إسرائيل – أخبار العالم
انصبت الجهود الأميركية على تفادي التصعيد جنوباً، فيما تصاعدت اللهجة الإسرائيلية حيال الوضع على الجبهة.
هذا وقد بدا واضحا أن ما بعد رفح قد يكون الساحة الجنوبية.
فيما سربت أوساط في إسرائيل أن هناك خطة جهنمية لتوطين فئات من الإسرائيليين في الجنوب بديلاً عن اللبنانيين.
في هذه الأجواء المحمومة، أكد الموفد الأميركي آموس هوكشتاين:
“أننا نريد تجنّب مزيد من التصعيد بين إسرائيل ولبنان بدلا من حرب مفتوحة”.
مشيراً إلى أن “الوضع على الحدود بين لبنان وإسرائيل في غاية الخطورة، ونسعى لوقف التصعيد تفاديا لحرب كبيرة”.
معتبراً أن “وقف إطلاق النار في غزة ينهي الحرب ويسمح للنازحين في الجنوب اللبناني بالعودة إلى بيوتهم”.
المحطة الأولى من رحلة هوكشتاين
وكان هوكشتاين وصل الى بيروت صباح الثلاثاء، آتياً من إسرائيل.
وكانت محطته الأولى اليرزة حيث استقبله قائد الجيش العماد جوزف عون في مكتبه.
وكان ذلك بحضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون.
حيث تناول البحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والتطورات على الحدود الجنوبية.
بعدها انتقل هوكشتاين والسفيرة الأميركية الى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة.
حيث كان في استقبالهما رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حضور المستشار الإعلامي للرئيس نبيه بري علي حمدان.
هذا وقد جرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية في لبنان والمنطقة على ضوء مواصلة إسرائيل لعدوانها على لبنان وقطاع غزة.
هوكشتاين مهنئاً بعيد الأضحى
اللقاء الذي استمر زهاء ساعة وعشر دقائق تلا بعده هوكشتاين نصاً مكتوبا قال فيه:
“أضحى مبارك حلّ في ظروف صعبة، ولهذه الأسباب أوفدني الرئيس جو بايدن للحضور الى لبنان.
وكان لي اجتماع ومحادثات جيدة مع الرئيس نبيه بري ناقشنا خلالها الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان وكذلك الاتفاق المقترح على الطاولة الآن بخصوص غزة والذي يعطي فرصة لإنهاء الصراع على جانبي الخط الأزرق”.
أضاف: “إن الاتفاق الذي حدده الرئيس بايدن في 31 أيار 2024 والذي يتضمن إطلاقاً للرهائن ووقفاً دائماً لاطلاق النار وصولاً لإنهاء الحرب على غزة، هذا الاقتراح قُبِل من الجانب الإسرائيلي ويحظى بموافقة قطر، ومصر ومجموعة السبع، ومجلس الأمن الدولي، ان هذا الاتفاق ينهي الحرب على غزة ويضع برنامج انسحاب للقوات الإسرائيلية، فإذا كان هذا ما تريده حماس عليهم القبول به”.
ورأى “أن وقف إطلاق النار في غزة ينهي الحرب، أو أي حل سياسي آخر ينهي الصراع على جانبي الخط الأزرق سوف يخلق ظروفاً لعودة النازحين الى منازلهم في الجنوب وكذلك الأمر للمدنيين على الجانب الآخر. ان الصراع على جانبي الخط الأزرق بين حزب الله وإسرائيل طال بما فيه الكفاية وهناك أبرياء يموتون وممتلكات تدمّر وعائلات تتشتت والاقتصاد اللبناني يُكمل إنحداره والبلاد تعاني ليس لسبب جيد، لمصلحة الجميع حل الصراع بسرعة سياسياً وهذا ممكن وضروري وبمتناول اليد”.
بعد ذلك التقى هوكشتاين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في دارته في بيروت. وشارك في اللقاء سفيرة الولايات المتحدة والوفد المرافق لهوكشتاين.
وفي خلال الاجتماع، أكد ميقاتي “أن لبنان لا يسعى الى التصعيد، والمطلوب وقف العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان والعودة الى الهدوء والاستقرار عند الحدود الجنوبية”.
وقال: “إننا نواصل، السعي لوقف التصعيد واستتباب الأمن والاستقرار ووقف الخروقات المستمرة للسيادة اللبنانية وأعمال القتل والتدمير الممنهج التي ترتكبها إسرائيل”.
وشدّد “على ان التهديدات الإسرائيلية المستمرة للبنان، لن تثنينا عن مواصلة البحث لإرساء التهدئة، وهو الأمر الذي يشكّل أولوية لدينا ولدى كل أصدقاء لبنان”.
أما هوكشتاين فقال بعد اللقاء: “كالعادة أجريت مناقشات جيدة مع رئيس الوزراء. نمرّ بأوقات خطيرة ولحظات حرجة ونحن نعمل سوياً لنحاول أن نجد الطرق للوصول الى مكان نمنع فيه المزيد من التصعيد كما ذكرت في تصريحي السابق”.
كما التقى هوكشتاين وزير الخارجية عبدالله بو حبيب قبل مغادرته بيروت.
ماذا وراء الزيارة؟
ترى مصادر لبنانية أنه لو لم تكن إسرائيل عالقة في مأزق الحرب في غزة، وتواجه ضربات متتالية وقاسية على الرأس في الجبهة مع لبنان..
لما كانت الإدارة الأميركية تتدخّل بكل ما أوتيت من قوة سياسية ودبلوماسية بغية الوصول الى هدنة بين تل أبيب وحركة حماس..
ولما كانت أيضا تسعى عبر موفدها آموس هوكشتاين الى احتواء الحريق المندلع بين “حزب الله”.
رسالة أميركية
ومن الواضح ان هوكشتاين الذي استهلّ جولته بزيارة إسرائيل حمل في جيبه رسالة أميركية واضحة بضرورة تبريد الجبهة مع لبنان.
وهو أطلع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على مخاطر توسّع إطار هذه الجبهة في ظل عجز إسرائيلي على حسم المعركة في غزة،
ورغبة الرئيس جون بايدن بوقف هذه الحرب لغايات سياسية تتعلق بالانتخابات الأميركية بالدرجة الأولى،
وثانيًا بفعل انشغال واشنطن بما يجري بين روسيا وأوكرانيا، ورصد التوسّع الصيني على مساحة العالم.
أما لجهة زيارته الى لبنان فان معلومات تحدثت عن حمل هوكشتاين رسالة في ثناياها تهويلًا وتحذيرًا من مغبة عدم وقف الجبهة الجنوبية واستمرار ربطها بالحرب في غزة،
وهو ما يرفضه حزب الله حتى الساعة.
زيارة هوكشتاين إلى الرئيس بري
وقد لوحظ خلال زيارة هوكشتاين الى الرئيس نبيه بري انه حرص أن يكون تصريحه مكتوبا وهو لم يخرج عن النص، وكانت الرسالة التي يحملها واضحة وهي التركيز على الاتفاق الذي طرحه الرئيس الأميركي لتحقيق هدنة في غزة، وفي رأي هوكشتاين ان القبول بهذا الاتفاق من الأطراف المعنية من شأنه أن يؤسس لحل في لبنان، وهو كان واضحا لجهة ان واشنطن تعمل على حل دبلوماسي في الجنوب وعدم خروج الأمور عن السيطرة لانه في اعتقادها ان هذا حصل فان المنطقة ستدخل في وضع كارثي، كما كان للموفد الأميركي تمنٍّ بأن يمارس لبنان نوعاً من الضغط على “حماس” للقبول بالاتفاق.
وحمل هوكشتاين من المسؤولين اللبنانيين رداً مفاده أنّ إسرائيل هي من يخرق القرارات الأممية، وهي من يسعى لتوسيع رقعة الحرب، وأن لا ترسيم جديداً للحدود، فهناك خلاف على 13 نقطة ويجب حصر أي نقاش بهذه النقاط، ولبنان من جهته ملتزم بالقرار 1701 وجبهة الجنوب لن تستمر من جهة لبنان ثانية واحدة، ان توقفت الحرب في غزة وما لم تستمر إسرائيل بعدوانها على لبنان.
ووفق مصادر مطّلعة فان المقترحات التي سبق لهوكشتاين وناقشها مع الرئيس بري في آخر زيارتين له الى بيروت كانت محور نقاش هذه المرة أيضا، لكن ما تقدّم عليها اليوم هو اقتراح بايدن وضرورة التوصل الى وقف اطلاق النار في غزة وانسحاب هذا الأمر على جنوب لبنان.
وفي رأي المصادر أنه من الخطأ القول ان الرئيس بري هو في موقع الوسيط بين هوكشتاين و”حزب الله”، بل ان رئيس المجلس كان ولا يزال وسيبقى في صلب هذه المواجهة الدبلوماسية والعسكرية في وجه إسرائيل.
وكشفت المصادر ان رئيس المجلس كرّر أمام الموفد الأميركي للمرة المئة التزام لبنان بتطبيق القرار 1701، وعدم ممانعته في زيادة عديد الجيش اللبناني في الجنوب. وهو سبق ان قال عندما طالبه ديبلوماسيون غربيون بزيادة 10 آلاف جندي انه لا مانع أن يكونوا 15 ألفاً.
أما حول طرح هوكشتاين القديم الجديد عن إعادة تموضع “حزب الله” على الحدودن فإن الرئيس بري كان واضحا لجهة ضرورة وقف اطلاق النار أولاً. وهذه مسلّمة أساسية عند الحزب أيضا قبل الإجابة على أي من هذه الأسئلة، وقد وصل هوكشتاين الى اقتناع بعدم تراجع الحزب عن القتال إذا بقيت الحرب مفتوحة في غزة بعد مضي أكثر من ثمانية أشهر عليها.
وشدّدت المصادر ان ما سمعه هوكشتاين من الرئيس بري بهذا الخصوص كان محل تنسيق وتشاور بينه وبين الرئيس ميقاتي.
وعلى الرغم من الأجواء الملبدة التي سادت اجتماعات هوكشتاين مع المسؤولين اللبنانيين، فقد أشارت مصادر في بيروت إلى ان الوضع قابل للتهدئة على الرغم من التصعيد الاخير بين “حزب الله” وإسرائيل، إلا أن الوسيط الأميركي كان واضحاً في ما نقله عن قيادات جيش الاحتلال من تهديد صريح، بأن استخدام القوة قد يكون أمراً لا مفر منه، إذا أخفقت الدبلوماسية، لإبعاد “حزب الله” عن الحدود . وعلم أن هوكشتاين حمل معه في جولته رسالة إسرائيلية شديدة اللهجة وأكثر خطورة من الرسائل الماضية بضرورة التفاوض ووقف إطلاق النار على الحدود والا فإن التصعيد سيصبح حتمياً.
وإذ كشفت المعلومات أن الوسيط الأميركي أبلغ من التقاهم أن مصلحة لبنان في التزام التهدئة وعدم الإصرار على ربط مصيره بما يجري في غزة، فإنه بعث برسائل إلى “حزب الله” عبر الرئيس بري بضرورة الاستجابة لمساعي التهدئة، وعدم جر لبنان إلى حرب واسعة، قد لا يكون لواشنطن التأثير على وقف تمددها، في حال أخذت إسرائيل قراراً بشنها ضد لبنان، إذا استمرت المواجهات. كذلك العمل على انتشار الجيش اللبناني في المناطق الحــدودية وعلى الحــدود بعديد يبلغ حوالي 15 الف عسكري جنوب الليطاني، ما يستلزم تعزيزه بحوالي 5 آلاف ضابط وجندي بتجهيزات كافية، بالتنسيق والتعاون مع قوات “يونيفيل”. وعلم أن هناك جهوداً أميركية فرنسية تبذل من أجل الاتفاق على تثبيت النقاط الحدودية الـ 13 المختلف عليها بين لبنان وإسرائيل، مع العلم ان هناك 7 نقاط منها حسمت لصالح لبنان، وبقيت 6 نقاط يطالب ويؤكد عليها لبنان منها نقطة بي 1، كذلك تناول البحث تأمين منطقة خالية من الوجود العسكري لـ “حزب الله” بعمق 8 كيلومتر أو أكثر بقليل عن الحدود الجنوبية، فيما يشدد لبنان على التزام إسرائيلي الكامل بتنفيذ القرار 1701، إضافة إلى استعادته تلال كفرشوبا والغجر ومزارع شبعا، ووقف الاعتداءات والخروقات الاسرائيلية.
طائرة الهدهد المسيّرة
توقف المراقبون والمحللون العسكريون عند نشر الإعلام الحربي في المقاومة تفاصيل ما عاد به “الهدهد”، وهو اسم لطائرة مسيّرة، وتضمن مسحاً دقيقا لمناطق في شمال فلسطين. وعلم أن المسح الدقيق للمواقع الحساسة في حيفا، لم يكن وليد الساعة بل هو ربما يكون حصل منذ أيام أو أسابيع، لكن توقيته مؤخراً كان ردّا واضحا وصريحا على ما حمله من تهديدات إسرائيلية، وما نُشر رسالة واضحة بأن هناك بنك أهداف كبير سيكون هدفا لصواريخ ومسيّرات المقاومة في اللحظة الأولى التي تقوم بها إسرائيل بأي عمل عسكري واسع النطاق ضد لبنان، وخطورة ما نشر بالنسبة لتل أبيب ان مسيّرات المقاومة تختلف عن كل المسيّرات التي كشف عنها حتى الآن وتجاوزت كل وسائل الدفاع الجوي وعادت من دون أن تتمكن الوسائل المتطورة لدى إسرائيل من كشفها.
وإذا كان من الصعب معرفة ما توصل إليه هوكشتاين في تل أبيب، غير ان الوقائع تشي بأن الجيش الإسرائيلي المتعب من الحرب في غزة غير قادر على خوض حرب واسعة مع لبنان، ولا سيما ان إسرائيل فوجئت الى حد كبير بالقدرة العسكرية الهائلة التي باتت تمتلكها المقاومة في لبنان، والسلاح التي تستخدمه وهو بالغ الدقة في إصابة الأهداف القريبة والبعيدة.
تطورات ميدانية
على صعيد التطورات الميدانية، سجل قصف من جانب حزب الله لمواقع إسرائيلية، بعد توقف عن الأعمال الحربية من جانب الحزب لمدة 72 ساعة. واستهدفت المدفعية الإسرائيلية عدة مناطق متاخمة للشريط الحدودي، كما استهدفت مسيرة عربة تقل مدنيين، فأصيب ثمانية منهم بجروح طفيفة. وقصفت مسيرة إسرائيلية سيارة في البرغلية، ما أدى إلى إصابة مسؤول في حزب الله، هو يونس عز الدين بجروح خطيرة.
غزة
توازياً، كشف الجيش الإسرائيلي عن موعد إكمال سيطرته على منطقة رفح جنوبي قطاع غزة، بعد ما وصفه بهزيمة نصف قوات حماس وتدمير عشرات الأنفاق في المنطقة بحسب ما قال، فيما يتجه الكونغرس الأمريكي لمنح إسرائيل صفقة أسلحة متطورة حديثة بقيمة 18 مليار دولار، تضم 5 طائرة أف-15.
وبحسب الجيش فإنه من المرجح السيطرة على رفح بالكامل في غضون أسبوعين، في ظل المعارك الدائرة حاليا مع الكتائب المتبقية لحماس في أجزاء من تل السلطان والجزء الشرقي من الشابورة.
وقال الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين، إن الفرقة 162 قضت على نصف كتائب حماس في رفح، وقتلت ما لا يقل عن ” 550 إرهابيًا، فضلاً عن تدمير حوالي 200 فتحة نفق”، والقضاء على آخر مخزون كبير للصواريخ لدى حماس، بحسب ما نقلته صحيفة جيروزاليم بوست.
ومنذ بداية الحرب وحتى الآن، عانت الفرقة 162 من 3800 جريح و180 قتيلاً، و23 سقطوا في معارك رفح.
كما كشف الجيش الإسرائيلي أن المنازل والأنفاق في رفح بها أنواع جديدة من الدفاعات والفخاخ، مع وجود كاميرات مراقبة في كل غرفة من المنزل لتسهيل الكمائن.
بالإضافة إلى ذلك، قال الجيش في بيان له، إن شبكة الأنفاق في رفح، وخاصة بالقرب من ممر فيلادلفيا مع مصر، أكثر تعقيدا من تلك الموجودة في خان يونس وجباليا والحي العسكري في مدينة غزة.
وأشارت جيروزاليم بوست إلى أن الفرقة 162 بقيادة إسحاق كوهين، سيطرت بالفعل على أكثر من 60 إلى 70 في المئة من كامل مساحة رفح، حيث فر نحو 1.4 مليون مدني إلى المواصي على الساحل ووسط غزة وخان يونس.
وكانت إحدى أصعب المعارك تدور حول منطقة “إن بي كيه” التي تقع إلى الشمال قليلاً من منتصف ممر فيلادلفيا، وكانت مقر قائد لواء رفح التابع لحماس.