حسابات رقميّة ومواجهة بين فرنجيه وأزعور اهتمام دوليّ بالرئاسة ولودريان موفداً إلى بيروت

من الأليزيه إلى مبنى الكابيتول في الولايات المتحدة، قبل عين التينة والسراي الكبير وبكركي، مروراً بالضاحية الجنوبية وكليمنصو، وميرنا الشالوحي ومعراب، اتجهت الانظار الى الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر أمس. أما المكان فهو مبنى المجلس النيابي في ساحة النجمة وسط بيروت. والحدث، لا يخفى: ليس فقط انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع ان الدعوة هي لانتخاب الرئيس، بل لمعرفة المسار الانتخابي، قبل الدخول الى القاعة، وداخل القاعة، ثم عند توزيع أوراق الاقتراع الى آخر “العملية الجدية” التي تابعها اللبنانيون، بوصفها واحدة من أخطر المسلسلات التي تنغص عليهم حياتهم، وتثقل انتظاراتهم بما لا يريح.
كل فريق في الداخل، درس خياراته وقرر لمن تكون الاصوات، بانتظار الفرز الاخير لما يتراوح بين 29 و25 نائباً درسوا خيار الورقة البيضاء، او المرشح الثالث منعاً للتصنيف ضمن نظام “الخندقة” بين مرشح محور الممانعة سليمان فرنجية ومرشح محور المواجهة جهاد أزعور.
وصدرت تعليمات للنواب بتجنيب الاشكالات او ما يسمى “بالاستفزازات”، أقله قبل بدء الدورة الاولى، الى حين اعلان نتائج الفرز، وهذا ما كشف بعضاً منه النائب جبران باسيل، بعد اجتماع تكتله اذ دعا الى عدم الرد على ما اسماه التخوين.
أما في الخارج، فلعلّ الكشف عن زيارة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الى باريس، واجتماعه يوم غد الجمعة مع الرئيس إيمانويل ماكرون احتل حجر الزاوية في تجدّد الرهانات على تفاهم فرنسي – سعودي يسمح بالدفع باتجاه انتخاب الرئيس، ووضع لبنان على سكة التعافي، قبل ايام قليلة من وصول الموفد الرئاسي جان إيف لودريان (وزير الخارجية السابق) الى بيروت في مهمة مكوكية ليست قصيرة (من الاثنين إلى الجمعة المقبلين).
وقبيل وصول المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان، اجرى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مع سفيرة فرنسا آن غريو جولة افق تتناول الاوضاع في لبنان والمنطقة، والزيارة المرتقبة للموفد الرئاسي الفرنسي الوزير جان ايف لودريان الى بيروت منتصف الاسبوع المقبل.
وفي باريس، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجيّة الفرنسيّة آن-كلير لوجندر في مؤتمرٍ صحافيّ، إنّ وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ستستقبل لودريان للبحث في مهمته المحددة، والأمر ينطوي على متابعة جهودنا من أجل خروجٍ عاجلٍ من الأزمة اللبنانيَّة، وهذا الأمر يعكسُ الأولويَّةَ الّتي تُعطيها الدّيبلوماسيّة الفرنسيّة لهذه المسألة. ولودريان سيضطلع بالمهمَّة الموكلة إليه بتنسيقٍ وثيقٍ وبالتشاور مع وزارة الخارجية.
ولدى سؤالها عن إمكان عقد مؤتمر من أجل لبنان في باريس، قالت لوجندر: إنَّه يتعيَّن علينا في بادئ الأمر أن نُجريَ تقييماً للجلسة البرلمانيَّة التي ستُعقَد لانتخاب رئيس.
في الأثناء وصلت الى باريس خلية الازمة السعودية من اجل لبنان التي تضم المستشار نزار العلولا والسفير وليد البخاري، لعقد اجتماعات مع المسؤولين عن خلية ازمة لبنان في الاليزيه للبحث في الملف الرئاسي. وذلك قبيل زيارة يقوم بها ولي العهد الامير محمد بن سلمان الى فرنسا الجمعة.
ولعل المتابعة الدولية والعربية لم تقتصر على باريس والرياض، بل كان اللافت للانتباه توجيه أعضاء في مجلس النواب الأميركي داريل عيسى، ودارين لحود، وديبي دينغل، بصفتهم الرؤساء المشاركين للجنة الصداقة الأميركية اللبنانية في الكونغرس الأميركي، رسالة عاجلة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن طالبوه فيها بالتحرك العاجل لجهة تأكيد الإدارة الأمريكية بشكل قاطع على أهمية اختيار رئيس يعبر عن تطلعات الشعب اللبناني والمضي قدماً بما يلزم من الإصلاحات الاقتصادية قبل فوات الأوان.
واعتبر النواب أنه إذا كان القادة البرلمانيون والنخب السياسية الأخرى غير قادرة على تطبيق دستور لبنان، وعدم تطيير النصاب القانوني، والسماح بجولات الاقتراع المتعددة اللازمة لاختيار رئيس، فإنه يجب على الولايات المتحدة وشركائها وحلفائها في المنطقة النظر في اتخاذ تدابير أكثر جدية.
الأرقام
وقبل عقد الجلسة بوقت قصير، تحدثت المعطيات الرقمية عن ان المرشح جهاد أزعور ينطلق من قاعدة رقمية لا تقل عن 57 نائباً، بينما ينطلق فرنجية من قاعدة رقمية لا تقل عن 45 نائباً، اي بفارق 13 صوتاً، ويبقى النواب الرماديون، ما بين 20 إلى 25 نائباً.
وقالت مصادر سياسية ان جميع الاطراف كانت تتوقع قبل الجلسة أنه لن يتم انتخاب رئيس للجمهورية، لكنها شددت على ان عنوان الجلسة هو اعطاء إشارة قوية للثنائي الشيعي، بأنه لن يستطيع فرض رئيس للجمهورية، بمعزل عن مشاركة باقي الاطراف السياسيين ولاسيما منها المسيحية، مهما استعمل من وسائل التعطيل والتهديد والترغيب التي يلجأ اليها عادة لتحقيق اهدافه.
تكتل التوافق الوطني
في الأثناء، أعلن تكتل “التوافق الوطني” بعد اجتماعه الثلاثاء، انه “يؤكد الموقف الذي اعلنوه في الجلسة السابقة بأنهم سيشاركون في الجلسة بتوجه موحد وهو التصويت لفرنجية”.
وقال عضو التكتل النائب فيصل كرامي: “الانقسام في البلد عامودي ولهذا نحن نشدد على الحوار، والرئيس نجيب ميقاتي قال لنا “ان البلد لا يمكن أن يكمل بهذا الانقسام وسنذهب الى فراغ ما بعد فراغ لا حكومة ولا حاكم ولا قائد جيش”.
وتابع: “سنلتقي كل الكتل لاقناعها بضرورة الحوار… ونحن سنواصل من العمل الجدي لكسر النمطية والجمود من أجل حوار للتوافق”.
ويضم تكتل “التوافق الوطني” النواب: فيصل كرامي، عدنان طرابلسي، حسن مراد، محمد يحيى وطه ناجي.
وكان اعضاء اللقاء قد زاروا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى. ثم الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي لشرح اسباب واهداف اطلاق التكتل.
وبالنسبة لنواب التغيير، أعلنت النائبة بولا يعقوبيان أن الواقعيّة السياسيّة تُحتّم علينا اتخاذ القرار الأفضل، والرّئيس الحلم غير موجود حتى اليوم، لافتة إلى انها قرّرت إعلان تأييدها ونجاة عون صليبا لجهاد أزعور، و”سنُحاسبه في حال وصوله”. وكشفت ان نوابًا آخرين من المجموعة سيصوّتون لازعور، وبعضهم سيصوّت، لكنه يعتبر الاقتراع سرياً ولا يريد ان يعلن قراره مسبقا.
من جهتها، أكدت النائبة نجاة صليبا انها “تتبنّى ترشيح أزعور لأنه يؤمن بمنطق الدولة، وهو قادر على إعادة لبنان الى الحضن العربي وفتح آفاق التعاون مع المجتمع الدولي للسير بالحلول المطروحة”.
واوضحت انها جلست والنائب ملحم خلف ساعات طويلة لمناقشة كل الامور التي تهم الناس واهمها موضوع التربية والصحة وانفجار المرفأ واستقلالية القضاء لمحاربة الفساد وتأمين العدالة لضحايا المرفأ، الى جانب قضية النازحين حيث قال انه سيضع استراتيجة كاملة للملف قبل ان يتحول الى تهديد وجودي.كذلك حل المشكلات الاقتصادية واموال المودعين.
وفي المواقف، رفضت كتلة التنمية والتحرير بعد اجتماعها برئاسة رئيسها رئيس المجلس نبيه بري “بشدة محاولات البعض تحويل هذا الإستحقاق الدستوري الى متراس لإستحضار مصطلحات العزل والتخوين، وحذرت من مخاطر محاولات البعض اليائسة لتحويل هذا الإستحقاق الدستوري والديموقراطي والبرلماني الى محطة للتخندق خلف محاور الإنقسام المذهبي والطائفي البغيضين من خلال إحياء مصطلحات العزل لهذا المكون أو التخوين لمكون آخر”.
واهابت “بجميع القوى السياسية والكتل البرلمانية والزملاء النواب والإعلام بوجوب التحلي بالمسؤولية الوطنية في مقاربة هذا الإستحقاق وسواه من الاستحقاقات الاخرى”.
وغرّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبر حسابه على “تويتر” كاتباً: “دولة الرئيس نبيه بري، الحوار لا يكون بأن يقوم فريق بعينه في اختيار مرشّح على ذوقه ودعوة كلّ الآخرين للحوار لانتخابه. من جهة ثانية، نحن بصدد إنتخابات رئاسية وليس تفاهمات عشائرية”.
وحمّل تكتل “الجمهورية القوية» بعد اجتماعه برئاسة جعجع عبر تطبيق “زوم” كل مَن يُفقِد النصاب مسؤولية استمرار الشغور وانعكاساته على البلد على الصعيدين المالي والسياسي. وجدد التكتل التأكيد على قراره السابق «التصويت للمرشّح أزعور.
رؤية أفرام لإحياء لبنان
وفي تطور متصل بالاستحقاق الرئاسي عرض النائب نعمة افرام رؤيته الاقتصادية لإحياء لبنان في فندق فينيسيا، بحضور نيابي واقتصادي واعلامي، معتبراً ان الاقتصاد الحر ليس سبب الانهيار المالي، بل الاقتصاد الريعي وغير المنتج وغير المتوازن.
وقال:”إن الواقع الذي وصلناه اليوم مبكٍ، فمن كان يقول إن أبناء لبنان في القرن الـ 21 وأحفاد النهضة العربية والجيل التنويري الذي واكب القفزة التكنولوجية في العالم، يعيشون اليوم في هذا المستوى المتدني المأساوي من الحياة؟”
ورأى أن “الطريق نحو النهوض يجب أن تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية مع مشروع متكامل يعدينا إلى المكان الذي نستحق أن نكون فيه”.
يشار الى ان فتاة من عالم الذكاء الاصطناعي شاركت في تقديم الحفل.
السنيور يسارع الى الردّ
وفي المعمعة هذه، سارع الرئيس فؤاد السنيورة الى الردّ على ما وصفه نشر “معلومات الكترونية” عن بعض وقائع الاجتماع الذي حصل الاحد الماضي في بكركي مع البطريرك الراعي، خلال زيارة السنيورة مع وفد مؤلف من الوزراء السابقين وبعض الشخصيات.
وجاء في الرد: لقد ذكرت تلك المواقع الإلكترونية أنَّ البطريرك بشارة بطرس الراعي، وخلال التداول جرى التطرُّق لما حصل مع المطران عبد الساتر في لقائه مع السيد حسن نصر الله موفداً من البطريرك الراعي. وحيث كان السؤال الذي طرحه المطران عبد الساتر على أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله عما يقصد “بالرئيس الذي لا يطعن المقاومة في الظهر؟”
فردّ السيد نصر الله: “أي أن لا يعمل كما فعل الرئيس فؤاد السنيورة في العام 2006، وهو الذي كان يُعد مشروعاً لتهجير الشيعة اللبنانيين من لبنان الى جنوب العراق”.
أضاف: “يهم المكتب الإعلامي للرئيس السنيورة أن يوضح أنَّ: هذا الكلام الذي نُقِلَ عن لسان السيد حسن نصر الله هو وهمٌ مختلقٌ بكامله، وهو محض فبركة لأساطير لا أساس لها من الصحة على الاطلاق إلاَّ في ذهن قائلها”.
مجلس الوزراء
على الصعيد الحكومي، ترأس الرئيس ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء عند الثالثة من بعد ظهر الثلاثاء في السراي وذلك لاعداد ورقة لبنان الى مؤتمر بروكسل للنزوح السوري، وتم اقرار العقد بالتراضي في تعيين المحاميين ايمانويل داوود وباسكال بوفيه في القضية المقدمة من الدولة الفرنسية ضد حاكم مصرف لبنان في قضية السيدة الاوكرانية انا كاساكوفا.
وعلم ان الوزير عصام شرف الدين سيغادر الى دمشق نهاية الاسبوع للتحضير لزيارة الوفد الوزاري بعد عودة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب من مؤتمر بروكسيل. وهو كوزير مهجرين تقدم بمطالعة لورقة التفاهم مع الجانب السوري التي تم انجازها في شهر آب من سنة ٢٠٢٢، كما تمت مناقشة الورقة خلال الجلسة وإجراء بعد التعديلات عليها بناء لإقتراحات الوزراء واضافة ٣ بنود جديدة سيناقشها شرف الدين مع الجانب السوري.
وافادت المعلومات عن حصول إشكال في الجلسة بين وزيري الاقتصاد أمين سلام والسياحة وليد نصار، على خلفية مطالبة سلام بصلاحية وزارته بشأن مشاركة لبنان في معرض “إكسبو قطر” فيما تم تفويض نصار بها، وتوجّه نصار لسلام بالقول: “بدك تعمل رئيس حكومة عمول بس مش عليّ”.
وردّ سلام على نصار بالقول: “بعمل رئيس حكومة عليك وعلى يلّي أكبر منك”.
وتحدث ميقاتي في بداية الجلسة فقال: “علينا أن نمضي في العمل لمعالجة الملفات الاساسية وتسيير عجلة الدولة، ضمن الامكانات المتاحة، ونسعى بشكل اساسي الى مساعدة العاملين في القطاع العام على تمرير هذه المرحلة الصعبة، وأعلم ما يبذله كل واحد منكم في وزارته. في المقابل، فاننا نتمنى على موظفي القطاع العام عدم مواجهة الايجابية بسلبية، خاصة وأننا في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء اتخذنا مبادرة بدفع سبعة رواتب كسلفة على الرواتب. وسيتم دفع الرواتب الاربعة المتبقية قبل الخامس عشر من الشهر الجاري، ونحن نسعى ليتمكن القطاع العام من الاستمرار في عمله.
اضاف: في هذا السياق ايضا اؤكد انه في آخر حزيران لن نتمكن من دفع الرواتب اذا لم يصر الى اقرار الاعتمادات الاضافية في مجلس النواب، رغم ان السيولة متوافرة في حسابات الخزينة، وهناك تحصيل جيد لايرادات الدولة، مع الاشارة الى ان شهر أيار كان الاعلى على صعيد الايرادات منذ فترة طويلة.
وقال : موضوع الترقيات العسكرية والتعيينات ليسا متلازمين، فملف الترقيات سنعرضه على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار في جلسة مجلس الوزراء بداية الاسبوع المقبل. ملف الترقيات تم وضعه مجددا على طاولة البحث بعدما زارني قائد الجيش وطلب اقرارها لأنها تعطي معنويات لضباط الجيش. كما زارني وزير الداخلية والمدير العام لقوى الامن الداخلي وطلبا اقرار الملف المتعلق بقوى الامن الداخلي وتابع: بموجب قانون الدفاع الوطني فان اي فراغ في القيادة العسكرية يحول الصلاحيات الى رئيس الاركان، وفي غياب رئيس الاركان لا يمكننا التكهن بما قد يحصل.
اما في موضوع النازحين السوريين فقرر المجلس تأكيد موقف الحكومة المبدئي والنهائي بوجوب عودة النازحين السوريين الى بلدهم عودة كريمة آمنة تنسجم مع القرارات الدولية، لاسيما مع القرار 2254 مع ما يستدعيه ذلك من تنسيق مباشر مع الجانب السوري من خلال وفد وزاري برئاسة وزير الخارجية والمغتربين وعضوية وزراء المهجرين، الشؤون الاجتماعية، العمل الثقافة، السياحة، الزراعة، الإعلام، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع والمدير العام للأمن العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com