تضج الساحة اللبنانية بحركة دبلوماسية، تكاد توازي الحركة الاميركية الدائرة في المنطقة عبر الجولة الخامسة لوزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكين، الذي بحث في اسرائيل أمس، ردّ حركة حماس ومعها فصائل المقاومة الفلسطينية على مقترح اجتماع باريس الامني لابرام هدنة وصفقة تبادل اسرى جديدة بين اسرائيل وحماس.
نقطة الثقل في هذه الحركة، السعي لعدم انفجار الوضع الجنوبي وامتداده ليشمل مناطق خارج الجنوب، او التحوُّل الى حرب واسعة، فضلاً عن معرفة وضع قوات اليونيفيل في ظل الوضع المتفجر، او مرحلة ما بعد هدنة غزة.
فبعد وزير الخارجية البريطاني دايفيد كاميرون الذي تسبب بأزمة مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، بسبب عدم زيارته في قصر بسترس، اجرى وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه محادثات شملت الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي والوزير بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزاف عون،
وتناولت المحادثات “حفظ التهدئة في الجنوب ووقف العمليات العسكرية”، ليتسنى للمستوطنين في الشمال العودة الى مساكنهم هناك.
وكان مقرراً أن يصل أمس وزير الخارجية المصري سامح شكري وربما في الايام المقبلة وزير الخارجية الاسباني.
ومن السراي الكبير شدد سيجورنيه على اهمية انتخاب رئيس جديد للبنان، لمواكبة الاستحقاقات المتوقعة في لبنان والمنطقة.
ولعل زيارة وزير الخارجية المصري شكري الى بيروت على رأس وفد، من الاهمية بمكان، نظراً لدور مصر المحوري في مفاوضات وقف النار في غزة، وفي الحركة الدبلوماسية الدولية، وعضوية اللجنة الخماسية للمساعدة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ولئن كان الموفدون الدبلوماسيون يضمنون كلامهم في المجالس وخارجها بترهيب وترغيب، فإن الجواب اللبناني الرسمي المتقاطع حوله، على اسرائيل الانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والالتزام ببنود اتفاقية الهدنة عام 1949، وعندها سيصار الى البحث في كيفية تطبيق القرار 1701.
تشاور قبل مجلس الوزراء
محلياً، وعشية جلسة مجلس الوزراء اليوم في السراي الكبير، بعدما وزّع جدول الاعمال، ويتضمن 25 بنداً، ابرزها ادخال زيادة على بدل النقل للعاملين في القطاع العام، زار الرئيس نجيب ميقاتي عين التينة، والتقى الرئيس نبيه بري، في زيارة ادرجها تحت بند “تشاور»”، والتشاور ضروري في هذه المرحلة للتوقيع على قانون موازنة العام 2024، بالنيابة عن رئيس الجمهورية، كما قال ميقاتي.
نيابياً، أعلن نائب تكتل الجمهورية القوية غياث يزبك في تصريح لجريدة “اللواء” أن الخلطة الأساسية لزيارة الموفدين لبنان هي حفظ الاستقرار “إنما لا يمكن إبقاء حزب الله محاورا او مناورا وحيدا رغما عن أنف الدولة اللبنانية”، معتبرا أن المفتاح الأساسي للاستقرار هو قيام رأس للدولة يحاور باسم الدولة ويحظى بدعم ويتحدث باسم جميع اللبنانيين لا باسم فئة.
وأشار النائب يزبك إلى أن الكرة في ملعب رئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الأعمال وحزب الله، قائلا: “في مكان ما لا نتخلى عن فصيل لبناني إنما يجب أن نقول له بعد كل التجارب التي مرت على لبنان واقتصاده أن يتنحى ولندع الجيش الجيش يدخل منطقة الـ ١٧٠١ ولترسم الحدود البرية”.
وأشارت مصادر عليمة في بيروت إلى أن المساعي الحثيثة المبذولة من الدول الخمس لا يلاقيها لبنان الرسمي، حتى انه يبدو يعمل في الاتجاه المعاكس، بدليل المواقف الصادرة تكرارا عن وزير الخارجية عبدالله بوحبيب التي قطعت الطريق على اي بحث في امكان تجنيب لبنان الحرب المدمّرة، وقد جددها أمس في سلسلة احاديث صحافية مؤكدا أنه “لن تكون هناك أي موافقة بإعادة حزب الله إلى ما وراء الليطاني، لأن ذلك سيؤدي لتجدد الحرب”، مشددا على أنّنا “لن نقبل إلا بحل كامل لكل قضايا الحدود مع إسرائيل”.
ووفق مقولة ” بيكسرا وبيجبرا”، ذهب وزير خارجية لبنان الى الاضاءة على عجز الجيش الوطني عن حماية حدود لبنان بتأكيده أن “الجيش اللبناني لا يمتلك القدرة الكافية للانتشار على الحدود”، مشيرا إلى “وجود مشكلة يعاني منها الجيش ألا وهي النقص بالعدة والعتاد.”
وقالت المصادر إن تلك حجة لا تستسيغها الشريحة الاوسع من اللبنانيين المطالبين بنشر الجيش على طول الحدود ، تماما كما سائر دول العالم، لصون الوطن وحماية سيادته، ورفض اي مبررات لاستمرار وجود حزب الله، الا انه وبعد لقائه وزير خارجية فرنسا صوّب الموقف مقترحاً المساعدة من قبل المجتمع الدولي لتأمين تواجد اكبر للجيش لتجنيد ٧ آلاف عنصر.
عين التينة
ما كانت عين التينة تقوله بطريقة غير مباشرة، عبر “المصادر” وعبر اعلام 8 آذار، رئاسيا، قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري بالمباشر . فقد حسم في حديث صحافي، بأن “لا جلسات متتالية من دون تشاور أو حوار وإذا كان لديهم أي طريقة أخرى “يأمنولي ياها وأنا حاضر”، مضيفا “من دون تشاور نكرر الجلسات من غير القدرة على انتخاب الرئيس، فلا استطيع أن أمنع مقاطعة أي فريق لأي جلسة لأنه حق دستوري، ولا يستطيع المجلس أن يؤمن نصاب الـ86 الا بالتوافقات والتفاهمات، وانا لا أطالب بالإجماع”.
وقال بري “أنا أتكلم عن التوافق لتأمين نصاب الـ86، فلو عقدتُ خمسين جلسة متتالية لن نصل الى رئيس، لذلك طرحت الحوار لمدة اقصاها 7 ايام، “يفترضوا اني عم ببلفهن ويجوا يحرجوني”.
ورفض بري واوساطه، التهم التي وُجهت اليه بعرقلة مهمة الخماسي الدولي، الا ان ما قاله، قطع الشك باليقين، وثبّت انه، بتمسكه بشروطه “الانتخابية”، حال فعلا، دون استكمال الخماسي، مسعاه لبنانيا.
فبحسب ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية”، كان السفراء، في ظل الحرب المشتعلة جنوبا وخطر توسعها، وفي ظل العمل على حلٍ للازمة الفلسطينية وللواقع الحدودي الجنوبي، كانوا يتطلعون الى ان يسمعوا من رئيس المجلس استعدادا للتنازل عن الشروط التي تمنع الانتخاب، وابرز هذه الشروط الجلوس على طاولة حوار للتفاهم المسبق على اسم مرشح رئاسي. فهذه الطاولة، أوّلا، غير منصوص عليها في الدستور، وثانيا والاهم، ان الفريق الآخر في البلاد يرفضها ويرفض تكريسها عرفا يسبق كل عملية انتخابية.
على اي حال، تبين، وفق المصادر، ان الحوار الذي يطلبه بري، شكلي، ولا هدف فعليا له، وقد ظهر ذلك، من خلال قوله “يفترضوا اني عم ببلفهن ويجوا يحرجوني”. فالفريق الآخر في البلاد، لا يزال يرفض هذا الحوار الذي تفرض نتائجه سلفاً.
الهيئات
في الأثناء، اعتبرت الهيئات الاقتصادية ان ضريبة 10٪ المستحدثة في موازنة العام 2024 مجحفة وغير عادلة بحق المؤسسات الشرعية، مطالبة بشطبها. واكدت دعمها لاي تحرك تقوم به السلطات المعنية لاعادة الامور الى نصابها ووضعها في الاطار الصحيح.
وفي التحركات المطالبة باعادة النظر جذرياً بالحوافز والمساعدات والرواتب، تابع العسكريون المتعاقدون تحركاتهم الثلاثاء، حيث تجمع عدد منهم امام مبنى الـ tva الى جانب وقفات عدة لهم امام ادارات ومؤسسات رسمية من ضمنها وزارة المال. والتجمع الاكبر كان امام مدخل مرفأ بيروت في الكرنتينا حيث اشعلوا الاطارات لمنع اي احد من دخول المرفأ، وسجلت زحمة سير خانقة في المحلة بسبب التجمع.
وأكد العميد بسام ايوبي ان مطلبهم الاول والاخير هو “العيش بكرامة”، وان على “اللصوص إعادة ما سرقوه”. وقال: “نحن وضعنا دمنا على أكفنا في سبيل حماية البلد، وأقله نريد 500 دولار اميركي شهريا حتى نعيش وعائلاتنا، وحقنا من كل رتبة هو 85%”. كما طالب الحكومة بإلغاء “الامتيازات والتسميات مثل المساعدات الاجتماعية والسلفة على الرواتب وبدل النقل غير القانونية دستوريا واستبدالها بسلسلة رتب ورواتب تكون منصفة ومتساوية للجميع”.
الوضع الميداني
على الارض، بقي التصعيد سيّد الموقف، وواصلت قوات الاحتلال القيام بسلسلة من الاعتداءات الجوية والمدفعية على القرى الحدودية. واستهدفت بغارات جوية منازل في بلدة بيت ليف، الامر الذي ادى الى سقوط 3 شهداء وعدد من الجرحى.
وردت المقاومة بقصف المستوطنات الشمالية بصواريخ بركان و”فلق 1″.
وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان جنديين اصيبا بجروح جراء سقوط صاروخ في منطقة مرغليون الحدودية مع لبنان.
والتطور الأبرز جنوباً منذ 7 تشرين الأول الماضي، استهداف دموي لعناصر من حركة أمل، ففي أقل من إسبوع، سقط خمسة شهداء لحركة “أمل”، في غارتين لطائرات الإحتلال الإسرائبلي، الأولى على بليدا، حيث سقط إبنا البلدة، علي خليل محمد ومصطفى ضاهر، والثانية على منزل في بلدة بيت ليف، في قضاء بنت جبيل، اسفرت عن سقوط ثلاثة شهداء، وقد تم نعيهم ببيان رسمي صادر عن الحركة، وهم حسين عزام، من صديقين، جعفر إسكندر، من رشكنانيه، وحسن سكيكي، من عين بعال.
وعلم أن الشهداء الثلاثة سقطوا داخل احد المنازل، الذي دمرته الطائرات الحربية، حيث كانوا في مهمات عسكرية، مرتبطة بمجرى العمليات العسكرية على جانبي الحدود، بعد سلسلة عمليات وهجمات على مواقع إسرائيلية، وأشير إلى مسؤولية “أمل” عنها، من دون ان تتبناها او تنفيها.
في موازاة ذلك، تستمر الآلة الحربية في غزة عملياتها على الأرض. وي اليوم الـ 123 أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إنها سلّمت ردها على اتفاق الإطار للهدنة، بعد التشاور مع فصائل المقاومة.
ووصف وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن رد حماس إيجابي، وأن لديهم بعض الملاحظات. فيما بحث الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رد حماس مع الحكومة الإسرائيلية أمس الأربعاء.
وكان بلينكن وصل ليل الثلاثاء الأربعاء، إلى إسرائيل في إطار جولة شرق أوسطية يجريها سعيا للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحركة حماس في الحرب التي ددخلت أمس الأربعاء شهرها الخامس.
وكان بلينكن قد زار الثلاثاء السعودية ومصر، ثم توجّه إلى قطر، ومن بعدها إلى إسرائيل.
وزار بلينكن قطر بعد لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الرياض.
وناقش بلينكن مع السيسي، بحسب المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر “الجهود الجارية لتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس”.