تقع المفاوضات المعلنة وغير المعلنة لإنقاذ التفاهم على “صفقة تبادل»”للأسرى في غزة في صلب الاهتمام اللبناني، سياسياً ورسمياً وعسكرياً، مع ملء الفراغات اليومية، باهتمامات من هنا كالانشغال بملف النزوح السوري، ومن هناك بيانات ومواقف تزيد الفرز الداخلي بين القوى وتعمق الخلافات، من دون التماس مناهج لأيّ منها، مع المضي في انحدار الملفات، والتوجه الى الحل للمعضلات إما بالالغاء او التمديد او «التشحيل» كما حصل بالنسبة لإلغاء امتحانات البروفيه، وتعليق العمل بمواد في منهج امتحانات الشهادات الموحدة، في الصفوف النهائية.
في هذا الوقت، عاش وسط بيروت حدثاً أمنياً دامياً، اذ ادى تسرب الغاز في مطعم في منطقة بشارة الخوري الى انفجار في المطعم الذي كان يغص بالزوار، مما ادى الى مقتل ثمانية أشخاص، أو تسعة بحسب بينات متناقضة. وطلب وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي ان تحدّد الادلة الجنائية الجهة المسؤولة في ضوء تحقيقاتها.
وقوارير الغاز التي انفجرت في بناية غناجة – بشارة الخوري تضم عدداً من الادارات الرسمية، لا سيما مديرية الواردات في وزارة المالية، والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني. (مزيد من تفاصيل الحريق ص 4).
ولم يقتصر القلق على الحرب في الجنوب، والتوترات والانفجارات في المناطق والعاصمة، والخشية من هبوط المستوى التعليمي للشهادة اللبنانية، حتى التحقت الجامعات في بيروت، لا سيما الجامعة الاميركية،
والجامعة اللبنانية الاميركية، بالاضافة الى فرعي جامعة بيروت العربية في العاصمة وطرابلس، بالتحركات الكبرى» في الجامعات الاميركية للمطالبة بوقف الحرب الاسرائيلية على غزة، والعدوان على لبنان، ومقاطعة الشركات الداعمة لاسرائيل.
الورقة الفرنسية
ويعكف المسؤولون اللبنانيون على مراجعة الورقة الفرنسية التي سُلّمت الى كلّ من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، ليصار بعدها الى ابلاغ الجانب الفرنسي بالموقف، الذي قد يتأخر الى ما بعد العاشر من الشهر الجاري.
وكما بات معروفاً، فالورقة الفرنسية تتضمن مراحل ثلاث:
1- وقف العمليات الحربية.
2- اعادة النازحين اللبنانيين والاسرائيليين الى قراهم.
3- بدء مفاوضات شبيهة بتفاهم نيسان 1996، يكون خطياً، ومضموناً من فرنسا والولايات المتحدة الاميركية والامم المتحدة.
الرد الإسرائيلي
وفي تل ابيب تبلغ وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الرد الاسرائيلي على الورقة الفرنسية بعد لقاء وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس، حيث بحث معه التصعيد في غزة والتصعيد عند الحدود مع لبنان وتضمن الرد الاسرائيلي انه “اذا لم ينسحب حزب الله من الحدود فإننا نقترب من حرب شاملة”، وأن اسرائيل ستعمل ضد حزب الله في كل لبنان.
تراجع رئاسي
سياسياً، قالت مصادر سياسية مطلعة إن البحث في الملف الرئاسي يسجل تراجعاً في الوقت الراهن وليس مقدّراً له أن يتحرك إيجاباً، ولذلك عُلقت المساعي حوله. واعتبرت أن الحديث عنه في الوقت الراهن لا يقدم ولا يؤخر، مشيرة إلى أن اللجنة الخماسية تعد برنامجا لتحركها حتى وإن ما من شيء متوقع منه كما جرى مؤخراً.
واوضحت ان مفتاح الحل الرئاسي يبدأ من الوضع في الجنوب.
ورأت هذه المصادر أن المقترح الفرنسي بشأن تهدئة الوضع وتطبيق القرار ١٧٠١، ونشر الجيش في الجنوب يحتاج إلى قراءة بتمعن وقد لا يلقى الصدى المطلوب، ومن هناك فإن هذا المقترح قد لا يسلك طريقه قبل جلاء مشهد غزة.
جنبلاط وجعجع
سياسياً، بدا النائب السابق وليد جنبلاط على مسافة تتباعد عن معراب، ورداً على سؤال قال: اذا اراد رئيس القوات ان يثبت نفسه كزعيم للمعارضة، فليفعل ذلك من دوننا، كاشفاً ان الرئيس بري يتفاوض حول امكانية فصل الملف اللبناني عن ملف غزة، لكن لا يمكن أن أتنبأ بما سيحدث.
وفي خطوة انهت خلافات كادت ان تهدّد العمل في وزارة التربية، اعلن وزير التربية والتعليم العالي عباس حلبي عن الغاء امتحانات البروفيه واعتماد العلامات المدرسية فقط.
كما ابقى الحلبي على الامتحانات الموحدة لكل لبنان، واتخاذ بعض الاجراءات والتعديلات، وادخال استثناءات مدروسة ومنصفة للجميع، مع برنامج يراعي تلامذة الجنوب عبر مواد اختيارية واخرى الزامية.
التحركات الطلابية
وفي التحركات الطلابية، رفع الطلاب الأعلام الفلسطينية، وهتفوا بشعارات داعمة للفلسطينيين، وتطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة.
وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لقطات تظهر اعتصامات الطلاب وهم يهتفون: “نحن رجال محمد ضيف” و”عالقدس رايحين شهداء بالملايين”.
كما نظمت الأندية الطالبية في الجامعة اللبنانية الدولية في البقاع، وقفة تضامنية دعما لصمود الشعب الفلسطيني في نضاله ضد إسرائيل، وتضامنا مع الحراك الطالبي في جامعات أميركا والعالم، بمشاركة اكاديمية وطالبية كثيفة، على وقع الأناشيد والهتافات الداعمة.
وأكد المدير الأكاديمي للجامعة اللبنانية الدولية الدكتور أحمد فرج “أن الولايات المتحدة التي طالما تغنّت بحقوق الإنسان هي نفسها التي تستخدم اليوم حق النقض لتبرير جرائمها وجرائم العدو الصهيوني على أرضنا، ودعمه بميزانيات مفتوحة من الكونغرس وبأموالنا لضمان بقائه”.
الوضع الميداني
ميدانياً، دكَّ حزب الله مستعمرة المطلة بوابل من الصواريخ الذي استهدف جنوداً، كانوا مختبئين هناك. كما اعلن حزب الله عن تدمير وإحراق آلية عسكرية عند مثلث يفتاح (رموت نفتالي) بمن فيها، وذلك بالاسلحة الصاروخية.
كما استهدفت المقاومة شاحنة اسرائيلية على الحدود اللبنانية بصاروخ “كورنيت”.
واغارت الطائرات المعادية ليلاً على منطقة بين بلدتي العديسة وكفركلا، كما استهدف الطيران الحربي المعادي بئر المصلبيات بين بلدتي حولا ومركبا.
وتأتي العمليات العسكرية في الجنوب توازياً مع تردي الأوضاع في غزة، ففي اليوم الـ207 من الحرب، واصل جيش الاحتلال قصف مناطق القطاع المختلفة ولا سيما مدينتي رفح وخان يونس، مخلفا مزيدا من الشهداء والمصابين، ورفع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و535 شهيدا، و77 ألفا و704 مصابين منذ 7 تشرين الأول الاول.
من جهته توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمضي في الهجوم على رفح بغض النظر عن رد حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على أحدث مقترح لوقف القتال وإعادة الرهائن الإسرائيليين.
وقد تزايدت التوقعات في الأيام القليلة الماضية بقرب التوصل لاتفاق في أعقاب تجدد الجهود بقيادة مصر لاستئناف المفاوضات المتوقفة بين إسرائيل وحماس.
ورغم ذلك قال نتنياهو إنه سواء جرى التوصل لاتفاق أم لا، فإن إسرائيل عازمة على المضي في العملية لتدمير التشكيلات القتالية المتبقية لحماس في رفح.
وأضاف في بيان أن “فكرة إنهاء الحرب قبل تحقيق الأهداف ليست خيارا مطروحا”.
وتابع “سندخل رفح وسنقضي على كتائب حماس هناك، باتفاق أو دونه، من أجل تحقيق النصر الكامل”.
وقال مصدر مقرب من نتنياهو في وقت سابق إن إسرائيل تنتظر رد حماس على المقترحات الجديدة قبل إرسال فريق إلى القاهرة لمواصلة المحادثات.
ووصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى تل أبيب مساء الثلاثاء بعدما أنهى زيارة للرياض وعمان. وقال بلينكن إنه “لا مزيد من التأخير ولا مزيد من الأعذار” بشأن التوصل إلى اتفاق مشيراً إلى أن “الوقت قد حان لتحرك حماس”.
وأضاف في حديث للصحافيين في العاصمة الأردنية أن “الولايات المتحدة تركز على التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى”، مضيفا أنه جرى بحث إدخال المساعدات إلى غزة.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قال الثلاثاء إن “حماس” “أصبحت العقبة الوحيدة أمام التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وإغاثة المدنيين في غزة”.
وقال البيت الأبيض إن المقترح الأخير لصفقة التبادل يتضمن وقف القتال 6 أسابيع، إضافة إلى أن إسرائيل ستفتح معبرا جديدا إلى شمال غزة هذا الأسبوع بعدما طلب بايدن ذلك خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويتوقع أن تدخل أكثر من 200 شاحنة مساعدات يوميا إلى القطاع الفلسطيني.
في المقابل تقول مصادر حماس: “لا يعقل أن نقول لشعبنا إن الاحتلال سوف يبقى أو إن القتال سيستمر بعد أن تحصل إسرائيل على أسراها… شعبنا يريد أن يتوقف هذا العدوان”.
من جهتها تطالب عائلات الأسرى في غزة باجتماع عاجل مع نتنياهو للاطلاع على مستجدات المنحى الجديد لصفقة تبادل بحسب مصادر إعلامية مطلعة.
وأجرى وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، مباحثات في إسرائيل حيث التقى نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بحسب وكالة “فرانس برس”.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن سيجورنيه أبلغ نتنياهو أن الهجوم على رفح فكرة سيئة ولن يحل أي شيء.
بدوره حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن أي هجوم عسكري إسرائيلي على رفح سيشكل “تصعيداً لا يحتمل”.
في شأن آخر قال نتنياهو إنه إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق مسؤولين حكوميين بتهم تتعلق بسير الحرب الإسرائيلية ضد “حماس” فإن ذلك سيكون فضيحة تاريخية.
وأضاف في تصريح مصور: “إن احتمال إصدار (المحكمة) مذكرات اعتقال ضد قادة جيش الدفاع الإسرائيلي وقادة الدولة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، هذا الاحتمال سيكون فضيحة تاريخية”.
من جهتها قالت القناة 12 الإسرائيلية إن “نتنياهو طلب من عائلات الأسرى الضغط لمنع المحكمة الدولية من إصدار مذكرات اعتقال ضده وضد قادة آخرين”.
وقالت مصادر لرويترز إن ممثلي ادعاء من المحكمة الجنائية الدولية أجروا مقابلات مع موظفين في أكبر مستشفيين في غزة، في أول تأكيد على إجراء محققين من المحكمة مقابلات مع مسعفين بخصوص جرائم محتملة في غزة.
وقال أحد المصادر إن الأحداث التي وقعت في محيط المستشفيين قد تكون جزءا من التحقيق الذي تجريه المحكمة.
إلى ذلك أعلنت محكمة العدل الدولية أنها لا تملك الاختصاص بفرض تدابير مؤقتة بشأن صادرات السلاح الألمانية لإسرائيل. وقال رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام في جلسة النظر بدعوى نيكاراغوا ضد ألمانيا إن المحكمة ترى أنه ليست لديها صلاحيات فرض تدابير مؤقتة في الدعوى.
وأعرب سلام عن قلق المحكمة من ظروف ما وصفها بالحياة الكارثية في غزة.
في الولايات المتحدة حيث تشهد جامعاتها انتفاضة طلابية دعما لغزة ضد الإبادة الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني سيطر نشطاء مؤيدون للفلسطينيين على مبنى بجامعة كولومبيا في تصعيد للموقف مع إدارة الجامعة التي بدأت في منع حضور الطلاب الذين رفضوا إزالة الخيام التي نصبوها داخل حرم الجامعة الواقعة في مدينة نيويورك.
وبعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء بقليل، دخل طلاب إلى قاعة هاميلتون، ورفعوا لافتة كتب عليها “قاعة هند”، في إشارة رمزية إلى إعادة تسمية المبنى باسم طفلة فلسطينية تبلغ 6 أعوام، قتلها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
وخارج المبنى الأكاديمي، أغلق المحتجون المدخل بالطاولات وربطوا أذرعهم لتشكيل حاجز، وهتفوا بشعارات معارضة للحرب الإسرائيلية.
وذكرت صحيفة “كولومبيا سبكتاتور” أنه بعد دقائق من وصول المحتجين إلى المبنى، وصل أفراد من شرطة مدينة نيويورك إلى بوابات الجامعة في سيارات بدون لوحات.
وندد البيت الأبيض بالاحتجاجات قائلا إن سيطرة طلاب في جامعة كولومبيا على مبنى داخل الحرم الجامعي “نهج خاطئ تمامًا”.
وأضاف في بيان أن أي رد يتعلق بإنفاذ القانون هو أمر متروك للسلطات المحلية دون وجود خطة لتدخل اتحادي.
وأفادت صحيفة واشنطن بوست في وقت سابق “باحتجاز 1200 طالب حتى الآن في جميع أنحاء الجامعات الأميركية” التي تشهد حراكا واسعا ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.