توقيف رياض سلامة – أخبار لبنان
بعد أكثر من سنة من النزاعات القضائية والتهم باختلاس الأموال والإثراء غير المشروع وغيرها أمام المحاكم اللبنانية،
يبدو أن ملف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة القضائي قد يصل إلى نتائج في المدى المنظور
مع مستجد توقيفه في قصر العدل بعد استجوابه. وقد أوقف القضاء اللبناني سلامة،
بعد استجوابه بشأن قضية اختلاس أموال، وفق ما أفاد مصدر قضائي. وقال المصدر، من دون الكشف عن هويته،
“أوقف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، سلامة بعد استجوابه على مدى ثلاث ساعات حول شبهات اختلاس
توقيف رياض سلامة أمام القضاء
من مصرف لبنان تفوق أربعين مليون دولار”، علمًا أنها أول مرة يمثل فيها سلامة أمام القضاء منذ انتهاء ولايته في 31 تموز 2023.
من جهته، علق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على توقيف سلامة، وقائل:
“القضاء يقوم بواجبه وجميعنا تحت سقف القانون”.
وأضاف: ” توقيف رياض سلامة قرار قضائي ولن نتدخل فيه”.
الموقف نفسه كرّره وزير العدل هنري خوري، الذي اعتبر أن “القضاء قال كلمته، ونحن نحترم قرار القضاء”.
وأشار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بعد توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة
عبر منصة “إكس” إلى أنه “كنا في التيار الوطني الحر قد أعددنا شكوى حول ملف أوبتيموم لتقديمها إلى القضاء الفرنسي عبر أحد نوابنا
بعدما إنتظرنا طويلاً أن تتم المحاكمة عبر القضاء اللبناني بعدما تمّ سحب الملف من يدي القاضية عون”.
وأضاف: “ها هو مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار، يتجرّأ على المنظومة ويوقف رياض سلامة، حاكم لبنان المالي،
وسارق أموال اللبنانيين، ليعيد الأمل الى اللبنانيين بالمحاسبة ويعيد بعض الثقة الى القضاء اللبناني
الحقيقة تعلو والعدالة تنتصر
على آمل أن يمضي حتّى النهاية من دون التأثّر بالضغوط، ومن دون السماح بالألاعيب”.
وأردف: “هذه أمثولة لكل من قال لنا يومًا: وهل ما زلتم تأملون بتوقيف رياض سلامة؟ ألا زلتم ساذجون لتصدّقوا ذلك؟
نعم، ثقوا أن الحقيقة تعلو والعدالة تنتصر في النهاية. هذا طريق طويل لاحقاق نظام المحاسبة والعدالة،
لكن ننبّه من التراجع لأننا لن نسكت ولن نستسلم”.
ويواجه سلامة اتهامات في لبنان بارتكاب جرائم مالية تشمل غسل الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع،
وهي جميعها اتهامات ينفيها.
ويشكل سلامة منذ ثلاثة أعوام محور تحقيقات محلية وأوروبية تشتبه بأنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني،
وأساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع خلال توليه حاكمية مصرف لبنان، عدا عن تحويله الأموال الى حسابات
في الخارج و”الإثراء غير المشروع”.
وبناء على التحقيقات، أصدرت قاضية فرنسية في باريس والمدعية العامة في ميونيخ العام الماضي مذكرتي توقيف بحقه جرى تعميمهما
عبر الانتربول. وقرّر القضاء اللبناني بناء عليهما منعه من السفر وصادر جوازي سفره اللبناني والفرنسي.
إلا أن النيابة العامة في ميونيخ ألغت في حزيران مذكّرة التوقيف بحق سلامة،
مذكرة التوقيف الصادرة من فرنسا
لانه “لم يعد يشغل منصب حاكم مصرف لبنان المركزي وبالتالي لم يعد هناك أي خطر (…) بإتلاف أدلة”.
لكن القرار لا يعني أن التحقيق انتهى.
ورغم أن مذكرة التوقيف الصادرة من فرنسا التي يحمل سلامة جنسيتها لا تزال سارية، لكنها من دون طائل إذ لا يسلّم لبنان مواطنيه لمحاكمتهم في دولة أجنبية.
وفرضت الولايات المتحدة إلى جانب كندا والمملكة المتحدة، عقوبات اقتصادية على سلامة وعلى أفراد عائلته لشبهات فساد،
بما في ذلك تجميد أصولهم في البلدان الثلاثة.
ولطالما نفى سلامة التهم الموجهة إليه، متحدثًا عن “بيانات مزورة” وخلفيات “سياسية”.
ورغم التحقيقات التي طالته، أصرّ على البقاء في منصبه حتى انهاء ولايته، مستفيداً من حماية سياسية وفّرتها له قوى رئيسية في البلاد.
ويُعد عهد سلامة (74 عامًا) الذي شغل منصب حاكم مصرف لبنان منذ 1993 حتى 2023 من الأطول في العالم لحكام المصارف المركزية.
وكان سلامة مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990).
لكن على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي يشهده لبنان منذ 2019، بات يُحمّل مع أركان الطبقة الحاكمة مسؤولية الفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة.
إذن، أعطى مدعي عام التمييز اشارة بتوقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة
على ذمة التحقيق بشبهة سرقة اموال مصرفية في ملف اوبتيموم، بعدما مثل أمام الحجّار في قصر العدل
من دون أيّ مرافقة تُذكر.
توقيف رياض سلامة حاكم مصرف لبنان
ويعود ملفّ “أوبتيموم” إلى فترة ما بين 2015 و2018، حين باع مصرف لبنان شركة “أوبتيموم” سندات دين عام،
ثم قام بشرائها في اللحظة نفسها بأسعار أعلى. وقد نتج عن هذه العمليّات أرباح بقيمة 8 مليار دولار،
لم تتّضح هويّة المستفيدين منها بعد.
وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة أوبتيموم إنفست اللبنانية، رين عبود، إن الشركة لم تستدعَ إلى الجلسة
في ما يتعلق بتعاملاتها مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة الذي جرى توقيفه
بعد جلسة المحكمة لجرائم مالية مرتبطة بالشركة.
ونقلت رويترز عن عبود قولها إن “الشركة سمعت بتوقيف سلامة من وسائل الإعلام وإنها أجرت تدقيقا ماليا
في وقت سابق هذا العام لتعاملاتها مع مصرف لبنان المركزي ولم تجد أي دليل على ارتكاب الشركة أي مخالفات”.
الأوضاع الداخلية
من يراقب الخط البياني للمواقف اللبنانية الرسمية خلال اليومين الأخيرين، لا يجد صعوبة في رصد حجم الانقسام الداخلي
الذي ما زال مسيطرا على الساحة السياسية، لا سيما بعد سلسلة خطابات
ملأت نهاية الاسبوع بارتداداتها ابرزها لرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع
ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وما استتبعها من ردات فعل ومواقف
اهل الدين والاعلام
بين السياسيين انفسهم وبعض رجال الدين وبين الجيوش الالكترونية، ما بدا انعكاساً
واضحاً لارتباك الثنائي الشيعي عموما و”حزب الله” نفسه، اذ عوض ملاقاة خطاب التهدئة في منتصف الطريق فتح النار على ألسنة
من يمثلونه من اهل الدين والاعلام . وليس الامر مستغرباً ما دام خياره الإبقاء على حالة “اللاقرار”
في انتظار تبلور طبيعة المرحلة وشكل “اليوم التالي” مع انتهاء حرب غزة التي لا تبدو وشيكة
في ضوء استمرار تصلب بنيامين نتنياهو خلف جدران شروطه المتناسلة وبروز مؤشرات الى اصطفافات دولية غير مريحة جديدها
ما كشفت عنه صحيفة “الوطن” السورية نقلا عن مصدر دبلوماسي عربي عن ان موسكو أنجزت جدول أعمال لقاء روسي- إيراني- تركي -سوري متوقع عقده نهاية الشهر الجاري، علما ان روسيا تدفع قدما في اتجاه عقد لقاء قمة بين الرئيسين السوري والتركي.
وفي الجديد اللبناني ايضاً تطور مهم في قرار لوزير الدفاع موريس سليم، عبر أصدار هيئة القضايا في مجلس شورى الدولة امراً بوقف تنفيذ قرار وزير الدفاع موريس سليم القاضي بالتمديد للواءين بيار صعب ومحمد المصطفى الذي ارتكز على القانون الصادر عن مجلس النواب بالتمديد لمن هم برتبة عماد ولواء من قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية.
للالتزام بالدستور
لبنان في مهب الاستعطاء
وفي انتظار اللقاءات الفرنسية – السعودية في الرياض في قابل الايام والتي ستعرض للملف الرئاسي اللبناني، حضر الاستحقاق في سلسلة مواقف محلية، حيث أكدّ عضو كتلة الكتائب النائب الياس حنكش “عودة الحركة الدولية المعنية برئاسة الجمهورية لاستكمال عمل اللجنة الخماسية”، مشيرًا الى أن “الأجواء جاهزة لإنتخاب رئيس ولكن علينا الإلتزام بالدستور والدعوة لجلسة انتخاب بأسرع وقت ممكن”
حزب الكتائب من جانبه أصدر بياناً بشأن الأوضاع الداخلية، قال فيه: انه “بعد مرور أحد عشر شهرًا على قرار “حزب الله” زج لبنان في حرب الإسناد التي أسفرت عن تسوية قرى جنوبية بالأرض وإحراق المحاصيل وتسميم التربة بالفوسفور لسنوات مقبلة وإزهاق أرواح أكثر من خمسمئة شخص، بات من حق اللبنانيين المشروع السؤال عن مغزى هذه الحرب التي ضربت ما تبقى من اقتصاد، وقضت على الموسم السياحي ،وتركت لبنان في مهب الاستعطاء لتأمين مساعدات إنسانية وطبية لحرب منتظرة”.
ولفت الكتائب بعد اجتماعه برئاسة رئيسه النائب سامي الجمّيل، “إن هذا الأداء المتعثر يثبت مرة جديدة أن القرارات التي يتخذها “حزب الله” تراعي المطالب الإيرانية التي اختارت أن تنأى بنفسها عن الرد حتى الساعة، تلبية لمصالحها بالتفاوض مع من تقول إنهم أعداؤها لتكون لاعبًا رئيسيًا في المنطقة وتحتكر الدفاع عن القضية الفلسطينية طمعًا بورقة ضغط جديدة”.
عودة الدعوات إلى الحوار
وتابع: “إن حملات التخوين المستمرة بلا رادع ضد كل من يقف في وجه الحرب العبثية التي تخاض في الجنوب وبوجه كل القرارات الأحادية التي يتخذها “حزب الله” وإسباغ الصفة الطائفية عليها، تزيد من الشرخ بين اللبنانيين ومن العصبيات القاتلة وتؤجج النزعات التقسيمية”، معربا عن رفضه “لهذا النهج المدمر الذي يدين أصحابه قبل غيرهم ويؤكد مواجهته بكل ما أوتي من وسائل مع كل اللبنانيين الأحرار من كل الطوائف والمناطق والانتماءات”.
ورأى المكتب السياسي ان “الكلام القديم الجديد عن الملف الرئاسي وعودة الدعوات إلى الحوار أو التشاور ومن يرأسه أو يديره وهو كلام يطفو الى السطح لإلهاء الرأي العام، في حين أن الرئاسة مخطوفة مع البلد والقرار من قبل “حزب الله”، ولن يفرج عن هذا الملف إلا بعد الانتهاء من مخططاته الحربية والسياسية والتفاوضية على صعيد المنطقة ولبنان”.
وحذر حزب الكتائب من “عملية الإلهاء الجارية”، داعيا “في حال صدقت النيات، إلى ملاقاة المعارضة في منتصف الطريق أقله في سحب مرشح التحدي المنتمي إلى طرف، ليصار بعدها إلى مناقشة الآليات التي يمكن اتباعها تحت سقف الدستور للوصول إلى مرشح جامع تلتقي عليه كل الأطراف”.
واشار المكتب السياسي الى انه “على أبواب بدء العام الدراسي تجد معظم العائلات اللبنانية نفسها عاجزة عن إلحاق أولادها بالمدارس ليتلقوا التعليم، الركن الأساسي للبنانيين والذي تلقى ضربات قاتلة نتيجة الانهيار الذي لحق بالبلد لأسباب باتت غير خافية على أحد”، مناشدًا “إدارات المدارس والقيّمين على القطاع التدريسي في لبنان أن يساهموا كما تعودوا في الحفاظ على إرث لبنان الأكاديمي العريق وأن يكونوا الجهة الأكثر فاعلية في إنشاء جيل من الشباب محصنًا بالعلم والمعرفة ويعود له بناء لبنان المستقبل”.
دعوة للتسوية
المساعي الدولية لمساعدة لبنان
من جهته، لفت عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبدالله إلى أنّ “المساعي الدولية لمساعدة لبنان مشكورة، لكن المهم أن يقتنع اللبنانيون بمساعدة أنفسهم والاتجاه جميعا نحو التسوية”.
ورأى أن «”لمواقف التي برزت أخيرًا لا تعطي أملًا بأن التسوية قريبة لأن التشاور المطلوب لانتخاب رئيس لم يشقّ طريقه حتى الآن”.
الانتخاب ضروري
ايضا، توجّه بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الاورثوذكس يوحنا العاشر يازجي برسالة الى اللبنانيّين قال فيها: “إثبتوا ولا تخافوا رغم قساوة الظروف وصعوبة الأيّام، ولبنان غالٍ على قلوبنا وعلينا أن نُحافظ عليه ونتشبّث بأرضنا وبيوتنا”.
أضافً: “نكرّر الدعوة إلى جميع السياسيّين والمعنيّين والمسؤولين لضرورة انتظام عمل الهيئات الدستوريّة وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، وللتعالي عن المصالح الشخصية والنظر إلى مصلحة اللبنانيّين”، مشددا على أنه “من الضروري جدًّا انتخاب رئيس لأنّ هذا الفراغ ليس من مصلحة أحد، وندعو ألا تتوسّع دائرة الحرب لتشمل مناطق أخرى”.
كلام يازجي جاء خلال زيارته متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، حيث التقاه في حضور كهنة الأبرشية.
وقف قرار سليم
وقف تنفيذ قرار وزير الدفاع
على خط آخر، وفي تطور قضائي – عسكري، أصدرت هيئة القضايا في مجلس شورى الدولة قرارها بوقف تنفيذ قرار وزير الدفاع موريس سليم القاضي بالتمديد للواءين بيار صعب ومحمد المصطفى الذي ارتكز على القانون الصادر عن مجلس النواب بالتمديد لمن هم برتبة عماد ولواء من قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية. وكان المجلس أصدر قراره الثلاثاء بوقف تنفيذ التمديد للواء صعب، بناءً على مراجعة تقدّم بها العميد إدغار لوندوس أمام المجلس. وقبِل مجلس شورى الدولة طلب التدخل الذي تقدّم به اللواء صعب، كونه صاحب صفة بالملف.
الأوضاع في الجنوب
في الجنوب، أغار الطيران الحربي الإسرائيلي على بلدة مركبا، فيما صدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن أن “غارة العدو الإسرائيلي على بلدة مركبا أدت إلى إصابة شخصين بجروح”.
كما تعرضت بلدة الخيام فجرا لقصف مدفعي عنيف.
وأغار الطيران الحربي الاسرائيلي على أطراف بلدتي زبقين وياطر والاودية المجاورة وعلى محيط بلدة طيرحرفا في قضاء صور.
وألقى الجيش الاسرائيلي القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الازرق، كما استمر تحليق الطيران الاستطلاعي والمسّير فوق منطقة صور والساحل البحري، وصولا الى مشارف نهر الليطاني.