتداء منذ بدء الحرب في غزة يقوّض جهود حفظ السلام والامن.
ومن السراي، بعد لقاء الرئيس نجيب ميقاتي دعا لاكروا الى التهدئة، ودعم التعاون بين قوات اليونيفيل والجيش اللبناني.
وأكد له ميقاتي “اننا طلاب استقرار، وكشف عن تحذيرات عبر موفدين دوليين من حرب على لبنان، الموقف الذي اكرره لهؤلاء، هل انتم تدعمون فكرة التدمير؟ وهل ما يحصل في غزة امر مقبول؟ بنان مستعد للدخول في مفاوضات لتحقيق عملية استقرار طويلة الامد في جنوب لبنان، وعند الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، والالتزام بالقرارات الدولية وباتفاق الهدنة والقرار 1701”.
وتنضم وزيرة الخارجية الالمانية الى الشخصيات التي تزور بيروت بهدف معلن هو المساعدة على منع اتساع الحرب، وتحوُّل بيروت الىغزة جديدة.
مجلس الوزراء
حكومياً، وزّع جدول اعمال جلسة لمجلس الوزراء، يحضّر للدعوة اليها الرئيس نجيب ميقاتي، ويتضمن 43 بنداً، بعضها يتعلق بمشاريع لوزارة الطاقة والمياه، والتربية والخارجية، واتفاقية بين وزارة المال والبنك الدولي، ومشروع مرسوم لتنظيم الهيئة الوطنية لادارة النفايات الصلبة، فضلاً عن اقتراحات وزارة البيئة ومجلس الانماء والاعمار حول هذا الموضوع.
ونفت مصادر وزارية ان تمر اية تعيينات في الجلسة المرتقبة هذا الاسبوع.
والواضح ان مسألة الزيادة على الرواتب ومعاشات التقاعد ليست مدرجة على جدول الاعمال.
تكتل جديد
ومن اجل الاستحقاق الرئاسي، جرى البحث في تشكيل لقاء نيابي مستقل، يشكل قوة ضاغطة في المجالات المطروحة، وقد اجتمع الثلاثاء 10 نواب ابرزهم النواب نعمة افرام، وعبد الرحمن البزري، ونبيل بدر، وحليمة قعقور، وهم يمثلون 16 نائباً من كتلتي التجدد والاعتدال وبعض النواب التغييريين، وجرى البحث بتشكيل لجنة، تقدم ترشيحات واقتراحات في المجال المتعلق بملء الشغور الرئاسي.
الوضع الميداني جنوباً
ميدانياً، قصفت المقاومة الاسلامية مقر قيادة الجيش الاسرائيلي في الشمال الكائن في مدينة صفد والمعروفة بقاعدة “دادو” بمسيَّرات انقضاضية، وهي تبعد 10 كلم عن الحدود مع لبنان.
واعترف الناطق باسم الجيش الاسرائيلي بالعملية، وتحدث عن اغتيال المسؤول عن المسيرات في المقاومة الاسلامية جنوباً.
كما استهدفت صواريخ المقاومة ثكنة يفتاح وموقع حايت بالاسلحة المناسبة وموقع بياض بليدا والمطلة.
وترتفع حدّة الإشتباكات على الجبهة الجنوبية، يوماً بعد يوم، مع اتساع رقعة المواجهة بين حزب الله والعدو الإسرائيلي.
وكانت القوات الإسرائيلية قد كثّفت من عمليات الإستهداف منذ الثلاثاء، إذ انفجر صاروخ اعتراضي في اجواء بلدة ميس الجبل والجوار، ترافق مع تحليق للطيران الاستطلاع المعادي على علو منخفض فوق منطقة صور وضواحيها.
ودوّت صفارات الإنذار في الجليل، حيث أُعلن لاحقًا عن انفجار طائرة مسيّرة تابعة لحزب الله في الجليل الأعلى دون وقوع إصابات.
كما شنت الطائرات الحربية الاسرائيلية سلسة غارات على كفركلا.
وكذلك تعرضت اطراف الناقورة لقصف مدفعي فوسفوري.
بالتوازي أعلنت هآرتس أن أكثر من نصف منازل بلدة منارة بالجليل تضررت من الصواريخ المضادة للدروع التي تطلق من جنوب لبنان.
ونعى حزب الله ثلاثة من عناصره استشهدوا تباعاً، وهم: عيسى علي نور الدين “علي نجمة”، من بلدة برج قلاويه في جنوب لبنان وسكان منطقة حي السلم في الضّاحية الجنوبيّة لبيروت، وحسن عبد الحسين اسماعيل “آدم” من بلدة عيتا الشعب، وعلي حسين برجي “أبو مهدي” من بلدة مركبا في جنوب لبنان.
وأفاد مراسلون في الجنوب بأن حالة من الذعر اصابت تلامذة مدرسة الغندورية الرسمية القريبة من مكان استهداف سيارة مدنية.
وتمكنت فرق الدفاع المدني في كشافة الرسالة الإسلامية من الوصول إلى مكان الغارة وسحب ٣ جثث لضحايا كانوا داخل السيارة، واثناء نقلهم استهدفت سيارة الإسعاف، ما ادى الى ثلاثة اصابات ظفيفة واحدة أدخلت للمستشفى.
غزة
في غزة، تكبدت قوات الاحتلال الإسرائيلي في اليوم الـ94 من الحرب، خسائر كبيرة في جنودها وضباطها بينما قصفت كتائب القسام تل أبيب بدفعة جديدة من الصواريخ رغم مرور أكثر من 3 أشهر.
ووصفت مصادر إسرائيلية حجم الخسائر بأقسى يوم على الجيش منذ بداية الحرب. وأفادت المصادر بمقتل 9 ضباط وجنود إسرائيليين وإصابة آخرين في هجومين منفصلين في قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية.
وأضافت إن أحد الهجومين أدى إلى انفجار ذخيرة بشاحنة، مما أسفر عن مقتل وإصابة جنود، أما الآخر فهو قصف لمبنى فيه جنود جنوبي القطاع.
من جهتها قالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن رقيبا في لواء جفعاتي بالجيش الإسرائيلي مات بسكتة قلبية بعد مقتل جنود تحت إمرته في قطاع غزة.
وأضافت القناة أن الجيش الإسرائيلي لم يعترف بوفاة الرقيب الذي تم تسريحه من الخدمة الاحتياطية بالجيش.
وذكرت أن مقربين منه أكدوا أن وفاته ناجمة عن “عدم قدرته على تحمل ما رآه في غزة”.
في الأثناء أعلنت كتائب القسام أن مقاتليها استهدفوا قوة إسرائيلية خاصة بقذيفة الياسين 105 واشتبكوا معها بالأسلحة الرشاشة، موقعين أفرادها بين قتيل وجريح، وذلك داخل مدرسة قرب منطقة المحطة بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. كما أعلنت استهداف قوة خاصة أخرى داخل منزل في المنطقة نفسها بقذيفة مضادة للأفراد، مؤكدة إيقاع أفرادها بين قتيل وجريح.
وقرب منطقة المحطة أيضا أطلق المقاومون إحدى قذائف الياسين 105 على دبابة ميركافا إسرائيلية، وفقا لما أعلنته القسام عبر تليغرام. وقال متحدث باسم حماس إن مقاتليه أسقطوا طائرة استطلاع إسرائيلية فوق خان يونس، كما أعلن أن كتاب القسام فجرت فتحتي نفقين بجنود إسرائيليين، فسقطوا بين قتيل وجريح.