رسمياً، تنعقد الجلسة النيابية عند الحادية عشرة من قبل ظهراليوم لانتخاب رئيس للجمهورية، وسط ضغوطات دولية وعربية لانجاز الانتخاب، مع ميل لا يخفى عن الحاجة لانتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي يتشكل حلف واضح للحؤول دون وصوله مؤلف من الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، وبعض النواب المتأرجحين.
فيما يرفع اسهم مرشحين آخرين ابرزهم الوزير السابق جهاد ازعور واللواء الياس البيسري، والمصرفي سمير عساف المفضّل فرنسياً.
المشهد قبل الجلسة، حركة لا تتوقف، لترتيب الاوراق والمخططات على درجاتها، وسط اشتباك ارادات، لا تقف عند تعديل الدستور، او اعتبار الاصوات التي ستصب لمصلحة قائد الجيش ساقطة والموقف من هذا الخيار، فضلاً عن خارطة توزُّع الاصوات، وتجنب المشادات، ووسط مخاوف من “استهداف ما” للاطاحة بالجلسة، التي سيشارك فيها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، وسفراء اللجنة الخماسية والسفراء العرب والاجانب.
وقد استكملت الاجراءات الامنية واللوجستية لعقد الجلسة وانجاحها.
وقالت مصادر سياسية مطلعة إن الساعات الفاصلة عن جلسة التاسع من كانون الثاني، مقبلة على سيل من الإتصالات بهدف ترتيب موقف الكتل النيابية بشأن نهائي في ما خص التصويت، مع العلم أن بعضها تمسك بثابتة عدم تعديل الدستور لمصلحة أية شخصية. ورأت المصادر أن هناك عملية خلط أوراق مرتقبة ووقائع قد تقلب أية معطيات برزت مؤخرًا على الساحة الرئاسية ما قد تجعل أسماء محددة متقدمة على ما عداها، كما ان هناك محاولات تجري لإقناع نواب بالسير بأحد الأسماء في حين تبقى معادلة وصول رئيس يحظى بارتياح محلي وعربي ودولي متحكمة بالمشهد.
وأوضحت أن النواب بدأوا باحتساب البوانتاج ويترقبون إعلان الترشيحات لاستكمال رسم النتائج، مشيرة إلى أن الجميع يدرك أن هذه الجلسة مصيرية وإنجاز الاستحقاق هو تحد بحد ذاته، داعية إلى انتظار التطور كل دقيقة بدقيقتها وصولا إلى اللحظة الموعودة. وعلم ان دوائر المجلس النيابي وجهت الدعوات الى جميع سفراء الدول المعتمدين في لبنان لحضور الجلسة، اضافة الى حضور الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، ولكن لم يُعرف ما اذا كان الموفد الاميركي آموس هوكشتاين سيحضرها ام لا.
وقد وصل لودريان الى بيروت بالفعل.
وبدا واضحاً ان جبهة معارضة وصول العماد عون تتكون من الثنائي (30 نائباً) والتيار الوطني الحر (13 نائباً) وعزا النائب جبران باسيل ذلك لاسباب دستورية، فالدستور لا يتعدل تلقائياً بحصول المرشح 86 نائباً. واعتبر باسيل ان التوافق الداخلي هو الذي يأتي بالتأييد الخارجي. واعتبر ان المجتمع الدولي ليس بامكانه فرض رئيس على اللبنانيين.
كما اعتبر ان طرح الوزير السابق جهاد ازعور ليس مرشحاً للتحدي، للثنائي الشيعي. وتمنى ان يوافق الثنائي على ترشيحه.
واكد انه ليس وارداً ان يفرض مرشح لا يوافق عليه “الثنائي الشيعي”.
كما أشار الى ترشيح اللواء البيسري.
لكن حزب الكتائب قرر في اجتماع مكتبه السياسي وفيه بالاجماع دعم ترشيح العماد جوزاف عون للرئاسة.
وعشية جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في تصريح النواب الى “القيام بواجبهم الدستوري بانتخاب رئيس للجمهورية، وحثهم على “التوافق في ما بينهم لانتخاب رئيس ينقذ لبنان من التخبط الذي يعيشه كي لا يغرق الوطن في مزيد من الفوضى”.
لقاء 22 نائباً
وتناول لقاء حصل في دارة النائب فؤاد مخزومي صباح الثلاثاء، والذي ضم المبعوث الأميركي ونواباً من كتل نيابية مختلفة ومستقلين بلغ عددهم 22 نائباً، ملف وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي وموضوع الرئاسة والاصلاحات. وعلم من مصادر المجتمعين ان هوكشتاين ابلغ النواب أن الادارة الأميركية مصممة على استتباب الأمن في جنوب لبنان. كما شدد على أن هذا مطلب ادارة الرئيس دونالد ترامب أيضا التي تتسلم السلطة في 20 من الشهر الجاري. فيما كشفت المعلومات أن الموفد الأميركي أكد على مسمع النواب أن “لا عودة الى الوراء”.
وكد الموفد الاميركي انه لن تحصل انتهاكات، وستنسحب اسرائيل من كامل الاراضي اللبنانية بنهاية مهلة الستين يوماً لتنفيذ الاتفاق.
وحسب النواب: لم يُخفِ حجم الصعوبات التي ترافق تطبيق الاتفاق على الأرض مشيراً الى “حجم ما عثر عليه الجيش الاسرائيلي وما دمره من مستودعات اسلحة ومنصات لاطلاق الصواريخ وانفاق وبنى عسكرية تعود لحزب الله”. وقال: “إن قيمتها تساوي المئات من ملايين الدولارات وكان ومن الافضل للحزب لو سلم كل هذه الأسلحة للجيش اللبناني ولم يخض الحرب. كذلك كان من الأجدى أيضاً لو أنفقت كل هذه الاموال في مشاريع انمائية لاستفاد منها كل الشعب اللبناني بدل هدرها بهذه الطريقة. وكلها ستزول”.
وسأله احد نواب المعارضة الذي اعلن دعمه لإنتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون عن الموقف من ترشيحه، فرد قائلاً: “إنه رجل موثوق من قبلنا وقد تعاونا معه وهو رجل مؤسسات لكنه ليس المرشح الوحيد.”
وشدد هوكشتاين، خلال اللقاء على ضرورة التزام لبنان وضمناً أي رئيس قادم بإتفاق الطائف والاتفاقيات والاصلاحات الضرورية. وقال: “إننا أمام فرصة ذهبية”، مسمياً قائد الجيش.
وحسب معلومات من النواب، فإن هناك صعوبة كبيرة بإنتخاب العماد عون لأن لا الثنائي المسيحي يحبذ انتخابه ولا الثنائي الشيعي ولا كتل اخرى ونواب من المستقلين والتغييريين. لكن حتى يوم الثلاثاء، لم يطرح لا الجانب الاميركي ولا السعودي اي اسم للرئاسة،بيد أنه كان هناك تطابق في الموقفين بأن يكون الرئيس اصلاحياً ومقبولاً من اغلبية الكتل وملتزما بإتفاق الطائف، بينما يطرح الجانب القطري اسم اللواء الياس البيسري.
وكان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع استقبل وعقيلته النائب ستريدا جعجع، في دارتهما في معراب مساء امس الاول، المبعوث الأميركي هوكشتاين، ترافقه السفيرة الأميركية ليزا جونسون. وتم التداول في آخر مستجدات وقف اطلاق النار في الجنوب وضرورة انحساب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، على أن يلتقي جعجع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، في معراب.
جنبلاط: أصداء إيجابية
من جانبه، جدّد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أنَّ “قائد الجيش لا يزال مرشحنا والقرار اتخذ من قبل اللقاء الديمقراطي ورئيسه، وتلقينا أصداء إيجابية من القوى الخارجية”، مشيراً إلى أنَّ اللجنة الخماسية هي إحد الناخبين الأساسيين.
وقال جنبلاط: “إنَّ لبنان يتطلب إصلاحاً ويجب أن نذهب لانتخاب رئيس، فالبلد لا يحمل تأجيلاً”، لافتاً إلى أنَّ لا مرشح مكتمل الصفات وتأجيل الانتخابات الى ما بعد تسلّم الرئيس دونالد ترامب قد يكون خطأ كبيراً.
بالتزامن، أطلق جنبلاط سلسلة مواقف حول مستقبل البلد، وقال: “إنَّ حزب الله لم ينهزم وأنا احترم الشهداء، كما يجب أن نقبل بالواقع الجديد ونضع “لبنان أولًا” كما طرح سعد الحريري. و14 آذار كتكوين سياسي انتهى او انا خرجت منه في الـ2008.
وعلّق على كلام أمين عام حزب لله الشيخ نعيم قاسم بالقول: “فليسمح لي، لا يوجد شيء إسمه جنوب الليطاني وشمال الليطاني في اتفاق وقف النار”، متوجهاً الى إيران وحزب الله بالقول: “بيكفّي حروب وتهجير”.
انسحابات اسرائيلية
على الارض، بدأ الانسحاب الاسرائيلي من القطاع الغربي: الناقورة، وعلما الشعب وطير حرفا، وبيت ليف، وحسب بيان قيادة الجيش فإن الجيش بدأ بنشر وحداته بالانتشار والتمركز هناك واجراء المسوحات لازالة الذخائر غير المنفجرة والالغام، قبل السماح بعودة الاهالي الى قراهم. وفي المقابل، نفذ جيش الاحتلال الاسرائيلي قبل انسحابه، 3 تفجيرات في خراج بلدتي رامية والقوزح، وتفجيرين داخل بلدة عيتا الشعب، وتفجيرات بين عيترون وبليدا وفي حولا. وبدت واضحة في الناقورة عملية التجريف لطريق عام البلدة التي جرفها العدو الاسرائيلي قبل انسحابه الثلاثاء، وأقام ساترا ترابيا في وسط الطريق وقطعها، وبدا حجم الدمار والأضرار التي لحقت بالبلدة. ودخل الصيادون لأول مرة الى مرفأ الناقورة بعد الحرب برفقة الجيش اللبناني وتفقدوا مراكبهم مع رئيس البلدية عباس عواضة، وشوهدت بعض المراكب غارقة في حرم الميناء نتيجة تلاطمها بالرصيف وتضرر بعضها.
95 مليون دولار مساعدات أميركية عسكرية للبنان
في واشنطن، حولت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية التي كانت مخصصة لمصر، إلى لبنان. وجاء في إخطار وزارة الخارجية للكونغرس بشأن التحويل المخطط له أن القوات المسلحة اللبنانية “شريكة رئيسية” في دعم اتفاق 27 تشرين الثاني 2024 بين لبنان وإسرائيل لوقف الأعمال القتالية ومنع حزب ألله من تهديد إسرائيل.