رياض سلامة – كلمة مدير التحرير
كلمة مدير التحرير
هناك جملة من المفاهيم المغلوطة التي انتشرت بعد توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وأهمّها اثنان:
– هرولة البعض ليقولوا إنّ جهودهم وكفاحهم ومساعيهم هي التي أوقعت برياض سلامة.
– والاعتقاد أنّ رياض سلامة هو كلّ المنظومة الفاسدة التي أجهزت على الوطن، فتركته جلْداً وعظْماً.
وهذان المفهومان لا يمكن أن يستقيما إلاّ عند البسطاء الذين يسيرون على “العمياني”، ويصدّقون كلّ شيء.
فالإيقاع برياض سلامة، بدأ مع ثورة تشرين الأول 2019، عندما طالب الثوار بمحاسبة “كلّن يعني كلّن”، وسلامة واحد من “كلّن”.
وبعد ذلك طالبت أحزاب ومكوّنات وأفراد ومستقلّون، ونوّاب التغيير بمحاسبة شاملة، ليس فيها استثناءات.
وما ذكره النائب الياس جرادة عن أنه “هو الشخص الوحيد ذو صفة رسمية ويملك تمثيلًا شعبيًا قد ادّعى على سلامة،
إضافة إلى محامي “الشعب يريد إسقاط النظام”، فنحن الوحيدون مَن تقدّمنا بهذه الدعوى”.
واعتبر أن توقيف سلامة “هو من تداعيات الدعوى التي تقدّمنا بها، ومَن قال إنه لا يمكننا القيام بأي شيء،
ها هي النتيجة أمام أعينهم اليوم”. وكلام جراده لا يقوله بالسرّ، بل هو موثّق وبالعلن،
وإذا كان هناك من يقول إنه وراء توقيف سلامة، فليتناقش مع جراده أوّلاً، ومع النواب التغييريين،
ومع المعارضة، أو ليطلب منهم الاعتذار لانتحالهم صفة، وسحب مزاعمهم.
النقطة الثانية هي الاعتقاد بأنّ سلامة يختصر المنظومة كلّها، وكأنّه كبش فداء، من أجل خلاص الآخرين.
وهذا أيضاً لا يستقيم في ميزان العدل، فليس من لبناني واحد “يقبض” أنّ المنظومة الحاكمة كلّها ليست متورطة في صفقات.
وقد يكون هناك القليل فقط من السياسيين الذين أكلوا خبزهم بعرق جبينهم، لكن نحن لسنا مع أولئك الثائرين الذين صرخوا “ثورة… ثورة” ، وأخبرونا “بعضمة لسانهم” أنّ فلاناً سارق، وفلانة أصبحت من أصحاب المليارات، وبين ليلة وضحاها، عاد هؤلاء إلى بيت الطاعة، واعتبروا أن ما صدر عنهم زلّة لسان. ولسنا أيضاً مع منطق القاضية غادة عون التي تنظر إلى فئة واحدة، والفئة الأخرى تعتبرها من القدّيسين. ففي حالة النهب المنظّم، وتحويل بلاد بأكملها إلى أشلاء، يكون الكلّ مداناً حتى تثبت براءته، وليس العكس كما في أفلام الكاوبوي، فليس رياض سلامة وحده، ولا شركة مكتّف وحدها هما المرتكبان. وعلى القاضي التدقيق في كل شارد وواردة، وفي كل شبهة، وفي كلّ إشارة من الخارج أو من الداخل، باعتبارها إخباراً يجدر التحقيق فيه، وإلاّ تحوّل القاضي إلى شاهد بالزور. وطالما أنّ العدالة تنظر بعين واحدة، فهي قمّة اللاعدالة.
ج.د.