نواف سلام يمدّ يده إلى “الثنائي” للمشاركة في الحكومة من أجل الإعمار والإصلاح

أشتباك في بلدة “المصريّة” الحدودية… ولبنان يُفرج عن عناصر من الفرقة الرابعة

بدَّد الرئيسان جوزاف عون ونواف سلام ما اصطلح على اعتباره هواجس أثارها “الثنائي الشيعي” معترضاً على تسمية سلام من قبل غالبية الكتل رئيساً لتأليف الحكومة وترؤسها في العهد الجديد، وفتح هذا التبديد الباب على مصراعيه لإطلاق موجة آمال عالية، لجهة تجاوز المطبات، والتوجه الى خارطة الطريق المتكاملة بين خطاب القسم وخطاب التكليف بمشاركة كل المكوّنات.
ويمكن اعتبار اليوم الاول من عودة الرئيس سلام الى بيروت “يوم الصفح” عن الاشكالات او التسرع في الحسابات الخاطئة، ايذاناً ببدء رحلة الانتقال من ضفة متهالكة الى ضفة صلبة من بناء الثقة والعمل على اعادة بناء الدولة واعمار ما دمرته الحرب العدوانية الاخيرة التي شنت وما تزال على لبنان وشعبه ومدنه وقراه وارضه وجباله واوديته.
وكانت جرت اتصالات مكثفة لمعالجة مقاطعة “الثنائي الشيعي” المتمسك بنجيب ميقاتي رئيساً للوزراء.
وتسارعت عناصر استكمال المؤسسات الدستورية بإجتماع رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة المكلف لوضع النقاط على حروف اعادة بناء السلطة التنفيذية، وبإعلان الرئيس نواف سلام في بيان التكليف ما يشبه عناوين البيان الوزاري للحكومة وتوجهاته للعمل واولوياته وتطميناته للمكوّن الشيعي، واستكملت بالاستشارات النيابية غير الملزمة في المجلس النيابي لإستمزاج رأي الكتل النيابية في تشكيلة الحكومة وبرنامجها. لكن اكد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور ايوب حميد ان كتلتي امل وحزب الله قررتا مبدئيا مقاطعة الاستشارات النيابية غير الملزمة للرئيس المكلف”بسبب ما يمكن ان نسميه الانقلاب على التفاهمات التي حصلت قبيل انتخاب الرئيس عون”. وقال: ان هذه التفاهمات تتعلق اساساً بموضوع تكليف رئيس الحكومة حيث تم التفاهم على تسمية الرئيس نجيب ميقاتي اضافة الى امور اخرى، منها تشكيل الحكومة لجهة شكلها وتوزيع الحقائب، وكيفية الالتزام بتنفيذ قرار وقف اطلاق لنار والقرار 1701 والفهم الدقيق له، واعادة اعمار ما هدمه العدوان الاسرائيلي. للأسف صار ارتداد عن هذه التفاهمات.
وبعد تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة، عقد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون اجتماعاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سلام. وأبلغ الرئيس عون الرئيس المكلف بنتائج الاستشارات النيابية الملزمة، وكلّفه بتشكيل الحكومة الجديدة. وبعدها غادر الرئيس بري القصر مبتسما بدون التصريح، فيما عقد الرئيس عون خلوة مع الرئيس سلام.
بعد الخلوة، اكد الرئيس سلام في بيان مكتوب، “ان إعادة الإعمار ليست مجرد وعد بل إلتزام، معتبرا ان ذلك يتطلب العمل الجاد على التنفيذ الكامل للقرار 1701 وكافة بنود إتفاق وقف إطلاق النار، وفرض الانسحاب الكامل للعدو من آخر شبر محتل من الأراضي اللبنانية”.
وقال: “ان هذا يقتضي العمل أيضا على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية، كما جاء حرفيا ونص عليه إتفاق الطائف. وسيكون على الحكومة التي سيعمل على تشكيلها وضع برنامج متكامل لبناء إقتصاد حديث ومنتج، وان الشرط الأساس لذلك هو قيام دولة قادرة وعادلة”. ولفت الى “أن الأساس في الاصلاحات السياسية هو العمل على تنفيذ احكام الطائف التي لم تنفذ بعد، وعلى تصحيح ما نفذ منه خلافًا لنصه او روحه، وعلى سد ثغراته.
وهذا لا يتحقق من دون العمل على تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة، ومن دون سلطة قضائية مستقلة ومؤسسات امنية فاعلة”.
واكد العمل لإنصاف ضحايا إنفجار مرفأ بيروت ولتحقيق العدالة لهم ولذويهم، ولإنصاف المودعين في المصارف.
بعد بعبدا قام الرئيس الملكف بالجولة البروتوكولية على رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام واتصل بالرئيسين سعد الحريري وحسان دياب. وزار الرئيس السابق العماد ميشال عون في دارته.
وحول صيغة الحكومة، يجري التركيز على فصل النيابة عن الوزارة، وتأليف حكومة من 24 وزيراً اخصائياً ولا ينتمون الى الاحزاب، وصيغة اخرى من 30 وزيراً بينهم 6 وزراء سياسيين.
عون يطمئن الشيعة
وفي اطار طمأنة المكوِّن الشيعي قال الرئيس عون امام وفد من المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى برئاسة الشيخ علي الخطيب: “إنه لا يمكن لمكوِّن ان ينكسر وغيره ألا ينكسر، فإذا انكسر مكوِّن، ينكسر لبنان بأسره. وما حصل بالأمس هو عملية ديمقراطية أوصلت الى نتيجة معينة، وهناك مراحل أخرى. ربما نضطر مرات الى التراجع خطوة الى الوراء، ولكن هناك مصلحة عامة هي الأهم”.
واضاف: “أن أي اعتداء على أي بقعة في لبنان هو اعتداء على كل لبنان، ونحن نضغط باتجاه الانسحاب الإسرائيلي وانتشار الجيش في الجنوب.
ولو كان هناك دولة وجيش في الماضي لما انبرى احد الى المقاومة.
اليوم تختلف المرحلة، الدولة مسؤولة وليس فئة واحدة فقط. الدولة بمجملها، والشعب اللبناني بمجمله هما المسؤولان. وليس مسموحًا ان تحمل فئة واحدة عبء الصراع مع اسرائيل، بل يتشارك جميع اللبنانيين في تحمل عبء هذا الصراع”.
ماكرون وغوتيريش
وفي اطار الدعم المتسارع للعهد الجديد، من المتوقع ان يزور الرئيس ماكرون بيروت يوم الجمعة في 17 الجاري، وفي اليوم التالي، يصل الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش، لتقديم التهاني للرئيس عون، والوقوف على حاجات لبنان للمساعدة في المرحلة المقبلة.
واكدت الرئاسة الفرنسية ان الرئيس ماكرون سيزور لبنان يوم الجمعة، وقالت: “يود رئيس الدولة أن يؤكد من خلال هذه الزيارة التزام فرنسا الثابت بدعم لبنان وسيادته ووحدته. وسيهنئ رئيس الجمهورية اللبنانية السيد جوزاف عون على انتخابه مؤخرا، كما يهنئ رئيس المجلس المكلف السيد نواف سلام”.
اشتباكات البقاع
أمنياً، دارت اشتباكات عنيفة منتصف ليل الإثنين – الثلاثاء حتى الرابعة فجراً، جراء تصادم مسلحين سوريين من قريتي “النهرية” و”المصرية” مع لبنانيين من بلدة “حوش السيد علي” الحدودية بين البقاع الشمالي في لبنان وريف القصير بسوريا، بعد أن كانت جذور الخلاف بدأت بين المسلّحين السوريين أنفسهم بسبب نزاع على التهريب والسلب.
وفي خضم هذه الاشتباكات، حاول بعض السارقين السوريين من “المصرية” استغلال الفوضى للولوج إلى بلدة “حوش السيد علي” الحدودية بغية سرقة الماشية، فاقتحموا البلدة التي يقع نصفها في الأراضي اللبنانية ونصفها الآخر في الأراضي السورية، فأطلقوا عيارات نارية في الهواء، مما دفع الأهالي إلى الرد بالمثل. وهكذا، انتقلت الاشتباكات بين الطرفين على طول هذه الحدود، بدءًا من منطقة العريض السورية وصولًا إلى مطربا السورية، حيث استخدمت الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مما أدى إلى وقوع إصابات في الجانب السوري فقط. وأفيد عن سقوط قتيل في الجانب السوري.
وعمل الجيش اللبناني على تعزيز وجوده في المنطقة.
وفي بيان، ذكرت غرفة عمليات عشائر البقاع أنه “بعد تكرر الاعتداءات على أهالينا في المناطق الحدودية والتعدّي على ممتلكاتهم، والقتل والتنكيل بهم وإخفاء الكثيرين في ظروف غامضة؛ وفي ظل غياب الدولة، سيتمّ التعامل مع أيّ مظهر مُسلّح في المناطق المحددة باللون الأحمر على أنّه عدوّ. لذا يُرجى من المدنيين من كبار السنّ والنساء والأطفال القاطنين في ضيع: “حاويك، الفاضلية، زيتا، مطربا، المصرية” الابتعاد عن مناطق النزاع والاشتباك”.
إلى ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن اشتباكات بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة اندلعت بعد منتصف ليل الاثنين-الثلاثاء، بين عناصر من “حزب الله” من جهة، وأهالي قرية المصرية على الحدود السورية -اللبنانية من جهة أخرى، دون تسجيل خسائر بشرية. وهاجم عناصر الحزب، القرية من ثلاثة محاور، فيما طالب الأهالي بدخول “إدارة العمليات العسكرية” لمساندتهم، التي أرسلت بدورها تعزيزات عسكرية إلى القرية، بحسب المرصد.
يشار إلى أن “حزب الله” استخدم هذه القرية وغيرها من قرى ريف القصير بحمص كمخازن للأسلحة، لا تزال مواقعها مجهولة لإدارة العمليات العسكرية، ويحاول الحزب تهريبها إلى لبنان منذ سقوط النظام.
وفي سياق متصل، دارت اشتباكات عنيفة صباح يوم الثلاثاء بين “إدارة العمليات العسكرية و عناصر تابعة “لحزب الله” عند الحدود السورية اللبنانية الهرمل – القصير، خلال عمليات الأخيرة على ضمان تهريب أسلحته من من مدينة القصير إلى لبنان، دون وقوع خسائر في الأرواح البشرية.
لبنان يفرج عن عناصر للنظام السوري
قضائياً، أفرجت النيابة العامة التمييزية في لبنان عن 18 ضابطًا ورتيبًا من الفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري، والتي يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع. وكان هؤلاء محتجزين في لبنان منذ اليوم التالي لانهيار النظام.
وقام لبنان بخطوة مماثلة في 28 كانون الأول الفائت حين أعلنت قيادة العمليات العسكرية في سوريا عن تسلمها 70 ضابطًا من قوات النظام السوري كانوا قد غادروا إلى لبنان خلال الفترة السابقة.
ووفقًا لمصدر مطلع، اعتقلت الأجهزة الأمنية اللبنانية في البداية 21 شخصًا ينتمون إلى الفرقة الرابعة. وأوضح المصدر أن “ثلاثة منهم أبدوا رغبتهم في العودة إلى سوريا لتسوية أوضاعهم القانونية، بينما رفض الباقون العودة خوفًا على حياتهم”.
وبعد انتهاء الإجراءات الإدارية، أمر القضاء في لبنان بالإفراج عنهم بسندات إقامة، وأُعطي المفرج عنهم، وهم ستة ضباط و12 رتيبًا، مهلة شهر واحد للحصول على تأشيرات سفر ومغادرة لبنان إلى وجهة يختارونها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com