من الواضح تماماً أن حزب الله، هو المتضرر الوحيد من مواقف البطريركية المارونية، تحديداً في موضوع السلاح. فالحزب والمجموعات التي تدور في فلكه، هي الوحيدة التي يحق لها حمل السلاح في لبنان. والسلاح هذا ليس فرديّاً، بل هو صواريخ، وقاذفات، وعربات، وطائرات مسيّرة. كما الحزب هو الجهة الوحيدة التي لها حق أخذ لبنان إلى الحرب، من غير استشارة الشركاء في الوطن، حتى باتت صيغة “الشراكة” والمصطلحات التابعة لها، من نوع الخردة التي فات عليها الزمن.
ونعتقد أنّ من المجدي إعادة النظر في الصيغة اللبنانيّة الجديدة، ووضع أطر تعريفيّة لها، والاستعانة بخبراء اللغة، لشرح كيف تكون الشراكة؟ وما هو الحوار؟ ومن هما جناحا الوطن؟ وينبغي أيضاً وضع تعديل للدستور يفصل بين فئتين من المجتمع اللبناني، واحدة يحقّ لها، والأخرى من البدون التي لا يحقّ لها.
وما حصل في رميش مؤخراً – كما يقول الأهالي- وفي يوم أحد الشعانين بالذات، له مدلول غير ظاهر. وكأنّ هناك من انفعل من آراء البطريركية المارونية، وأراد أن يردّ عليها من بيئة جنوبيّة ذات ميزة معروفة. هذا على الأقل ما صرحت به جهات فاعلة في البلدة الجنوبية، ومنها رئيس البلدية ميلاد العلم.ردة الفعل في رميش، لم تكن ابنة ساعتها، ولا منعزلة عن الشعور العام في الجنوب، بأن الحرب فُرضت عليهم، من دون استشارتهم، وأدت إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وهجّرت عشرات الآلاف من منازلهم. وهؤلاء ليس عندهم ما يقدّمونه أكثر، ولا يستطيعون إصلاح منازلهم التي خربتها الحرب. وما قاله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي صادم حقّاً، فالدولة ليس عندها هدايا تقدّمها لأهل الجنوب، فمَن سيقدّم الهدايا؟
وإذا كان صحيحاً أن سلاح حزب الله مرتبط بالاستراتيجية الدفاعية، كما بدأ يروّج مسؤولون في التيار الوطني الحر، عطفاً على مواقف برتقالية سابقة اعتُبرت مزعجة لحزب الله، فقد عدنا إلى حكاية ابريق الزيت، فمتى؟ وأين؟ وكيف ستكون الاستراتيدية الدفاعية؟ وهل هناك أفق زمني محدّد لها؟ أم هي مؤجّلة إلى ما بعد البعد، وربّما ترتبط بآفاق الصراع بين كوريا الشمالية والغرب، ورغبة الصين في إعادة تايوان إلى سلطتها؟
هذا هو الخوف لدى بكركي، والمعارضة بشكل عام. والصحيح أن السلاح ليس له علاقة إطلاقاً بالاستراتيجية الدفاعية التي هي أضغاث أحلام، بل ترتبط بما تريده إيران من الأذرع التابعة لها في المنطقة. وفي غياب أي دولة فعليّة، لا يمكن الحديث عن اختيار الغالبية العظمى من الشعب اللبناني لقراراتهم ومصيرهم الوجودي. وما يقوم به البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والمعارضة أيضاً، بمثابة قرع الناقوس لدرء الخطر، وإعادة تكوين نظام حقيقي، يقوم على المساواة بين المواطنين، وفئات الشعب كلّها، وأن يكون هناك إحساس تجاه الآخر، وفهم رغباته، باعتباره مكوّناً أيضاً، وليس ذيلاً تابعاً، وعليه أن يوافق مهما كان القرار والخيار. وحتى ذلك الحين سيظلّ هذا الناقوس يقرع من بكركي، ليسجّل للتاريخ أن ما حدث ويحدث خطأ فادح، ينبغي تصحيحه من دون تأخير.
ج.د.