إسرائيل تستهدف الضيف – حوادث وقضايا
أصبح مصير محمد الضيف، قائد “كتائب القسام” الذي طاردته إسرائيل لأكثر من 30 عاماً بوصفه المطلوب رقم واحد لديها، مجهولاً.
وذلك بعد استهدافه بغارة “غير عادية”، في منطقة المواصي قرب مدينة خان يونس.
ولم يتضح ما إذا كان الهجوم، أدى بالفعل إلى تحقيق ما أرادته إسرائيل، وسيطر التضارب في الساعات الأولى للهجوم.
سحب البيان
وبعدما أعلن الجيش استهداف، قائد لواء خان يونس، رافع سلامة، تم سحب البيان واكتُفي بالقول إن الجيش “استهدف قائدَين بارزَين”.
وبينما ذكرت “القناة 12” الإسرائيلية أنه تم فعلاً اغتيال الضيف وسلامة، قالت “القناة 14” إن التشاؤم بدأ يحل مكان التفاؤل خشيةَ أن يكون النجاح اقتصر على اغتيال سلامة فقط.
حيث إن الضيف أحد أبرز المطلوبين لإسرائيل، وكان لسنوات طويلة بمثابة “شبح” في قيادة “كتائب القسام”.
إذ لم تكن له سوى صورة واحدة قديمة، قبل أن يوزِّع الجيش الإسرائيلي صورتين جديدتين مزعومتين له، العام الماضي.
انتظار إعلان رسمي
وبانتظار إعلان رسمي من المسؤولين الإسرائيليين الذين قد يحتاجون إلى التأكد من وصولهم إلى الضيف ومساعده؛ كون الهجوم تم فوق الأرض وليس في أنفاق.
أوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن التقديرات تشير إلى أن الضيف أُصيب بجروح، لكن ليست هناك تأكيدات حول مصيره بعد.
وكانت طائرات إسرائيلية هاجمت مجمعاً في منطقة المواصي قرب خان يونس، يبعد عن خيام النازحين نحو 200 متر،
وسوَّته بالأرض، في سلسلة ضربات هدفت إلى التأكد من مقتل كل مَن كان هناك، وكل مَن سيحاول الوصول إلى المكان.
وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إنه في عملية مشتركة للجيش وجهاز “الشاباك” استناداً
إلى “معلومات دقيقة لهيئة الاستخبارات العسكرية و(الشاباك)،
استهدف سلاح الجو والقيادة الجنوبية الهدفَيْن البارزَيْن في منظمة (حماس) داخل مجمع (تسترا).
وذلك مع عدد آخر من المخربين، مضيفاً أن “المجمع المستهدَف هو مفتوحة ووعرة تحتوي على عدد من المباني والسقائف”.
ثم قالت القناة “13” الإسرائيلية: “قوات الجيش نفذت هجمات غير عادية في خان يونس جنوب قطاع غزة”
وشملت هذه الهجمات ما لا يقل عن 5 قنابل ثقيلة تزن طناً للقضاء على الضيف وسلامة.
صحيفة “يديعوت أحرونوت”
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إنه تم إلقاء 5 قنابل ضخمة، بعضها خارق للحصون، فوق المكان الذي كان الضيف موجوداً فيه.
وقالت إذاعة الجيش إن 8 قنابل أُلقيت هناك نتيجة يقين استخباراتي بوجود الضيف في الموقع المستهدَف.
بينما كانت التقديرات تؤكد أن الضيف لن يبقى لفترة طويلة في المجمع، وكانت النافذة الزمنية قصيرة جداً.
وقال مسؤولون إسرائيليون كبار: “لقد حاولنا القضاء على الضيف فوق الأرض، وتحققت الفرصة”.
لكن الفلسطينيين، بمن في ذلك الرئاسة و”حماس” والمكتب الإعلامي في غزة، اتهموا إسرائيل بارتكاب مجزرة جديدة في منطقة المواصي.
إعلان وزارة الصحة في غزة
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن 71 فلسطينياً قُتلوا في الهجوم على منطقة المواصي، بينما أُصيب 289 آخرون.
وأظهرت فيديوهات دخاناً كثيفاً يتصاعد في الأفق، فيما كان يفر الفلسطينيون بشكل هستيري من المنطقة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: “إنها استكمال لحرب الإبادة الجماعية”
وحمّل الإدارة الأميركية مسؤولية ما جرى، اعتبرت حركة “حماس” اغتيال الضيف “ادعاءات كاذبة”.
وأدانت الحركة “مجزرة مواصي خان يونس المروعة”، وطالبت الفلسطينيين في كل مكان بتصعيد الهجوم على إسرائيل.
وردَّت إسرائيل، بتأكيد أن معظم القتلى هم من حراس أمن الضيف وسلامة ومسلحون حولهما، وأبلغت الولايات المتحدة بذلك.
ويبدو أن إسرائيل التقطت معلومة عن وصول الضيف إلى المكان قبل وقت قصير من الهجوم.
ويقدر مسؤول أمني كبير أن فرصةً تبلورت في الساعات القليلة قبل الهجوم فقط.
وقالت “القناة 12” الإسرائيلية إن الفرصة العملياتية للقضاء على الضيف جاءت خلال اليوم الأخير.
وأدَّت إلى مشاورات بين الجيش الإسرائيلي و”الشاباك”، وبمشاركة وزير الدفاع يوآف غالانت.
وقالت “القناة 13” إن الفرصة العملياتية التشغيلية التي ظهرت هذه المرة لم تظهر منذ أشهر.
معلومات الاستخبارات العسكرية
وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أتت معلومات عن مكان الضيف وسلامة من وحدة خاصة تابعة لهيئة الاستخبارات العسكرية (أمان) و”الشاباك”.
وقالت “القناة 14” الإسرائيلية إنه بعد منتصف الليل اتصل رئيس “الشاباك” والسكرتير العسكري برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأبلغاه بالوضع.
وطرح نتنياهو عدة أسئلة، مثل: هناك مختَطَفون إسرائيليون حول الضيف ونائبه، وعندما تم نفي المعلومة، أعطى الضوء الأخضر للتنفيذ.
إعلان مكتب رئيس الوزراء
ورغم أن نتنياهو لم يعلّق على الهجوم، لكنه لمح إلى دوره في هذا النجاح، باعتبار صادَق على تصفية قادة “حماس”.
وذكر مكتبه أن «رئيس الوزراء أصدر بالفعل توجيهاً بتصفية مسؤولي “حماس”، وتم اطلاعه على التطورات قبل الهجوم على المواصي وبعده.”
كما أعلن مكتبه أنه سيجري تقييماً للوضع مع جلسة ستضم جميع المسؤولين الأمنيين لمناقشة التطورات والخطوات المقبلة.
وقبل ذلك، كان غالانت أعلن أنه أجرى تقييماً للوضع العملياتي مع رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس “الشاباك” رونين بار.
والتقييمات التي ترأسها نتنياهو وغالانت متعلقة أيضاً بمستقبل الحرب.
وتم أخذ قرار استهداف الضيف رغم التقدم في مفاوضات وقف النار، ويعتقد الإسرائيليون أن هذا التقدم ساعدهم بطريقة أو بأخرى.
مصدر أمني
وقال مصدر أمني إن “الضيف ربما قرر الصعود فوق الأرض في ضوء المفاوضات المتقدمة للصفقة”.
وبحسب مراقبين إسرائيليين، من السابق لأوانه معرفة ما ستكون عليه العواقب على الصفقة، لو تم التأكد من اغتيال الضيف.
ويراهنون في إسرائيل على أن اغتيال نصف قيادة “حماس” في قطاع غزة قد يؤثر على عملية صنع القرار في المنظمة.
بالإضافة إلى أن ذلك قد يخلّف نوعاً من الضغوط الداخلية نحو صفقة قد تنهي الحرب.
تحليل رون بن يشاي
وكتب المحلل العسكري رون بن يشاي في “يديعوت أحرونوت” قائلاً:
“إذا تمت تصفية الضيف بالفعل فإن ذلك يمثل ضربة معنوية قاسية لـ”حماس” وسكان غزة بشكل عام.”
حيث إن الضيف شخصية رمزية يتجاوز معناها وظيفته في الواقع.
وأضاف: “يمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض كبير في مقاومة نشطاء “حماس” لقوات الجيش الإسرائيلي في غزة.”
وأكد أن ذلك سيكون له تأثير نفسي على يحيى السنوار، الذي كان ضيف شريكاً له منذ فترة طويلة.
مصادر إسرائيلية
وبحسب مصادر إسرائيلية، من المحتمل، حتى لو توقفت الاتصالات في المرحلة المباشرة، أن تزيد فرص الاتفاق على المدى الطويل.
وقالت “يديعوت أحرونوت” إن التقديرات تشير إلى أن هذا الاغتيال سيزيد الضغوط على “حماس” للموافقة على وقف إطلاق النار.
فيما ذكرت “القناة 12” أن التقديرات تشير إلى أن الهجوم سيعمل على خلق ضغط عسكري على “حماس”، بهدف عودة المختطفين.
ونقلت القناة عن مسؤولين قولهم إنه حتى لو أضرَّت التصفية تكتيكياً بالمفاوضات الجارية هذه الأيام للتوصل إلى اتفاق، فإنها على المدى الطويل مفيدة جداً من الناحية الاستراتيجية لهدف إعادة المختطفين.