لليوم الثالث على التوالي، تختبر العدوانية الاسرائيلية ضد لبنان وشعبه، في اطار الحرب الدائرة مع حزب الله، قدرتها على التدمير، وعلى المسح الجغرافي بضرب القرى والبلدات والمدن على نحو ممنهج، بحيث لا تنسى حياً او وادياً او طريقاً او مستشفى دون توجيه غارة اليه او قصف مدفعي، مما ادى الى سقوط ما لا يقل عن 560 شهيداً، وما لا يقل عن الفي جريح، مع تدمير غير مسبوق، ادى الى نزوح غالبية سكان الجنوب، من جنوب الليطاني الى شماله، ومن صور وبلداتها الى النبطية وقراها، وصولاً الى البقاع، امتداداً الى سوريا.
وللمرة الخامسة على التوالي، استهدفت طائرة من نوع إف 35 اسرائيلية منطقة الغبيري في ضاحية بيروت الجنوبية، واعلنت عن استهداف قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله ابراهيم قبيسي.
وتدل التقارير الواردة من اسرائيل ان الكابينت ورجال الامن والاقتصاد يعتقدون ان اسرائيل دخلت في مأزق الحرب مع لبنان، وحزب لله وأخذت تكتشف القدرة الصاروخية للحزب وإمكانية استهداف المنشآت البحرية، وان الحزب لم يستخدم سوى بعض من قدراته،
وصواريخه التي تتجاوز الـ100 الف صاروخ، وبالتالي فإن استمرار الحرب لاكثر من اسبوع ونصف، يعني الحاجة الى ميزانية جديدة هذا العام.
المفاوضات
وعلى صعيد المفاوضات للعودة الى الهدنة او قواعد الاشتباك، ذكرت معلومات أن واشنطن تدير مفاوضات بشأن التطورات الأمنية بين لبنان وإسرائيل على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وذكر سفير اسرائيل لدى الامم المتحدة داني دانون ان اسرائيل لا ترغب في اجتياح لبنان بعد تنفيذ غارات كثيفة دامية فيه.
وقال: خضنا تجربة في لبنان في الماضي، لسنا راغبين في بدء اي اجتياح بري في اي مكان، ونفضل الحل الدبلوماسي.
وفي السياق، أوضحت مصادر سياسية أن زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت وجولة اللقاءات التي عقدها مع عدد من المسؤولين لم تحمل معها مبادرة لإنهاء الحرب الدائرة ضد لبنان. وقالت انه نقل هواجس بلاده من تأزم الأوضاع وإطالة امد الحرب، مبدياً إستعداد بلاده للدخول على خط الحراك الديبلوماسي، على أنه ينقل ما سمعه إلى الإدارة الفرنسية، مذكرا بأهمية القرارات الدولية.
ورأت هذه المصادر أن مهمة لودريان في الملف الرئاسي متواصلة إنما الظروف غير مهيأة إذ أن انشغال أحد الأفرقاء بهذا الملف يؤدي إلى صعوبة تحريكه، وأعلنت أن هناك جولات مقبلة للودريان في بيروت.
الموقف الاسرائيلي
ولم تتوقف تصريحات اعضاء الكابينت الحربي الإسرائيلي، حول ما يجري.
واعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو: “سنواصل ضرب حزب الله، وأي مكان فيه صواريخ للحزب لن يكون آمناً”.
واعلن وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت ان اسرائيل ستواصل قصف اهداف تابعة لحزب الله، وستشن المزيد من الضربات. واضاف: حزب الله عانى من سلسلة من الضربات لقيادته وسيطرته ومقاتليه ووسائل القتال لديه.
ونقل عن مصادر امنية اسرائيلية ان الهدف من العمليات الاسرائيلية هو فصل القتال في لبنان عن القتال في غزة.
وذكرت القناة 13 الاسرائيلية ان قادة بجيش الاحتلال ابلغوا الكابينت ان وقف اطلاق النار بغزة سيحول الانجازات بلبنان لمكسب استراتيجي.
وقال متحدث عسكري اسرائيلي: نسعي لان تكون الحملة ضد حزب الله قصيرة قدر الامكان، ولكننا مستعدون لأن تطول.
جبهة المقاومة
على جبهة المقاومة، وجهت ضربات صاروخية غير مسبوقة منذ طوفان الاقصى، الى المستعمرات والمستوطنات الى حيفا وصفد وعكا وصولاً الى ضاحية تل ابيب الشرقية. كما اعلنت المقاومة الاسلامية عن هجوم جوي بسرب من المسيَّرات الانقضاضية على مقر وحدة المهام البحرية الخاصة “الشييطت 13” في قاعدة عتليت واستهداف اماكن تموضع ضباطها وجنودها.
وحسب المقاومة استهدفت الضربات الصاروخية مصنع مواد متفجرة في منطقة زخرون وقواعد عاموس ونفتالي ورامات ديفيد، ومعسكر إلياكيم ومطار مجبدو العسكري غرب العفولة، فضلاً عن مستعمرات الجليل، خاصة كريات شمونة.
ميقاتي إلى نيويورك
وعلى صعيد التحركات، توجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى نيويورك لاجراء المزيد من الاتصالات، وبالتالي تم الغاء جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة عند الحادية عشرة قبل ظهر الثلاثاء. وعقد ميقاتي سلسلة اجتماعات لبحث الاوضاع الراهنة والجهود الحكومية لمعالجة التداعيات الانسانية الناتجة عن العدوان الاسرائيلي على لبنان.
وكان ميقاتي استقبل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، بحضور السفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو ومستشار رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس.
وفي خلال اللقاء جدد لودريان التأكيد أن فرنسا تدعم لبنان وتقف الى جانبه في كل الظروف.واعتبر ان توجّه رئيس الحكومة الى نيويورك في هذا الظرف الدقيق مسألة مهمة جدامتمنياً ان تفضي الاتصالات الديبلوماسية الى حل يوقف دورة العنف.
وعن الملف الرئاسي اللبناني قال لودريان انه سيقوم بجهود لتقريب وجهات النظر بين الافرقاء اللبنانيين للوصول الى تفاهم يفضي الى انتخاب رئيس جديد.
ثم التقى لودريان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في حضور السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماغرو، حيث جرى عرض لتطورات الاوضاع السياسية والميدانية في لبنان والمنطقة.
وأكد الموفد الفرنسي «وقوف فرنسا الى جانب لبنان بوجه العدوان الصهيوني على لبنان. وشدد خلال اللقاء على أهمية الدفع بجهود دولية لطرح أفكار تحد من خطورة الاعتداءات الصهيونية.وحث الرئيس َبري لاداء ِدور ٍفاعل ٍللضغط ِعلى اسرائيل َمن أجل ِوقف ِعدوانها قبل تفلت ِالأمور. وابدى بري مرونة ًوتسهيلاً في الملف ِالرئاسي الذي يوليه لودريان اهتماماً خاصاً في جولته، من أجل تأمين جلسة نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية.
ثم التقى لودريان ومعه السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، في حارة حريك. واجتمع الموفد الفرنسي برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في الخامسة من بعد الظهر في معراب.
والتقى لودريان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في السابعة مساء أمس، في المقر العام للتيار في ميرنا الشالوحي. وكان مقرراً أن يجتمع المبعوث الفرنسي مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط.
تداعيات الحرب والإيواء
وكان المشهد الصادم على الطرقات في لبنان، والتي شهدت ازدحاماً كثيفاً من الجنوب باتجاه بيروت، ومن البقاع باتجاه سوريا. كما امتد النزوح الى البلدات الشمالية من زغرتا وطرابلس الى عكار.
وحسب الاحصاءات الرسمية بلغ عدد النازحين 27347 نازحاً، استحدث لهم 280 مركز ايواء، وبلغ مجموع العائلات التي طلبت المساعدة 2346 عائلة وتوزعت على 21 مدرسة في بيروت و75 مدرسة في جبل لبنان، و26 مدرسة في الجنوب و26 مدرسة في البقاع، و15 مدرسة في الشمال و15 مدرسة في بعلبك – الهرمل و10 مدارس عكار.
اعتقال جواسيس
فيما كانت إسرائيل تعلن عن عملية اغتيال في منطقة الغبيري بالضاحية الجنوبية استهدفت رئيس المنظومة الصاروخية في حزب الله ابراهيم قبيسي (أبو جواد) مع مساعدين له، وهي الغارة التي ادت الى استشهاد ستة اشخاص واصابة 15 بجروح، علم من مصادر أمنية
أن حزب الله أوقف منذ السابع من تشرين الأول الماضي حوالي ٤٠٠ مشتبه به بالعمالة معظمهم من داخل التنظيم.
وشن الحزب بعد تفجير أجهزة “البيجرز” حملة اعتقالات واسعة داخل صفوفه في المكاتب وعلى الجبهات، حيث تجاوز عدد الـمعتقلين١٣٠ مشتبهاً به، بعضهم في موقع المسؤولية وآخرون من المقربين لدائرة زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله، كما باشر الحزب بتحقيقات مكثفة معهم، وتفريغ داتا هواتفهم بعد مصادرتها كما تم تفتيش منازلهم.
وأكدت أن “الحزب شدد الرقابة الأمنية التي وضعها بعد اغتيال القيادي فؤاد شكر، على مسؤول أمني كبير ومسؤول لجنة أمنية، خصوصا بعد صفقة وتفجير اجهزة البيجر والأجهزة اللاسلكية”.
وكشفت المصادر أيضاً أن “جهاز التحقيق في الحزب توصل إلى تورط أسماء كبيرة في تعاملها مع اسرائيل، ولم يتم الكشف عنها في الوقت الراهن نظرا لحساسية مواقعها، ولأنها ستحدث صدمة داخل التنظيم والبيئة، لذلك لن يتم الإعلان عن نتائج التحقيقات واسماء المتورطين الكبار قبل انتهاء الحرب”. إلا أنها توقعت أن يبدأ الحزب بتمرير بعض الأسماء في الاعلام، ووسائل التواصل بشكل تدريجي، “كي لا تشكل صدمة سلبية عند الاعلان عنها”.
ولفتت الى أن “التحقيقات الأولية توصلت إلى وجود شبكات من العملاء داخل التنظيم، وفي مواقع حساسة، لها علاقة بشبكة الاتصالات واقسام التكنولوجيا، وقد يحتاج تفكيكها إلى وقت نظرا لتعقيداتها وتمددها”.
ونقلت “تخوف الحزب من إمكانية أن تكون داتا المعلومات السرية قد أصبحت مع العدو، لذلك فالحزب قام في الآونة باخلاء الشقق السكنية في الضاحية التي كان يتخذها كمراكز عسكرية له، كما طلب من العناصر الاداريين عدم الالتحاق بأعمالهم في المراكز”.
كما كشفت أن “نصر الله يخضع لإجراءات أمنية وإحترازية مشددة للغاية، لدرجة ان خطابه الأخير لم يكن يبث مباشرة، وإنما تم تسجيله قبل وقت قصير، خوفا من أن تكون اسرائيل قد توصلت إلى خرق، يتم الوصول إليه واغتياله”.