حادثتان في أقل من أسبوع، أقلقتا مدينة سيدني، وفرضتا جواً رمادياً على المدينة. فما كادت تنقضي غيمة الحادثة الأولى التي ذهب ضحينها سبعة أسخاص، من بينهم المهاجم، في ضاحية بونداي الغنية، حتى وقع حادث آخر، حيث هاجم شاب في الخامسة عشرة من عمره رجل دين أشورياً داخل كنيسة في واكلي، قرب فيرفيلد، فأصاب الكاهن وأربعة أشخاص آخرين بجروح.
إذن، السبت كانت بونداي جانكشن على موعد مع مأساة، نفذ فصولها رجل في الأربعين من عمره، يدعى جويل كاوتشي، القادم من كوينزلاند. وقد نفذ عملية طعن عشوائية في مركز ويستفيلد للتسوق. ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 12 آخرين، من بينهم طفل عمره تسعة أشهر. وأطقلت مفتشة الشرطة إيمي سكوت النار على كاوتشي، فأردته قتيلاً، بعد أن رفض التخلي عن السكين، واتجه نحوها مهدداً.
وقال والد المهاجم، أندروكوتشي (76 عاما) إنه “آسف للغاية” للضحايا، وإن ابنه كان “مريضا للغاية” ومحبطاً.
وقال: “انه ابني. وأنا أحبه، فهو وحش بالنسبة لك. وبالنسبة لي، كان فتى مريضًا جدًا. لقد أراد صديقة وليس لديه مهارات اجتماعية وكان محبطًا للغاية”.
وقال الوالد لصحيفة “ذا أستراليان” إن ابنه لديه تاريخ طويل من المرض العقلي وكان “محبطًا للغاية من دماغه”، بسبب عدم قدرته على الحصول على صديقة.
وقالت الشرطة الأسترالية إنها تعتقد أن كاوتشي استهدف النساء على وجه التحديد.
وتم التعرف على النساء اللواتي قُتلن في الهجوم على أنهن مصممة تبلغ من العمر 55 عامًا، ومهندسة معمارية تبلغ من العمر 47 عامًا، ومنقذة حياة متطوعة لركوب الأمواج، وابنة رجل أعمال تبلغ من العمر 25 عامًا، وطالبة من الصين تبلغ من العمر 27 عامًا، وأم جديدة تبلغ من العمر 38 عامًا.
وكان من بين الضحايا حارس أمن باكستاني يبلغ من العمر 30 عامًا قيل إنه حاول إيقاف المهاجم، وهو الرجل الوحيد الذي قُتل في الهجوم.
وقالت مفوضة شرطة ولاية نيو ساوث ويلز، كارين ويب، إنه “من الواضح” أن المهاجم المشتبه به، جويل كاوتشي، استهدف النساء بشكل خاص.
وقالت ويب لهيئة الإذاعة الأسترالية (أي بي سي): “من الواضح بالنسبة لي، ومن الواضح للمحققين أن هذا مجال اهتمام. يبدو أن الجاني ركز على النساء وتجنب الرجال”.
أضافت: “إن مقاطع الفيديو تتحدث عن نفسها”.
وقالت ويب إن الضباط يجرون مقابلات مع أشخاص مقربين من كاوتشي للحصول على “بعض المعلومات حول ما كان يفكر فيه”.
حادث واكلي
ويوم الأحد، أقدم مراهق في الخامسة عشرة من عمره على طعن المطران مار ماري إيمانوئيل، في كنيسة المسيح الراعي الصالح الأشورية. وانقضّ المصلون على المهاجم، وتمكنوا من السيطرة عليه. لكن الحادث أسفر عن إصابة أربعة أشخاص بجروح.
وقال متحدث باسم الشرطة إنهم عالجوا رجلاً في الخمسينيات من عمره من جروح متعددة قبل نقله إلى مستشفى ليفربول.
كما عولج رجل في الثلاثينيات من عمره من تمزقات وتم نقله إلى المستشفى.
وعولج رجل في العشرينات من عمره من جرح في يده، بينما عولج رجل في الستينات من عمره من تمزق في ذراعه في مكان الحادث.
وعلم أن دوافع الهجوم دينية، استناداً إلى ما صرّح به المهاجم أثناء السيطرة عليه داخل الكنيسة.
وخلال مؤتمر صحافي، يوم الثلاثاء، قالت كارين ويب، مفوّضة شرطة نيو ساوث ويلز، إنه “بعدما أخذت كلّ العناصر في الاعتبار، أعلنتُ أنّه كان عملاً إرهابياً”. وأضافت أن التحقيق خلص إلى أن الهجوم هو عمل “متطرف” مدفوعاً بدوافع دينية.
وأوضحت أن المشتبه به “معروف لدى الشرطة” لكنّه لم يكن مدرجاً على أي قائمة من القوائم المخصّصة لمراقبة الإرهابيين.
قال المشتبه به بلكنة عربية وهو ملقى أرضاً: “لو لم يتطرق (خادم الكنيسة) إلى ديني لما كنت أتيت”.
وفور وقوع الهجوم، سادت أجواء متوترة خارج الكنيسة، وتم استدعاء شرطة مكافحة الشغب لتفريق السكان المحليين الغاضبين.
واشتبك مئات الأشخاص مع الشرطة. وتم استدعاء شرطة مكافحة الشغب لتفريق الحشد بالقوة بعد تحطيم سيارات.
وحلقت مروحية في سماء المنطقة لحث الحشد على مغادرة المنطقة.
وقال أندرو هولاند، القائم بأعمال مساعد مفوض نيو ساوث ويلز، للصحفيين: “من المحتمل أن تكون تلك الصور العنيفة [من البث المباشر] هي التي أثارت الضجة في المجتمع – لقد رأى الناس ذلك واستجابو،ا وللأسف انتهى بنا الأمر إلى حادث يتعلق بالنظام العام”.
وأضاف أن المشتبه به البالغ من العمر 15 عامًا، والذي احتجزه أبناء الكنيسة حتى وصول الشرطة، “أصيب بجروح في يده نتيجة أفعاله”.
وقال هولاند إن الشرطة “كانت بصدد أخذ المراهق من الكنيسة” عندما أدركت أن مجموعة كبيرة قد تجمعت في الخارج، وقررت الشرطة إبقاء المشتبه به في الكنيسة “من أجل سلامته”.
وتم نقل ضابطي شرطة إلى المستشفى بعد إصابتهما على يد أفراد من الحشد الذين اقتحموا “عدداً من المنازل للحصول على أدوات لإلقائها على الشرطة”.
وقال هولاند إن بعض أفراد المجموعة ألقوا أشياء على الكنيسة في محاولة للوصول إلى المشتبه به.
ووعد هولاند بمزيد من الاعتقالات بشأن حادث النظام العام.
وحث رئيس حكومة نيو ساوث ويلز كريس مينس المجتمع على التزام الهدوء، وقال في منشور على منصة إكس:”مشاهد مزعجة الليلة في واكلي”.
أضاف:”أفكاري وصلواتي مع الضحايا وأول المستجيبين الذين يعملون للحفاظ على سلامتنا… من المهم أن يظل المجتمع هادئًا ويستمر في الاستماع والتصرف لتوجيهات الشرطة وخدمات الطوارئ.”
وقال شهود عيان إنه تم نقل المطران إيمانويل، الذي اكتسب عددًا كبيرًا من المتابعين عبر الإنترنت خلال جائحة كوفيد، إلى المستشفى مع كاهن آخر. وقالت الكنيسة في بيان نشر على وسائل التواصل الاجتماعي إن كليهما كان في حالة مستقرة.
ووسط التوترات في غرب سيدني، صدرت بيانات استنكار ودعوات إلى الهدوء من زعماء روحيين، فقد أصدرت المطرانية المارونية بياناً يدين بشكل قاطع العنف بجميع أشكاله ((البيان ص 14).
وأصدر ستة عشر مركزاً دينياً إسلامياً في أستراليا بياناً مشتركاً، عبّر عن التضامن مع المطران إيمانويل، وشجب الاعتداء عليه. وقال البيان: “مع الأسى، فإن المجتمع المسلم في أستراليا يستنكر الجريمة النكراء التي طالت المطران مار ماري إيمانويل، خلال خدمة القداس في كنيسة يسوع الراعي الصالح في واكلي – سيدني. وهذا التصرف من العنف لم يكن مزعجاً فحسب، بل هو أيضاً يخالف بشدة قيم التسامح والوحدة التي نتمسك بها بقزة كأستراليين، خصوصاً عندما تقع داخل الأماكن المقدسة وتستهدف قادة دينيين”.
وتمنى البيان الشفاء للمطران والضحايا الآخرين، ودعا المجتمع إلى تبني قيم التسامح والتفهم والتعاضد، لتأكيد الأمن والسلامة لجميع الأستراليين، مهما كانت دياناتهم أو خلفياتهم.
وصدر بيان مشترك عن الاتحاد الفيدرالي للمجالس الإسلامية، وهيئة الشريعة الوطنية، وقعه كل من مفتي أستراليا الشيخ رياض الرفاعي والدكتور راتب جنيد، جاء فيه: “إننا نتحد في الدعوة إلى الهدوء حيال الأحداث في واكلي، ونرفض العنف بأي شكل من الأشكال. وندعو المجتمعات إلى تعميم رسلتنا للرفق والتسامح”.
ودعا البيان الجميع إلى التصرف بمحبة واحترام، “فالآن هو الوقت لنظهر أننا أقوياء وموحّدون كمجتمع نيو ساوث ويلز”.
وأصدر المفتي رياض الرفاعي بياناً دعا فيه إلى نبذ العنف