تَقدّم مفاجئ لداتون

لا يمكن الاستهانة بالأرقام التي نشرتها صحيفة الأستراليان عن تقدّم زعيم المعارضة الفيدرالية بيتر داتون في آخر استطلاع للرأي، حيث بدا أن التصويت الأوّلي للائتلاف المعارض الذي يقوده داتون ارتفع نقطتين ليصل إلى 39 في المئة، في حين انخفض دعم حزب العمال إلى 33 في المئة.
والمفاجئ أن رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي كان يتقدّم على داتون بـ 19 نقطة قبل ثلاثة أسابيع، وهو يتقدّم عليه الآن بـ 8 فقط. كما انخفض الاعتقاد بأن ألبانيزي سيكون رئيسًا مفضلاً للوزراء بمقدار ست نقاط إلى 46 في المئة، بينما ارتفع دعم السيد داتون خمس نقاط إلى 38 في المئة. وهذا يعني أن الزعيمين أصبحا الآن متقاربين، من حيث صافي معدلات الموافقة الإجمالية- ودائماً بحسب الاستطلاع.
ولن يكون مستغرباً في الاستطلاعات المقبلة أن يتنامى تأييد الناخبين لداتون، على الرغم من أن الأجيال الجديدة تبدي حَذراً من سياساته المتعلّقة بالمناخ. فهو يدعم اتفاقية باريس، لكن على مضض كما يبدو. ويتعرّض داتون لضغوط متزايدة من النائبين الحليفين من الحزب الوطني، بارنابي جويس وكيث بيت، لكي ينسحب من اتفاقية باريس للمناخ.
ويقف الحزب الوطني المتحالف مع الأحرار، رأس حربة بمواجهة تقليل استخدام الفحم لتوليد الطاقة غير النظيفة.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، قال داتون إن حكومة البانيزي “ليس لديها أي أمل في تحقيق أهداف 2030 بخفض الانبعاثات”. ومن المرجّح أن يكون هذا صحيحاً، فسياسات الحكومة قاصرة جداً عن اللحاق بموكب خفض الانبعاثات، فيما يُعتبر قطاع الفحم من أهم مصادر الدخل القومي في أستراليا.
ولا يقدّم داتون نفسه، حلولاً بقدر ما يرفض أن يسقط الاقتصاد، وتتعرّض الأسر للإفلاس، “من خلال نهج قائم على الأيديولوجية، وهو ما يفعله أنتوني ألبانيزي في الوقت الحالي” – بحسب تعبيره.
وفي أي حال، فإنّ سياسة المناخ تبدو قضيّة رئيسيّة في الانتخابات المقبلة.ولكن من المبالغة القول إن هذه المسألة التي يدور حولها جدال الآن، ستكون لقّشة التي تقصم ظهر البعير، فهناك أرقام أخرى، تتعلق بالأحوال المعيشية للمواطنين، وينبغي دراستها بدقة. ومن الغريب أنّ أيّاً من الأحزاب لا يعطي حلولاً ناجعة لهذه الأزمة، بل هناك خُطب وأحاديث غائمة، وزيادات في الأجور لا تنقذ من جوع. ومن السخرية أن تأخذ زيادة 90 سنتاً على الحد الأدنى في الساعة، بدءاً من الأول من تموز وقتاً للمناقشة والتبجيل في البرلمان الفيدرالي.
ومثلما يتخبّط السياسيون في مسألة الطاقة: تخفيض الانبعاثات، الطاقة النووية، الطاقة المتجدّدة… ويدلون بتصريحات من دون خطط واضحة، فهم يتعاطون مع الشأن المعيشي بالنهج ذاته، والانتقادات التي تُوجّه إلى الحكومة تبقى سياسية، إذا لم تقترن بالفعل، وببرامج مستقبلية توحي بالرفاهية.
هل صحيح بعد هذا، ما يتسرَّب من جهات معارضة بأن الشعب الأسترالي قد تعب، وبات يسعى إلى التغيير؟
من الناحية المنطقية، نعم. فكثير من الحكومات في العالم قد سقطت ليس بسبب أدائها، بل لأن الشعب يشعر بالضيق من أوضاع سياسية، أو اجتماعية، فتدفع الحكومات ثمن خطيئة لم تقترفها. وهذا ما يُمكن أن يحدث في الانتخابات الفيدرالية المقبلة.
ج.د

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com