ديون الروبوت الكارثية

نشكر الله أننا في دولة النظام والقانون، فلا يُحكم على ديما صادق بالسجن، بينما مرتكبو جريمة المرفأ، وجرائم أخرى سابقة تشيب لها رؤوس الولدان، ذهب ضحيتها نواب ومسؤولون، ومواطنون، لا يجرؤ قاض على فتحها.
نحن في دولة أستراليا، ولا يسلم قيادي أو زعيم، أو متنفّذ من الحكم العادل الذي تفرضه مصلحة الشعب. وعندما نسمع أن ضحايا برنامج “ديون الروبوت” ينظرون في رفع دعوى مدنية للحصول على تعويض، بعد نتائج اللجنة الملكية بشأن هذا البرنامج، لا يمكننا إلا أن نؤيد هذا الاتجاه، للتعويض على الأقل، عن الخسائر المعنوية التي مني بها مواطنون من غير وجه حقّ.
والضرر الذي حصل لهؤلاء يبرّر أي فعل بهدف الوصول إلى التعويضات، بعدما تبين أن صاحب المنصب العام مسؤول عن الخطأ، وأيّ خسائر ناتجة عنه.
وهذه ليست المرّة الأولى التي تُرفع فيها دعوى من هذا القبيل، فقد أسفرت دعوى جماعية سابقة عن استرداد ديون غير صحيحة مع الفوائد، وإلغاء ديون أخرى مستحقة من خلال النظام “غير القانوني”.

ونحن لا نتحدث هنا عن مظالم مالية فقط، بل عن مقدار هائل من المعاناة والأذى النفسي الناتجين عن ملاحقات غير عادلة، أدّت ببعض الضحايا إلى الانتحار. ومن تلك القصص المؤلمة، ما حدث لامرأة من تسامانيا، تبلغ من العمر 75 عامًا، كانت تعمل بدوام جزئي كممرضة، وأجبرت على بيع منزلها، بعدما تمت ملاحقتها لتسديد ديون لم تكن أساساً متوجبة عليها.
وتروي المرأة أنها تلقت رسائل لا حصر لها في البريد، تطالبها بسداد دين لم تكن مدينة به. كما تم تهديدها بإجراءات قضائية.
وللدلالة على فظاعة البرنامج المشؤوم، يكفي أن نشير إلى أنه جمع بشكل غير قانوني 1.76 مليار دولار من الديون المزعومة لصالح سنترلينك، من أكثر من نصف مليون مواطن.
وتتذكر الوالدتان كاث مادجويك، وجنيفر ميلر انتحار ولديهما الشابين، بسبب ملاحقات متكررة من قبل سنترلنك لاسترداد ديون غير صحيحة. فقد أبلغ جرّاد (22 عاماً) والدته
كات، بأنه تجادل مع سنترلينك، قبل أن يقدم على الانتحار في تموز 2019، ومثله فعل الشاب الآخر رايس كوزو، الذي تلقى 6 رسائل متتالية من شركة تحصيل ديون لردّ مبلغ 18000 دولار، وكانت آخرها بطاقة وضعت في صندوق بريده. وأقدم رايس على الانتحار في يوم أستراليا – 2019.
وصدرت دعوات من مواطنين ومؤسسات مدافعة عن حقوق الإنسان إلى رئيس الوزراء الفيدرالي أنطوني ألبانيزي وحكومته، لدعم أي إجراء قانوني محتمل، بخصوص سوء أداء الوظيفة العامة، أو إساءة استخدام الإجراءات، أو تحريف الحقائق…
فلا ينبغي في هذه الحال، التستّر، والميوعة، والاختباء خلف الوظيفة، لوأد القضية في مهدها. ومهما يكن شأن المرتكبين، فمن الطبيعيّ أن يمثلوا أمام القضاء، ولا أحد كبيراً كان أم صغيراً، يجب أن تكون فوق رأسه خيمة.
ج.د.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com