العنف الأسَري

نشرنا في العدد السابق من جريدة المستقبل الأسترالية، تقريراً عن حزمة مالية كبيرة، وضعتها حكومة الولاية، من أجل المساعدة في تخفيف جرائم العنف العائلي. وهذه القضية كانت محور اهتمام في الأسابيع القليلة الماضية من قبل الحكومات والأوساط الاجتماعية والمنظمات التي تعنى بالدفاع عن المضطهدين على أيدي أحد أفراد الأسرة. واليوم كشف رئيس حكومة الولاية كريس مينس عن تعديلات اقترحتها حكومته بشأن نظام الكفالة (راجع الخبر ص 9). وهذه الخطوة التي تعتبرها الحكومة ضرورية، تهدف إلى تضييق الفرص أمام مرتكبي العنف الأسري، للحصول على كفالة.
والعنف المنزلي والأسري هو سلوك مشين واضطهاديّ. ويتراوح بين أساليب الضرب والاحتقار، إلى السيطرة النفسية والجسدية على الضحية.
ونحن نقرأ ونسمع كل يوم في وسائل الإعلام، عن ضحايا من جراء العنف، سواء كانوا نساء، أو رجالاً، أو كبار السن، أو أطفالاً.
وما يثير القلق في هذا الموضوع، هو أن العديد من ضحايا العنف المنزلي والعائلي، لا يبلغون عن معاناتهم، إما بدافع الخوف، أو تجنباً لما يوصف بالفضيحة العائلية.

وهذا التقاعس عن الشكوى، يشجع المرتكب ويدفعه إلى مزيد من التنمر. والسلوك العنيف قد يصل إلى حد القتل. ولا يكاد يمر يوم إلا ونسمع فيه أو نقرأ عن حادثة قتل متعمّد نتيجة التصرف العنفي تجاه الأضعف.
وفي أقل الأحوال سوءاً، يمكن أن يشمل العنف الأسري أفعالاً تسيطر على الشخص أو الأشخاص الآخرين في الأسرة أو تهينه أو تخيفه.
وفي الاحصاءات، فإن واحدة من كل ست نساء وواحداً من كل ستة عشر رجلاً في أستراليا تعرضوا للعنف من قبل شريك حميم.
والنساء هنّ أكثر عرضة للإيذاء والقتل والاغتصاب على يد الشريك.
وأفاد 75% من ضحايا العنف المنزلي أن مرتكب العنف ذكر، في حين أفاد 25% أن مرتكب العنف أنثى.
وتُقتل امرأة واحدة كل تسعة أيام، ويُقتل رجل واحد كل شهر على يد شريك حالي أو سابق.
نضيف إلى ذلك، أن العنف المنزلي والأسري هو السبب الرئيسي للتشرد.
كما أن الكثيرين من ضحاياه من الأطفال الذين قد يعانون بشكل مباشر، أي من خلال تعرضهم للأذى الجسدي، أو بشكل نفسي غير مباشر من خلال مشاهداتهم المتواصلة لمسلسل القسوة والتعنيف في المنزل.
وتعرّض ما يقرب من 2.5 مليون بالغ أسترالي للإساءة خلال طفولتهم.
واللافت في الدراسات أن العنف الأسري يتفشى أيضاً في مجتمعات السكان الأصليين.
وقد لا يصدّق أحد أن الأشخاص ذوي الإعاقة أكثر عرضة بنسبة 1.8 مرة للتعرض للعنف الجسدي أو الجنسي، مقارنة بالأشخاص غير ذوي الإعاقة، والكثير من هؤلاء المعوقين يعانون من سوء المعاملة في سن الطفولة، وخصوصاً في سن تتراوح بين 10 سنوات و16 سنة.
إن ما يقوم به رئيس حكومة نيو ساوث ويلز كريس مينس وحكومته من إجراءات تهدف إلى الحد من العنف الأسري، مبادرات مهمّة، وتصلح أن تطبًَّق في جميع الولايات الأسترالية. ونعتقد أن حكومتنا سبّاقة في هذا المجال، وقدوة في أخذ العبر. وينبغي أن تتواصل الجهود، تماشياً مع الأرقام التي تصدر من الجهات الرسمية، وصولاً إلى الرقم صفر – إذا أمكن. كما ينبغي إدخال هذا الموضوع في المناهج الدراسية، فالعلم في الصغر كالنقش في الحجر، من أجل الحد فعليًاً من العنف الأسري وتداعياته الخطيرة والمهينة.
ج.د

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com